أربعة أو خمسة أيام من عمر الانتفاضة الشعبية في إيران سقط فيها أكثر من مائة شهيدٍ مظلوم، وآلاف المعتقلين والجرحى، إنتفاضة خرج فيها مئات الآلاف من المتظاهرين الفقراء والمحتاجين والجوعى والمرضى، خرجوا بصدورٍ عارية لتواجههم آلة القتل والقمع والسّحل في الشوارع، مع دعوات مسؤولين لتنفيذ إعدامات ميدانية، بعد خمسة أيام وعزل إيران عن العالم الخارجي وقطع شبكة الإنترنت يخرج الرئيس الشيخ روحاني ليزفّ خبر القضاء على المتآمرين وأعداء الثورة، مُتجاهلاً أنّ الإيرانيين لطالما انتفضوا وثاروا ضدّ نظام الملالي الحاكم منذ أكثر من أربعين عاماً، ولن نعود بعيداً للاحتجاجات التي عمّت البلاد عام ٢٠٠٩، بعد اتّهاماتٍ بتزوير الانتخابات، فكانت الثورة الخضراء التي قُمعت بقسوة، ووُضع قادتها في الإقامة الجبرية، بل نعود إلى حوالي عامٍ واحد، فقد خرج الإيرانيون أوائل كانون الثاني من عام ٢٠١٨ باحتجاجاتٍ صاخبة على البِطالة والفقر والجوع، بطالة وصلت إلى حدود الثلاثين في المائة في فئة الشباب، وأربعين بالمائة عند خطّ الفقر، وبالمقابل جاءت موازنة العام القادم لتحرُم فئاتٍ عديدة من مساعدات العوز، والمترافقة مع غلاء الأسعار وفرض ضرائب جديدة، هؤلاء الذين ارتفع عددهم إلى ستين مليون أسرة من أصل تعداد السكان البالغ حوالي ثمانين مليوناً، والذين يحاول المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية السيد علي الخامنئي إسعافهم وإعالتهم بواسطة رفع أسعار المحروقات لما يقرب من ثلاثة أضعاف.
 
خرج الإيرانيون منذ خمسة أيام كما خرجوا أوائل العام ٢٠١٨ بصدورٍ عارية للتعبير عن سخطهم وغضبهم ومعاناتهم، علّ المرشد الأعلى يسمع شكواهم، إلاّ أنّه وكالعادة لم يرَ من مقامه الرفيع سوى بضعة خوَنة وعملاء ومتآمرين على الثورة الإسلامية، رعاعٌ وشُذّاذُ آفاق يحاولون تلطيخ ثوب الثورة الابيض بسواد حقدهم وأضاليلهم، وما أشبه اليوم بالبارحة، لا يرى المرشد ومعه الرئيس روحاني سوى أوهام المؤامرة الخارجية، مع أنّ السيد حسام الدين آشتا(مستشار الرئيس روحاني ورئيس مركز الدراسات الاستراتيجية ) كان قد حذّر من حوالي عامٍ من تجاهل الاحتجاجات الشعبية والمطالب الحياتية، وكان قد سبقهُ إلى ذلك الرئيس السابق أحمدي نجاد الذي وجّه اتّهاماتٍ للمسؤولين بالفساد المالي والقضائي،  إلاّ أنّ أهم التحذيرات المتكررة كانت في صرخةٍ مُدوّية لحفيد الإمام الراحل روح الله الخميني( مرشد الثورة الإسلامية ومؤسّس أول جمهورية إسلامية )، السيد حسن الخميني،  حين أعلن قبل عامٍ من اليوم بأنّ النظام بأكمله في دائرة الخطر والسقوط، لأنّ الطبقات المُعدمة والفقيرة قد نفد صبرها، وباتت على حافة التطرّف والعنف.
 
ها هي إيران، سماحة الحفيد، قد وصلت لما نبّهت إلى مخاطره المُفجعة، ولا حياة لمن تنادي، ولا عجب أنّهم كانوا قد أبعدوك من عضوية مجلس الخبراء، عندما تقدّمت لعضويته، فالخبراء عينهم وقلبهم على الخارج أكثر من الداخل، وفقاً لسياسة المرشد وتوجيهات الحرس الثوري الإيراني.