من المعيب أن يكونوا دعاة الثورة ضدّ الثورة و أن يتحولوا الى عسس أو إلى قطّاع طرق أو إلى مجموعات تمارس أعمال البلطجة هنا أو هناك دفاعاً عن لا شيء عن وهم مختلق أو عن شخص لا يستحق عناء الطريق بحثاً عن جائع لضربه أو عن شعار ثائر مرفوع ضدّ سلطة الفساد لحرقه بمادة الحقد و نار الغل إنتصاراً للظلم ومبايعة للظالم .
 
لا تستحق الثورة أو ما شئتم فسموا غضب الناس ما طاب لكم من الأسماء فما عادت الأسماء تعكس صور الواقع  ولا تناقض وجه الحقيقة فالأزمة أكبر من كبريت ليلكم و أكثر نضجاً للإلتباساتكم المتعدّدة الوجوه كونها مرآة مجتمع سئما من فساد الفاسدين و من سياسات لم تأت بشيء جميل يسرّ القلب و أهل هذه السياسات إعترفوا بذنوبهم و قالوا سرّاً و جهراً لقد ملأنا أرضنا فساداً و ظلماً و جوراً و صرخة الناس ليست بواد إنّها صرخة المفجوع و المظلوم ولقد كابرتم أنتم المعتكفون عن الظلم و رحتم تغطوا الظالمين بأبشع الدعايات التي إتهمتم بها أنتم من قبل يوم كنتم قلّة تنؤ بسلاسل السلطة  .
 
عجباً كيف يصبح الثائر على السلطة المستبدّة والظالمة مستبدّاً و ظالماً عندما يصل إلى كرسيّ السلطة بل و يصبح أكثرسؤاً من السالفين السلفيين . يبدو أن بنية العقل في الشرق و احدة و لا مجال معها لإحداث تجربة عاقلة بعيدة عن عضلة القوّة وهذا ديدن الجميع من الشيوعيين إلى القوميين فالإسلاميين إلى اليمين بكل صيغه و اليساريين بكل نماذجهم فلا تجربة إستقامت على جودي العقل و الإعتراف و حق الإختلاف و حق المشاركة السياسية فكل الحقوق ممنوعة و كل من يخرج شاهراً لسانه لا سيفه كما قال إمام الثائرين و أبو الثوار علي بن أبي طالب عليه السلام  يقطع و يتهم بدينه و يتم تكفيره و تخوينه و تشنّ عليه حملات الحمقى و الأغبياء المنتشرون بكثافة في أحزاب أمّة العرب و المسلمين .
 لقد حرق المتصيدون بالماء الصافية قبضة الثورة ظنّهم أنهم نالوا شرف النيل منها و لبسوا قميص النصر و فرحوا كما فرح المؤمنون يوم بدر أو كما سيفرح المؤمنون يوم دخول المسجد الأقصى لا ريب في هزيمة نصر المنتصرين على أهلهم و لا شيء يُثمّن أدوار من يتأبط شرّاً بناس عزّل لا حول لهم ولا قوّة  من قوّة المدفع و الصاروخ و الطائرة .
 
لنا في الإعتراض على المعترضين على الفاسدين و لصوص السلطة الكثير من المواقف و لكن لا يمكن تخوين أغلاطهم أو الدعوة لقمعهم بقوّة النار و البارود كما صرّح أكثر من لصّ سياسي يعتاش على الفتن الداخلية و قد بنى مجده الشخصي على حساب الصراعات المحلية و هذا ما أكسبه زعامة شارع أو زاروب في مذهب أو في طائفة و الأمثلة غير محصورة في لصّ واحد لأنهم يتكاثرون بشكل يومي و يبرزون بشكل واضح في مثل هذه الأيّام العصيدة و التي تحتاج إلى من يذكيها بسمومه و بنيران أحقاده و تراهم الأكثر حضوراً  في الهواء الطلق حيث تمنحهم و سائل الإعلام الموجه الوقت المفتوح لكبّ سمومهم دفعاً للفتن لا حقناً للدماء .