للأسف الشديد، ومع الإحترام والتقدير لمقام رئاسة الجمهورية، يُطلّ فخامة الرئيس ميشال عون على اللبنانيين في عيد استقلال لبنان السادس والسّبعين، وبعد اليوم السادس والثلاثين من انطلاقة الثورة الشعبية، بخطابٍ رتيب، كل ما فيه صياغة إنشائيّة، وترداد عبارات بديهية تصلح لكلّ زمانٍ، ما عدا الزمن العصيب الذي يمرُّ به لبنان هذه الأيام الكالحة، فالثوار ما زالوا في الشوارع، وقد بُحّت أصواتهم وهم يطالبون بحكومة مُستقلّة تكنوقراطية لفترة انتقالية تتصدّى للمشاكل الإقتصادية والمالية واجتراح الحلول المناسبة لها، وتعمل على تنظيم انتخابات نيابية مبكرة، أملاً في إزاحة الطبقة السياسية الفاسدة عن واجهة الحكم(ولو بمعظمها)، وانتخاب وجوه سياسية جديدة مُستقلّة عن محاور السلطة الممعنة في انتهاك سيادة البلد واستقلاله واقتصاده، لقد خيّب الرئيس مرة أخرى آمال اللبنانيين بالتّقدم خطوةً إضافية، طال انتظارها، وباتت ضرورية ومُلحّة علّها تُسابق وتيرة الانهيار المالي والاقتصادي المتسارعة، وهي الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس حكومة جديد، بالأمس لم يكتفِ الرئيس بعدم تحديد موعد لهذه الاستشارات المنتظرة، بل لم يأتِ على ذكرها كمّهمّة مُلحّة ودستورية، ولم يُحاول شرح المبررات التي حتّمت تأخيرها، كما لم يعِد اللبنانيين بأي بادرة أمل بقُرب حصول هذا الأمر أو استبعاده، وربما لا سمح الله باستحالته.
 
وهكذا عُدنا إلى الوراء، إلى المربع الأول، وكأنّ رئيس الجمهورية ما زال يعيش في حقبة ما قبل ثورة السابع عشر من تشرين الأول، وكأنّ البلد يحتمل هذا التّرف "القاتل"، وكما لو أنّ تضحيات ثوار انتفاضة لبنان المجيدة طوال ستّة وثلاثين يوماً لم تقرع أبواب بعبدا، ليخرج علينا الرئيس بخطاب مُراوحة ورتابة، وكأنّنا "يا بدر لا رُحنا ولا جينا".
 
سأل رجلٌ "بهلولاً": ما تقول في رجلٍ مات وخلّف زوجةً وأُمّاً وبنتاً، كيف تُقسمُ التركةُ بينهم؟ فقال: اليُتمُ للبنت، والثّكلُ للأمّ، وخرابُ البيت للزّوجة.