العنف ضد المرأة هو سلوك عنيف مُتعمَّد موجّه نحو المرأة، ويأخذ عدة أشكال سواء كانت معنويّة أو جسدية، وحسب تعريف الأمم المتحدة فإن العنف ضد المرأة هو السلوك المُمارس ضد المرأة والمدفوع بالعصبيّة الجنسية، مما يؤدّي إلى معاناة وأذى يلحق المرأة في الجوانب الجسديّة والنفسيّة والجنسيّة، ويُعدّ التهديد بأي شكل من الأشكال والحرمان والحد من حرية المرأة في حياتها الخاصة أو العامة من ممارسات العنف ضد المرأة. 
 
إن العنف ضد المرأة انتهاك واضح وصريح لحقوق الإنسان؛ إذ يمنعها من التمتع بحقوقها الكاملة، وله عواقب خطيرة لا تقتصر على المرأة فقط، بل تؤثر في المجتمع بأكمله؛ لما يترتب عليه من آثار اجتماعيّة واقتصاديّة خطيرة.
 
ومن الجدير بالذكر أنّ العنف ضدّ المرأة لا يَعرف ثقافة أو ديانة أو بلداً أو طبقة اجتماعيّة بعَينِها، بل هو ظاهرة عامة.

 

أنواع العنف ضد المرأة
1- العنف الجسدي: يُعدّ العنف الجسدي من أكثر أنواع العنف انتشاراً ضد المرأة، وعادةً ما يتسبّب به زوجها أو أحد أفراد عائلتها من الذكور، ويشمل هذا النوع من العنف أيّ أذى جسدي يَلحق بالمرأة، سواء كان اعتداء بالضرب أو باستخدام آلة، وتترتب على العنف الجسدي مخاطر صحيّة ونفسية كبيرة للضحية، وقد يتسبّب في بعض الأحيان بوفاة الضحيّة نتيجة القوة المُفرِطة والضرب المُبرِح الذي تعرّضت له.

كما يشمل العنف الجسدي جرائم الشرف التي تُرتَكَب بحق المرأة في حال التشكيك بعفّتها من قِبَل أحد أفراد أُسرتها الذكور.

2- العنف اللفظي والنفسي: هو العنف المُمارَس ضد المرأة من خلال ألفاظ مُهينة أو شتائم تنتقص من قدرِها، بالإضافة إلى التهديد اللفظي وسوء المعاملة، ويشمل ذلك التهديد بالطلاق، وللعنف النفسي آثار سلبية تنعكس على نفسية المرأة، بالرغم من عدم وجود آثار واضحة، إلا أنه يؤدي إلى إصابة المرأة بأمراض نفسية حادة كالاكتئاب.

3- العنف الجنسي: يأخذ هذا العنف أشكالاً عديدة منها التحرش الجنسي أو أي تهديد جنسي، أو أي علاقة تُفرض بالإكراه، أو الاغتصاب. وقد يكون هذا الشكل من العنف مُمارس من قِبَل الزوج نفسه في بعض الأحيان. كما يندرج تحت هذا النوع من العنف، العنف الجنسي في حالات الصراع، والذي يعني خطورة تعرض المرأة للاغتصاب في المناطق التي تُعاني من حالات عدم الاستقرار السياسي والحروب.

4- العنف الاقتصادي: هو العنف الذي يمنع المرأة من الحصول على استقلاليتها الاقتصادية، وإبقائها كتابِع لأحد أفراد أُسرتها، ويشمل هذا النوع من العنف حرمان المرأة من التعليم والعمل والتدريب مما يؤهلها لدخول سوق العمل، وحصر مجال عملها داخل المنزل فقط، مما فيه انتهاك لحق المرأة بالعمل والحد من حريتها في اختيار عمل ما تُحب.

أشكال العنف ضد المرأة 
1- الإساءة الجسديّة: تشمل أيّ اعتداء قد يُسبّب الألم للضحيّة؛ كالضّرب أو الركل أو القتل. 

2- الإساءة العاطفيّة: وهي كلّ إساءة متعمَّدة تتسبّب للمرأة بمشاعر سلبيّة، كالتقليل من قيمتها. 

3- الاعتداء الجنسي: يُقصد به محاولة إجبار الآخر على المشاركة بأيّ نشاط جنسي، كالتحرُّش بالملامسة أو الاغتصاب. 

4- التعنيف النفسي: هو الضغط على المرأة نفسياً باستخدام أساليب التخويف والتهديد للتحكم بها. 

5- الاعتداء الاقتصادي: يشمل السرقة، أو التحكم بأموال المرأة، أو إساءة استخدام مواردها الماليّة دون أيّ تفويض منها. 

6- العنف الروحي: أي إجبار المرأة على اعتناق ديانة أو تبني معتقدات مخالفة لقناعاتها. 

7- الإساءة الثقافيّة: هي أيّ نوع من الأذى الذي يحدث نتيجةً لثقافة، أو تقليد سائد في مجتمع ما، كجرائم الشرف. 

8- العنف اللفظي: هو استخدام كلمات مسيئة للآخر، سواء كانت ملفوظةً أو مكتوبة. 

9- الإهمال: يُعتبر الإهمال من أشكال العنف الشائعة، ويقصد به الحرمان من الرعاية أو الحاجات الأساسية.

أسباب العنف ضد المرأة 
- الدوافع الاجتماعيّة: إن العوامل الاجتماعيّة من أبرز الدوافع لارتكاب العنف ضد المرأة، وتشمل العوامل الاجتماعية تدني مستوى التعليم وتفشي الجهل بين أفراد المجتمع، وبالتالي سهولة التأثُّر في المعتقدات الخاطئة المُتعلقة بشرف العائلة والعفاف والتي تنتشر في المجتمع والبيئة المُحيطة، إلى جانب تبنّي وجهات النظر الداعية إلى فرض القوة الذكورية والتي تظهر على شكل العنف الجسدي والجنسي على حد سواء. 

- الدوافع النفسية: إنّ العوامل النفسية التي تشكلّت في شخصيات مُرتكبي العنف ضد المرأة في الصِغَر تؤثر بشكل كبير في سلوكياتهم والتي تظهر على شكل سلوك عدائي في الكِبَر؛ ومن أبرز هذه العوامل النفسية تَعرُّض مُرتكب العنف للإيذاء بأي شكل من الأشكال في طفولته، أو وجوده في بيئة أُسرية تنتشر بها حالات تعنيف الأبوين، أو اعتداء الأب على الأم بأي شكل من الأشكال، إلى جانب اضطرابات الشخصية التي قد تُؤدي إلى خلق شخصية مُعادية للمجتمع. 

- الدوافع الاقتصادية: تُعدّ العوامل الاقتصادية من أكثر دوافع العنف ضد المرأة التي تشهدها عدة مجتمعات في وقتنا الحالي؛ والسبب في ذلك يعود إلى الضغوطات الاقتصادية التي تُعاني منها شريحة واسعة من المجتمع، وتدني المستويات المَعيشية، وتفشّي البطالة والفقر، حيث تُشكل هذه الأسباب مُجتمِعَة ضغوطات نفسيّة كبيرة على مُعيلي الأُسرة، التي تتصادم في كثير من الأحيان مع نزعة المرأة الاستهلاكية.

وظائف قانون العُنف الدَّولي ضِدَّ المرأة 
- تقديم المِنَح، والبرامج المختلفة للمُؤسَّسات، كملاجئ الأطفال المُعنَّفين منزليّاً، وبرامج التوعية المُقدَّمة للمُراهقين في المدارس حول مُواجهة العُنف المنزليّ، والعُنف، والاعتداء الجنسيّ، والمُطاردة. 

- اتّخاذ الإجراءات اللازمة؛ للحفاظ على سرِّية معلومات الملاجئ التي يُقيم فيها من يتعرَّض للعُنف المنزليّ، وسرِّية عناوين الأشخاص الذين تمّت إساءة معاملتهم. 

- السعي إلى زيادة فهم الحكومة للعُنف ضِدَّ المرأة، وذلك بتكليف المُدَّعي العام للبحوث الاتّحادية، والأكاديميّة الوطنيّة للعلوم، ووزير الصحَّة، والخدمات الإنسانيّة، بإجراء أبحاث بهذا الخصوص. 

- متابعة حالات الاعتداء الجنسيّ على النساء، وعلى الإناث اللواتي يُعانينَ من مُتلازمة داون، من خلال إجراء دراسات خاصَّة حول تلك الاعتداءات، وخاصّة التي تحصل في الحرم الجامعيّ.

 

آثار العنف ضد المرأة 
- الآثار الصحية: المتضرر الأول من العنف ضد المرأة هي المرأة نفسها، وتتأثر المرأة بمشاكل صحية مثل الإصابات الخطيرة، والكدمات والجروح، التي قد تُؤدي إلى اضطرابات داخلية، وبعض المشاكل في الجهاز الهضمي، والتأثير في الحركة، وتدني مستوى الصحة العامة، وقد تؤدي بعض حالات العنف إلى الوفاة. 

- الآثار النفسية: يترتب على العنف عدد من المشاكل النفسية مثل الاكتئاب الحاد والاضطراب النفسي، والتي قد تقود الضحية إلى محاولات الانتحار نتيجة للضغط النفسي الكبير الذي تقع تحته، كما يمكن أن تُسبب مشاكل مثل إدمان شرب الكحول، والتدخين، وإدمان المخدرات، الأمر الذي ينعكس على صحة المرأة النفسية في مراحل مُتقدمة. 

- الآثار الاجتماعية: لأن المرأة عضو فاعل في المجتمع؛ فإن كل ما تمر به ينعكس على أُسرتها ومُحيطها المجتمعي بشكل كبير، ومن المشاكل التي يسببها العنف ضد المرأة الاضطرابات الأُسرية التي بدورها تنعكس على الأطفال بشكل كبير، وقد تؤدي إلى إصابتهم بعدم استقرار نفسي وعاطفي، وهو ما يؤثر في سلوكاتهم المجتمعية في مراحل متقدمة من العمر. 

- المشاكل الاقتصادية: يُشكل العنف ضد المرأة عائقاً كبيراً أمام ممارستها دورها الفاعل في المجتمع؛ فعند تعرضها للعنف تنطوي المرأة على نفسها، الأمر الذي يحُد من مشاركتها كعضو فاعل في المجتمع ويحرمها من استثمار قدراتها في الدفع الاقتصادي للمجتمع. 

الوقاية من العنف ضد المرأة 
للتصدي للعنف ضد المرأة وإيقافه بشكل تام يجب على جميع أفراد المجتمع التكافل فيما بينهم بشكل كبير، وتبدأ الوقاية من المناهج الدراسية التي يجب أن تضم برامج للتعريف بالعنف ضد المرأة وحمايتها منه، ونشر الوعي الصحي والثقافي حول هذا الموضوع، إلى جانب الخطط الاقتصادية التي تُمكّن المرأة من تعزيز دورها في المجتمع وإبرازها كعضو فاعل فيه من خلال تقديم الدورات التدريبة لها لدعم تطوير مهاراتها وقدراتها، وتشجيع الاستراتيجيات الوطنية التي تعزز المساواة بين الرجل والمرأة وتقديم فرص مُتساوية لكل منهما، بالإضافة إلى تضمين البرامج الوطنية التي تصون العلاقة بين الأزواج وتعزيز مفهوم قيام العلاقة على مبادئ الاحترام والتفاهم لخلق جوّ أُسري صحي للأطفال والعائلة ككُل.

إحصائيات حول العنف ضد المرأة 
تعمل الوكالات والمنظمات العالمية على تكثيف جهودها البحثية والإحصائية للتوصل إلى أرقام دقيقة حول ظاهرة العنف ضد المرأة، ومن أبرز الإحصاءات التي توصلت إليها كل من منظمة الصحة العالمية، وكلية الطب وطب المناطق المدارية في لندن، ومجلس البحوث الطبية في جنوب أفريقيا:

- أكثر من 35% من نساء العالم تعرضنّ للعنف الجسدي أو الجنسي على يد أحد الأقرباء لهنّ من شريك حميم أو غيره من الأشخاص. 
- تعرضت 30% من نساء العالم للعنف الجسدي على يد شريكهم في العلاقة.
-38% من جرائم قتل نساء في العالم كانت على يد الرجال الذين كانت تربطهم بهنّ علاقة. 
- تعرضت 7% من نساء العالم للاعتداء الجنسي من قِبَل شخص لا تربطهم به علاقة. 
- وصلت احتمالية ولادة النساء اللواتي تعرّضن للعنف الجسدي لأطفال ذوي وزن ناقص لـ 16%، بينما وصل احتمال إصابتهن بالاكتئاب إلى الضعف.

 

الحد من ظاهرة العنف ضد المرأة 
تتعرّض المرأة بجميع المجتمعات إلى أنواع وأشكال مختلفة من العنف وانتهاك لحقوقها، مما يسبب لها المعاناة النفسية والجسدية، بالإضافة إلى تمزق نسيج المجتمع بكامله؛ لذا ظهرت العديد من الجهات ومنظمات حقوق الإنسان التي تُطالب بوقف ظاهرة العنف ضد المرأة، ففي عام 2008 أُطلق شعار "فلنتحد لإنهاء العنف ضد المرأة" الذي يهدف إلى إجبار البلدان والدول على وضع قوانين وطنية من شأنها القضاء على جميع أشكال العنف ضمن معايير حقوق الإنسان الدولية، كما تهدف هذه القوانين إلى تجريم العنف ضد المرأة ومعاقبة الجناة بالإضافة إلى دعم وتمكين الضحايا وتعزيز ثقتهم بنفسهم.

المجتمع والعنف ضد المرأة 
تُعدّ ثقافة المجتمع والمفاهيم السائدة فيه أحد أهم أسباب العنف ضدّ المرأة، فالبعض لا يقر بوجود العنف، ولا يأخذ مخاطره على محمل الجد، باعتبارها لا تستدعي الرد أو اتخاذ أيّ إجراءات رادعة، ويُعزى هذا الاعتقاد إلى موروثات تعتبر تعنيف الرجل للمرأة أمراً مشروعاً ومبرَّراً ، بحجّة أنّ الرجل عنيف بطبيعته، ويصعب عليه التحكّم بغضبه.

العنف الجسدي ضد المرأة 
يحتاج فعل العنف إلى عنصرين أساسين هما: المعنِّف والمعنّف، حيث يمارس المعنّف أفعالاً قهرية تشكل خطراً على المعنَّف، وتطعن بكرامته، وتحرمه الحرية، وقد شرع الإسلام من الحدود والعقوبات ما يحمي به المرأة ويحمي المجتمع من هذه الممارسات، ويقع على كاهل المؤسسات الدينية والقانونية العمل على تصحيح المفاهيم المغلوطة الخاصة بالعنف الموجّه ضد النساء، فقد شرّع الإسلام من القوانين ما حمى به المرأة من التعنيف، حيث أعطاها الحق في طلب الطلاق، كما أعطى المرأة المغتصبة حق في المهر والأرش في بعض الحالات، وشدد الإسلام على مسألة إقامة الحدود، وإحياء سنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإن كان الضرب مشروعاً في حالة نشوز المرأة، وهو ضرب غير مبرح، فإنّ الأفضل أن يجتنبه المسلم، ولا يجوز لمسلم أن يضرب أمه أو خادمته، فقد شرع الضرب لغايات التأديب، وليس لغايات التشفي أو الانتقام.

حلول لظاهرة العنف ضد المرأة 
1- العمل سريعاً على دحر الثقافة القائمة على تهميش المرأة والإساءة لها، ويكون ذلك عبر خططٍ اجتماعيةٍ وتنمويةٍ تشاركية، تُساهم فيها المؤسسات الرسمية الفاعلة، والمنظمات الأهلية والمدنية في المجتمع، ورجال الإصلاح والدين، ووسائل الإعلام المحلية كذلك.

2- تفعيل القوانين الخاصة بحفظ حقوق المرأة، سواء على صعيد الأُسرة، أو على صعيد العمل، والحقوق المشروعة، بالإضافة إلى إجراء العديد من التعديلات على القوانين القديمة، أو التي لم تعد مُجدية في الوضع الراهن.

3- دفع الناس إلى ممارسة الحياة جنباً إلى جنب بمشاركة المرأة: حيثُ تخشى العديد من العائلات منح المسؤولية للنساء، أو معاملتهن بشكلٍ مختلف عن الآخرين، خشية مهاجمتهن بالكلام وتشويه السمعة، وهذا ما يُعزز من وجود التخلف الاجتماعي والثقافي، وجعله ينخر في عقول المجتمعات لعقودٍ طويلة.