يستمر الحرس الثوري والأجهزة الأمنية الأخرى بفرض القبضة الحديدية القمعية على الشعب ومحاولات الامساك بالشارع فهل ستفلح سياسة القمع في الحد من استمرار الثورة الجديدة؟
 

شهدت المناطق الإيرانية عامة والعاصمة طهران بشكل خاص أقوى التظاهرات الشعبية منذ تثبيت حكم ولاية الفقيه مع انتصار الثورة عام 1979.

بعد 41 عاما على الثورة ما زال الشعب الإيراني تواقا إلى الحرية وما عاناه الجيل السابق من نظام محمد رضا بهلوي هو ما يمارسه اليوم بحق الشعب، فخرجت ثورة الشباب الإيراني احتجاجا على الأنظمة السياسية والدينية في آن واحد، ولأن سلطة الدين أقوى بطشا واستبدادا كانت التظاهرات هي الأقوى في تاريخ إيران عندما عمّت أكثر من 22 مدينة وقرية، وقد فات القيادة الإيرانية بكل مكوناتها السياسي والأمني والديني أن الشعب الإيراني الذي ثار على الشاه رضا بهلوي وجاء بالخميني، هو عينه الآن من يطالب بالموت للديكتاتورية المغلفة في الرداء الديني والعقائدي وهو أمر لا يعني حتما هذا الشعب بقدر ما يعنيه من العيش الكريم وممارسة حريته والحصول على حقوقه المعيشية .

وبعد مشاهدة الساحات والشوارع الإيرانية على مدى الاسبوعين الماضيين يطرح السؤال نفسه هل هي فعلا احتجاجات على رفع أسعار البنزين؟ أم هو الوجع الذي يعانيه الشباب الإيراني من القهر السياسي والاستبداد الديني والقمع الأمني؟.

إن ما يعانيه الايرانيون منذ أربعة عقود من عمر الثورة الخمينية أخرج هذه التظاهرات الشبابية اليوم لتقول كلمتها أن الزمن قد تغير بعد حياة طويلة من القمع وخنق الحريات وظلم الفقهاء والأولياء فيما ينتشر الفساد النخبوي على أوسع نطاق ولم يغب عن الشعب أيضا حجم الإنفاق في سبيل ما يسمى تصدير الثورة الذي أدى إلى إفقار الشعب بالرغم من الثروات الهائلة التي تتمتع بها إيران .

اقرا ايضا : سامي كليب أراد أن يكون حراً فانتصر!!

 

التظاهرات فاجأت النظام وأدواته لا سيما الحرس الثوري الذي لا يملك سوى سياسة البطش والتصدي فبالإضافة إلى القمع الدموي الذي أودى بحياة 200 متظاهر حسب التقديرات الدولية، لجأ النظام  إلى قمع جديد بقطع الإنترنت بشكل شبه كامل في البلاد مع استمرار الاحتجاجات ثم خرج بمزاعم حول إعادته مجددا، لكن الخدمات لا تتجاوز مستوى 15% فقط، بحسب موقع "نت بولكس"، المتخصص في تتبع حقوق المجتمعات المدنية الرقمية والأمن السيبراني، وأضافت نتبلوكس: "لقد أظهرت بيانات الشبكة خلال الوقت الفعلي أن الاتصال قد انخفض إلى 7% فقط من المستويات العادية بعد 12 ساعة من الانقطاع التدريجي للشبكة، مع استمرار الاحتجاجات العامة في جميع أنحاء البلاد.
ويذكر أن مجموعة نتبلوكس هي من منظمات المجتمع المدني وتتعامل مع الحقوق الرقمية والأمن السيبراني وإدارة الإنترنت، وتقول إنها تسعى إلى "مستقبل رقمي مفتوح وشامل للجميع".

وفي هذا الوقت يتعهد وزير الداخلية الايراني بمزيد من القمع تجاه المتظاهرين ليستمر مسلسل القمع الديني والسياسي بحجة المحافظة على النظام وتحت ذريعة نظرية المؤامرة، حيث اعترف وزير الاتصالات الايراني محمد جهرمي  ووفقا لما نقلته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية: " أن قطع شبكة الانترنت العالمية قد خلق الكثير من المشاكل في حياة المواطنين وانني مطلع على ذلك من خلال الاتصالات الكثيرة التي تلقيناها خلال الاسبوع الأخير. 
وأضاف: "المسؤولية الحساسة المتمثلة بالحفاظ على امن واستقرار البلاد هي على عاتق المراجع الامنية العليا حيث اتخذ قرار تقييد الانترنت للحفاظ على استقرار المجتمع وتم ابلاغه للشركات المشغلة لخدمات الانترنت، وانني بصفتي وزيرا للاتصالات كنت احمل هاجس توفير الامكانية للجميع للتمتع بالإنترنت والاعمال المعتمدة التي تجري عبر الانترنت واعتقد ان الحياة من دون الاجواء الافتراضية والشبكة العالمية غير ممكنة".
وفي محاولة جديدة لتضليل الرأي العام ذهب نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني، علي فدوي، إلى تشبيه الاحتجاجات الأخيرة في إيران بعملية "كربلاء-4" أثناء الحرب العراقية - الإيرانية، بحسب ما نقل عنه موقع قناة "إيران إنترناشونال – عربي.
وفي كلمة ألقاها أمام وحدات "صاحب الزمان" العسكرية في العاصمة طهران، أضاف أنه في اليوم الأول "تورطت" 28 محافظة في الاحتجاجات، و"حاربنا لمدة 48 ساعة"، وتمكنا من احتواء الاحتجاجات.
يذكر أن عملية "كربلاء-4" نفذتها إيران في يناير 1987، خلال الحرب العراقية - الإيرانية، وتم الكشف عنها بعد ذلك، وتكبدت إيران فيها أسوأ هزيمة عسكرية آنذاك.

وبالتوزاي مع خطابات المؤامرة للقيادة الايرانية العليا وتضليل الرأي العام الإيراني بإسقاط نظرية المؤامرة على الاحتجاجات يستمر الحرس الثوري والأجهزة الأمنية الأخرى بفرض القبضة الحديدية القمعية على الشعب ومحاولات الامساك بالشارع فهل ستفلح سياسة القمع في الحد من استمرار الثورة الجديدة؟