كثير من اللبنانيين يردَدون مقولة ضعف الجيش في حماية الحدود، وفي مواجهة العدو أو مقاومته، وهم بذلك يؤكدون عجز مؤسسات الدولة ووهنها ،ويؤكدون أن القوَة تكمن في مناشط أخرى بديلة عن الدولة .
أحزاب وشخصيات ومواطنون لبنانيون يقولون ومنذ اتفاق القاهرة أن الجيش غير قادر على ردَ العدوان على العدوَ ،وبنت المقاومة الفلسطينية وأحزاب الحركة الوطنية جمهورية مقاومة اسرائيل من جنوب لبنان تحت شعار وهن الجيش وقلَة حيلته، لذا تمَ الانابة عنه في المسؤولية الأمنية على الحدود وداخل الوطن .
آنذاك امتازت حركة أملَ بدفاعها عن دور الجيش وخاصة على الحدود ،التزاماً منها بمواقف المؤسس السيد موسى الصدر، وقاتلت وقُوتلت من قبل تيار استبعاد الجيش عن الحدود،وسقط لها شهداء تحت واجب الدفاع عن دور الجيش في الجنوب .
رغم التغيَرات الجذرية في مهام المؤسسة العسكرية على ضؤ اتفاق الطائف ،واعتراف الجميع بالجيش كمؤسسة ضامنة وحامية ،الاَ أن الانقسام استمرَ حول دور الجيش على الحدود، وبعيد عدوان عام 1996سعى كلَ من الرئيسين رفيق الحريري ونبيه بريَ الى دخول الجيش للجنوب، واصطدمت دعوتهما آنذاك بموقف الدولة الاقليميةالرافضة لذلك، وأدَت نتائج عدوان تموز الى ادخال الجيش الى الجنوب لحفظ الأمن ومن العدوان ،وارتفعت أثناء ذلك راية النصر بسقوفها الثلاثة :شعب ،وجيش، ومقاومة، الى حالة ميثاقية بين المختلفين اللبنانيين بعد أن منحها التحرير البعد المعنوي المطلوب لادراجها في البيان الوزاري ،وتأكيدها كلازمة تتقاطع عندها اختلافات المختلفين من يسار ويمين .
اليوم وبعد تجارب في الأمن مريرة يعيد اللبنانيين ترديد مقولاتهم السابقة في الجيش ،ويتحدثون عن وهن وضعف في الامكانيات ونقص في السلاح والتسلح ،وهم بذلك يساوقون السياسات المستبعدة لدور الجيش في آداء مهامه ووظيفته الوطنية .
الجيش ارادة وطنية لا يمكن لأحد في لبنان أن يتمتع بشرعية المؤسسة العسكرية ،وهنا تكمن قوَته في الحماية والدفاع ،وبالتالي فان الجيوش العربية مجتمعة في كفَة والكيان الاسرائيلي بكفة، وهناك خلل فاضح في توازنات القوَة، لذا ندرك أهمية المؤسسة الوطنية في حماية الدولة وبالوسائل المملوكة والمتاحة، وفي انخراطه الطبيعي في تشكيلات خاصة تنسجم مع فعل عسكري لايحتاج الى أكثر من كمين وعبوة كما فعل المقاومون اللبنانيون طيلة مقاومة العدوان، وهذا ما فعلته دول عديدة غير قادرة على مواجهة دولة مدعومة ومدججة بأسلحة متطورة فلجأت الى تشكيل أطرمقاومة من قبل المؤسسة العسكري.
للتذكير فقط سقط للجيش اللبناني شهداء من أجل لبنان والقضايا العربية منذ عام 1947وكان شهداؤه بواكير قافلة الدفاع عن لبنان من العدوان الاسرائيلي . ربما الاستهلاك السياسي أفضى الى حمل شعارات واهمة منها وهن الجيش في الدفاع عن الأرض ,لذا لا بُدَ من صحوة سياسية تؤكد قدرة الجيش وقوته لرفع سقف الدولة فوق الجميع .