نسب الحسم من رواتب الموظفين ستصل إلى ثلاثين في المئة
 
تتحجج مؤسسات لبنانية بعدم وجود سيولة نقدية، لتخفيض رواتب موظفيها، أو فصل بعضهم وحتى تغيير طبيعة العلاقة التعاقدية معهم.
 
الثورة والسيولة
ووصلت إلى "المدن" أكثر من شكوى في هذا السياق، فضلاً عن أن تخفيض رواتب الموظفين في المؤسسات التجارية وبعض المدارس الخاصة بات يشغل اللبنانيين ويحتل جزءاً من أحاديثهم. لكن ما لم يلتفت له اللبنانيون هو أن تفكير المؤسسات بهذه الإجراءات التعسفية سبق الثورة الشعبية بأشهر. فوفق معلومات "المدن" تلقت وزارة العمل طلبات عدة من مؤسسات لتخفيض رواتب موظفيها في الأشهر الأخيرة الفائتة. ما يشير إلى أن الأزمة التي يعيشها لبنان منذ سنوات هي السبب الفعلي لأزمة المؤسسات. وهذا يعني أن التحجج بعدم وجود سيولة عار من الصحة، خصوصاً أن ربط تلك الإجراءات بعدم وجود سيولة يراد منه تحميل المسؤولية للبنانيين المنتفضين على السلطة السياسية وسياساتها الاقتصادية المفقرة، على اعتبار أن ثورتهم عطلت البلد قرابة الشهر منذ اندلاع الحرائق مطلع الشهر الفائت.
 
حسم من الرواتب
لكن اللافت في هذه الإجراءات أن تعمد شركات مثل تلك التي يملكها تحسين خياط وأولاده إلى تخفيض رواتب الموظفين، وخصوصاً أن مؤسسة إعلامية تلفزيونية مثل الجديد - وهي من أولى الوسائل الإعلامية التي تنقل أحداث الثورة وتدعم مطالبها - ستطالها التخفيضات ويطال الفصل موظفيها. ووفق معلومات "المدن" تبلّغ موظفو شركات تحسين خياط بأن نسب الحسم من رواتبهم ستصل إلى ثلاثين في المئة، بسبب عدم وجود سيولة كافية في البلد، واضطرار المؤسسات إلى تخفيض العمل بسبب الظروف التي يمر بها لبنان.
وعلمت "المدن" أن الحسم من الرواتب يتراوح بين الخمسة والثلاثين في المئة، حسب راتب كل موظف. فالموظفون الذين تصل رواتبهم إلى المليون ليرة يطالهم خصم خمسة في المئة. الرواتب التي بين مليون وستمئة ألف والثلاثة ملايين يطالها خصم عشرة في المئة. من ثلاثة ملايين ولغاية أربعة ملايين ونصف المليون، يطالها خصم 15 في المئة. ومدراء الأقسام تصل الحسومات من رواتبهم إلى ثلاثين في المئة. وتسعى المؤسسات إلى الحصول على تواقيع الموظفين على القرار، الذي يمتد مفعوله لنحو أشهر ستة. ويشمل القرار تغيير العقود الموقعة تماشياً مع عدم وجود سيولة لدى أصحاب الشركات.
 
يخوت العائلة
استسهل آل خياط مد أيدهم على جيوب الموظفين، ولم يعمدوا إلى تخفيف حياة البذخ التي يعيشها أفراد العائلة، التي يبلغ إيجار موقف أصغر يخت تملكه  نحو مئة ألف دولار سنوياً، وفق المصادر.
تضم مجموعة خياط أكثر مئة موظف، من دون تلفزيون الجديد. وهم موزعون على أكثر من شركة، مثل شركة "جيو بروجكتس" و"شركة المطبوعات" وشركة الهندسة، إضافة للأقسام المالية والإدارية وشؤون الموظفين.
 
ووفق المصادر، ثمة "منحبكجية" كثر يهللون لكل قرار تتخذه إدارة الشركات وأصحابها الذين يبذرون ارقام مالية خيالية، ويعمدون إلى الحسم من رواتب موظفين، بعضهم يعمل ليل نهار بعد اندلاع الثورة.
 
إجراءات تعسفية
تلقت مصلحة العمل في وزارة العمل طلبات من أصحاب الشركات لتخفيض الرواتب، تحت مسمى طلب "تشاوري" مع الوزارة. لكن خفض الرواتب مخالف للقانون. والمؤسسات التي تتذرع بوجود أزمة مالية، أو تلك التي تعاني فعلاً من أزمات مستفحلة، عليها اتخاذ إجراءات كثيرة لا تتعلق بوزارة العمل وحسب، بل يجب استشارة وزارة شؤون الاجتماعية لإبداء رأيها في الموضوع، على ما قال المحامي واصف الحركة لـ"المدن". لكن في الحالات كلها - يؤكد الحركة - أن خفض عدد الموظفين في الأزمة الحالية يعتبر طرداً تعسفياً، وخفض الرواتب إجراء تعسفي بدوره، وما على الموظفين إلا تقديم دعاوى إلى القضاء، ونتائجها مضمونة وسريعة.