حذّرت جمعية الصناعيين اللبنانيين من «اننا نقترب من دائرة الخطر، وانّ التأخّر في المعالجة سيؤدي الى الانهيار الشامل». وإذ رحّبت بالاجراءات التي حدّدها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمس، طالبت الجمعية المصارف «بوضعها موضع التنفيذ منعاً لإقفال المصانع بما يرتّب أزمة اجتماعية حادة».
 

أطلقت جمعية الصناعيين اللبنانيين صرخة امس لإنقاذ القطاع الصناعي بعدما أصبح العمل في المصانع شبه مشلول. وعزا رئيس الجمعية فادي الجميل هذا التدهور الى أمرين:
- حاجة الصناعيين لتأمين دولارات تشتري بها مواد أولية اساسية وضرورية للصناعة، والتي تشكل ما بين 10 الى 40 في المئة من قيمة السلعة، وهذه المواد الاولية يتم استيرادها بغالبيتها من الخارج. فإنّ فرق سعر صرف الليرة مقابل الدولار ما بين المصارف وسوق الصيرفة خلق حالة إرباك بالتعاطي ما بين الصناعيين والتجار والمستهلكين، ما أوجد حالة عدم انتظام بالتسعير. لذا، نشدد على ضرورة العمل باتجاه استعادة الثقة الكفيلة بمعالجة كل المشاكل التي نعانيها.
- وقف العمل بالتسهيلات المصرفية المعطاة للصناعيين ما أعاق عمل الصناعيين، لذا نحن رحّبنا بما قاله حاكم مصرف لبنان أمس في مؤتمرة الصحافي، والذي طالب فيه المصارف باعتماد اجراءات محددة لتتمكن المصانع من تأمين المواد الاولية.

ورداً على سؤال لـ«الجمهورية» أكد الجميّل انه لا يمكن ان نحدّد فترة الصمود بالايام او الاسابيع، إنما المطلوب اليوم البدء بالمعالجة بسرعة قصوى. ولفت الى انّ بعض المصانع قادر على الصمود ربما اكثر من غيره لكن في فترة وجيزة ليس الّا، ونحن لا نريد ان يسقط ولا معمل خوفاً من ان يتبعه الآخرون. لذا، نطلق صرخة ونداء اليوم للاسراع في فتح قنوات الحلول من قبل المصارف. ولفت الى انّ هناك مصانع ربما بحاجة الى تسهيلات فوراً، مثل قطاعي المواد الغذائية، من مأكولات ومشروبات، والادوية.

ووصف الجميّل الاجراءات التي اتخذتها المصارف تجاه القطاع الصناعي بالمُتسرّعة وغير المقبولة، فلا يحق للمصارف أن تجتزئ من التحويلات الموجهة للصناعيين، والمطلوب عودة العمل بالتسليفات التي كانت معتمدة قبل 17 تشرين الاول كما عودة العمل بالشيكات، وهذا ما طالب به حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في مؤتمره امس الاول.

وكشف الجميّل عن توجّه لدى الصناعيين للقاء وفد من جمعية المصارف في الايام المقبلة، لافتاً الى انّ الجمعية تفاجأت بالاجراءات التي اعتمدتها المصارف عندما اعادت فتح ابوابها بالتعليق الفُجائي لكل التسهيلات المصرفية، ما أربكَ السوق بشكل غير طبيعي وهي للغاية توجهت اليها بكتاب.
وعمّا اذا استمر إقفال المصارف لأيام بعد، قال الجميّل: هذه مشكلة كبيرة كفيلة بشَل كل البلد.

المؤتمر

وكان الجميل قد استهلّ المؤتمر الصحافي بكلمة، قال فيها: «التزمت جمعية الصناعيين اللبنانيين الصمت مدة 26 يوماً، طوعياً وبترقّب ومتابعة، مع أمل كبير بأننا سنتمكن من الخروج بسرعة من الظرف الدقيق الذي نمر به، لكن للأسف فقد مرّ 15 يوماً على استقالة الحكومة وحتى الآن لا بوادر للخروج من الازمة على الرغم من انّ الوضع يتدحرج من سيئ الى أسوأ. فمعاملنا شبه مشلولة والحياة الاقتصادية الى تراجع، والثقة تفقد يوماً بعد يوم».

وقال: «إنطلاقاً من هذا الواقع، نتوجّه اليوم الى مجتمعنا بمكوناته كافة، باسم قطاع الصناعة عموماً وباسم عشرات الآلاف من العاملات والعاملين وعائلاتهم وكل العائلات المرتبطة بالتصنيع، ونُطلق صرخة لنقول: إننا نقترب وبسرعة من دائرة الخطر الكبير، وانّ التأخر في المعالجة سيؤدي لا سمح الله الى الانهيار الشامل».

وناشَد «كل القوى السياسية الترفّع في هذا الوقت العصيب، والتضامن لإنتاج حكومة إنقاذية في أسرع وقت ممكن تكون قادرة على القيام بالإصلاحات المطلوبة ومعالجة الازمات، ووضع البلاد على طريق التعافي والنهوض، ومحاربة الفساد والتهريب والتهرب الضريبي والاقتصاد غير الشرعي». وطالب «مصرف لبنان والمصارف اللبنانية بتأمين آلية التعامل المصرفي التي تسمح بانتظام التبادل وتأمين السيولة اللازمة وتحديد سياسات نقد واضحة وصريحة، والّا سوف تتعرّض الأسواق لفقدان منتجات ضرورية نتيجة عدم القدرة على تأمين المواد الأولية الضرورية للصناعة».

ورحّب الجميّل بالإجراءات التي حددها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمس في مؤتمره الصحافي، وطالب بوضعها موضع التنفيذ من قبل المصارف لأنها تشكّل الحد الأدنى لتسيير أمور مؤسساتنا والاقتصاد الوطني. وحذّر من انّ عدم تنفيذ هذه الإجراءات سوف يتسبب بإقفال المصانع وتعريض عشرات آلاف العائلات لأزمة اجتماعية حادة. وأكد أنّ الصناعة الوطنية تشكل عاملاً مساعداً ومُسانداً لتخطّي الازمة عبر قدرتها على جذب السيولة بالعملات الأجنبية من الخارج من خلال التصدير، وكذلك المحافظة على موجوداتنا من العملات من خلال خفض الاستيراد. لذلك نرى انّ هناك مصلحة وطنية لإمداد الصناعة بكل التسهيلات لتأمين احتياجاتها، وتمكينها من المساهمة الفاعلة في عملية الإنقاذ المالي والاقتصادي».

أضاف: «لقد كررنا دائماً ولا نزال، بأنّ لبنان هو بلد الطاقات الكبيرة: الشبابية، الاقتصادية، الانتاجية، الصناعية، الزراعية، المالية، الخدماتية والنفطية، والتي يجب المحافظة عليها وعدم تبديدها والتفريط بها، إنما استغلالها بحكمة وتخطيط وشفافية ونزاهة كي نؤمن مستقبلاً واعداً لأبنائنا، وفرَص عمل لشبابنا، تُبقيه في وطنه وتعيد الثقة لبلدنا».

وناشد الجميّل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، المُطّلع على شؤون اللبنانيين وشجونهم، حَثّ الجميع على تخطي الحساسيات والحسابات الخاصة والإسراع في معالجة الواقع المأزوم.