لفت ​رئيس الجمهورية​ ​ميشال عون​ إلى أن "الحراك بدأ بمطالب اقتصادية بسبب ​الضرائب​ المفروضة، ووصلت الى مطالب سياسية ومن الطبيعي أنه عندما تكون الثقة مفقودة بين الشعب و​الحكومة​ سيطلب الشعب تغيير الحكومة، حتى تسمع الحكومة ​الجديدة​ مطالبه وتنفذها وأنا تجاوبت معهم ووجهت لهم نداء وإن المطالب محقة وهذه أيضا مطالبي الشخصية، دعوناهم الى اللقاء للتحاور سويا إلا أنني لم أتلقى جوابا".

وفي حوار معه في ​قصر بعبدا​، أشار الرئيس عون إلى "إننا في مجتمع سياسي متناقض، ولا نريد الخروج منه الى تناقضات جديدة، نريد حكما منسجما لوضع خطة معينة للتنفيذ وفي الخطة مطالب ايجابية يجب أن نعطيها للشعب وآخر سلبي نريد ​محاربة الفساد​ ولي مواقف ترددت في المظاهرات ليس في ذات التعابير بل نفس المعنى وبخطابات رسمية بحضور الحكومة عن فقدان الثقة و​مكافحة الفساد​"، متسائلا "اذا لا يوجد محاور مقابل للمعتصمين والمتظاهرين مع من سيتحاورون؟".

واكد "إنني لم أصل الى موقع الرئاسة إلا لكي أبني دولة، أنا مستقبلي ورائي ولا أبحث عنه ولا أريد تحصيل أمور مادية وتاريخي النضالي كلفني 15 عاما خارح بلادي من أجل الحرية والسيادة والاستقلال والان مرحلة بناء الدولة والاقتصاد ولم يكن هناك تجاوبا معي من مجمل الشعب اللبناني، خطابي في 31 تشرين كنت أريد قوله نفسه أو توسيعه لولا الخلل الاجتماعي الذي حصل"، مشيراً إلى "إنني وجهت ندائي للمتظاهرين 3 مرات لتوحيد الساحات وللعمل سويا من أجل الإصلاحات وطلبت منهم البقاء في الساحات حتى يساعدوني الا أنني لا أجد تجاوبا".

وأوضح "انا منبثق من الشعب ولكني مكبل بالتناقضات في الحكم وفي المجتمع، ونهوض الشعب اليوم سيكون مرتكزاً داعماً للقيام بالاصلاحات"، مشيراً إلى انه "يجب أن نكون أًصحاب ثقة لدى الناس، واسترداد الثقة بحاجة الى وقت وعمل وحسب خارطة الطريق ويجب أن نبدأ من الأمور المعقولة والغير معقولة في التطبيق، مع من يجب تحديد الامور أليس مع الشعب المطالب؟ الان لا أحد يتكلم ولدينا شعارات "كلكن يعني كلكن" وهذا خطأ، لأنه يطال الجميع، اذا لا يوجد "أوادم" وأشخاص واعون للمشاكال التي تعترضنا كيف يمكن أن نصلح؟ هناك أوادم وأشخاص كفوئين لديهم الصفات للنهوض بالمجتمع".

وأضاف " يجب العمل على برنامج من ثلاث نقاط لبناء الدولة: مكافحة الفساد، تحسين الوضع الاقتصادي، والتأسيس للدولة المدنية، اذا إكتفينا بهذه النقاط هم برنامج يوصل الى بناء الدولة، لكنهم مفقودين حاليا"، مشيراً إلى أنه "يجب تأليف حكومة لديها الجرأة بمحاربة الفساد وتعتمد خطة اقتصادية وتحضر المجتمع المدني بشكل أوسع،هذا المجتمع بحاجة الى عمل دؤوب ولا نعرف المهلة الزمنية التي نحتاج اليها لأن هذا تغيير تقاليد وعادات ودمج مجتمع ببعضه البعض".

وردًا على سؤال عن أن الاستشارات النيابية ستكون الخميس والجمعة، اوضح الرئيس عون أن "هذا يعتمد على الاجابات من المعنيين، فهناك صعوبات كثيرة ذُللت وتبقى النقاط الأخيرة، إذ لا بد من الخروج بحكومة منسجمة وليست متفرقة"، مشيراً إلى أنه "الآن بات الجميع يعرف أين ملفات الفساد، والتشكيلة التي كانت قائمة قضائياً معتادة على نمط قديم بالعمل، الآن وضعنا أشخاص موثوقين وجدد".

وتابع "عندما انتخبت رئيسا ثبتنا أولا الأمن والإستقرار لأنه بدونهما لا يمكن بناء شيء في هذا البلد، وعلى الأمن والإستقرار بدأنا بناء التشكيلات العامة للمؤسسات التي كانت مخلعة والان نريد تحسين الموجود، في القضاء إستدعيت المجلس الأعلى للقضاء وسألت احدهم لمذا لم تنتهي التشكيلات فقال أن خلافات بين مسؤولين كبيرين في الدولة، فقلت لهم أنتم قضاة ولستم سياسيين، يجب أن تشكلوا القضاة حسب الكفاءة والأخلاق، إذا هناك مشكلة سياسية الوزير هو من يحلها، وأنا سقفكم الفولاذي اذا لا أحد لا يستطيع تحمل الضغط فلينقل مشكلته الي، هناك اهتراء معين لا يمكن اصلاحه، الان بدأنا هذا لاإصلاح، يمكن أن نرى شخص آدمي ولكن نكتشف أنه ليس لديه مناعة عندما يعين".

وأكد الرئيس عون أن "أول سبب لوجود الفساد في القضاء هو التدخل السياسي، وكان هناك قضاة ينالون المكافآت نتيجة خدمتهم للسياسيين"، مشدداً على "إنني أوافق على مطالب الحراك، الانقلاب على العهد يعني "العوض بسلامتك" لدي ثقة بأهل الحراك لأنهم مواطنين تعذبوا وأنا كنت أبحث عنهم".

وتوجه إلى اللبنانيين والعالم بالقول "لست مديونا لأحد سوى اللبنانيين الذين قدموا دعما لي، انتخبت رئيسا دون دعم دولي وهم قدروا أنه لدي قدرة على جمع اللبنانيين وأنا وحدتهم ضمن حكومة واحدة ولكن بقي هناك الخلل، الحراك يدل على أنه حصل وحدة وطنية واستقلالي بمواقفي أمام الجامعة العربية والأمم المتحدة سببت لي المشاكل"، لافتاً إلى انه "لدي عجز بالنسبة لصلاحياتي، نظامنا التوافقي بمجلس الوزراء يشل الحركة ولا يعطي هامشا كبيرا للعمل، التوافق يحصل على الأمور الميثاقية وعلى حقوق الطوائف، ولكن غير ذلك التشريع والعمل يجب أن يكون بالأكثرية ويجب أن يكون هناك معارضة بالحكم وبالمجلس حتى يكون هناك مراقبة. لدينا عجز عن التنفيذ لأن القدرة على التنفيذ كانت مشلولة".

ورأى "أنني من الذين يريدون المكافحة للعودة الى النظام الأكثري بالتشريع والميثاقية تكون بحقوق الطوائف بحسب الدستور، الميثاقية فقط بما ينص عليه الدستور وهذا الشيء أساسي لانتظام العمل السياسي. هناك من يشرع ويراقب وهناك قضاء يحاسب"، منوهًا بأن "باسيل هو الذي يقرر اذا يريد المشاركة في الحكومة، هو لم يكن يريد المشاركة في هذه الحكومة ولكن هناك ظروف أجبرته على أن يكون وزيرا للخارجية، لا أحد يمكن أن يمنعه من حقه أو يفرض عليه فيتو بنظام ديمقراطي وهو رئيس أكبر كتلة مسيحية".

وأردف أن "الحكومة اذا لم تكن تكنوسياسية لا يمكن أن يكون لديها غطاء لأنه يجب أن يكون لديها الصفة التمثيلية الشعبية، وهنا يجب العودة الى وزراء يمكن أن يكونوا في الحكومة السابقة أم لا. لدي مبدأ وهو أفضل أن لا يكونوا من داخل البرلمان. أنا لا أقرر شكل الحكومة ولكن هذه رغبتي. فحكومة الصدمة لا يمكن إنجازها، من يدير ال​سياسة​؟ حكومة تكنوقراط صرف لا يمكنها إدارة سياسة البلد".

وكشف عن أن "الحريري لديه أسباب شخصية تمنعه من أن يكون رئيسا للحكومة، لا أحد يتنكر له وأنا لا يمكنني أن أحدد إذا كان الحريري سيكون رئيساً للحكومة قبل أن تتم الاستشارات. الحريري متردد في رئاسة الحكومة ولا أعرف اذا لا يزال مترددا لأنه لم يعطني جوابا واذا كان هناك أسباب خارجية يعرفها أصحاب العلاقة".

وذكّر بأن "حزب الله ملتزم بالقرار 1701 ولا يتدخل في أي موضوع على الأرض اللبنانية، وما فرض على الحزب ماليا فرض على كل اللبنانيين. اصطدام اللبنانيين في الداخل وحصول حرب أهلية لن يحصل في عهدي على الأقل".

وأشار الرئيس عون الى أنه "لدينا أوراق نبحثها أفضل مما قدمه الحريري في مهلة الـ72 ساعة. حزب الله يدافع عن نفسه لأنه موجود والمجتمع الدولي "شو إلو علينا". ولا يمكن أن يفرض عليي استبعاد حزب يشكل ثلث الشعب اللبناني"، مضيفًا "أنني حائر ضد من يجب أن أحدد الإستراتيجية الدفاعية، روسيا والصين اسرائيل جميعهم هنا. من حليفي وأنا بلد صغير؟ ما يتم طلبه منا لا يمكن لنا أن نقوم به".

وتوجّه الرئيس عون للبنانيين بالقول: "لا تتهافتوا الى المصارف لسحب أموالكم فالودائع مضمونة بكاملها". والى المنتفضين، قال: "فهمنا المشاكل والمطالب ولدينا إستعداد لتصحيح الخطأ ولكن لا تدمروا البلد بسلوكياتكم ولا تخربوا لبنان وتستمروا بتطويق السلطات الرسمية، فإقفال الطرقات وتعطيل الدراسة وإقفال المؤسسات العامة يشكل تعطيلًا وشللًا للبلد. ليراجعوا تاريخي وليبقوا معي إذا أعجبهم، وإذا لا سأرحل أنا".

وأوضح أنه "ذهب معي أصغر وفد الى نيويورك من بين الرؤساء السابقين، حكيت أشياء كثيرة وتمت مهاجمتي من دون أن أعرف السبب ولكن فهمت أن هناك أزمة ما ستم حياكتها لنا. خطابي في الأمم المتحدة كان قاس وهناك انحراف بميثاق الأمم المتحدة والقوي يفرض نفسه أنه على حق، نحن دولة صغيرة وهناك من كان يريد أن "يلطشنا كف"وأنا لن أقبل بذلك"، مشددًا على أن "أوروبا تبحث عن كيفية دمج النازحين السوريين بالمجتمع اللبناني، وهذا كلام واضح يدل على التوطين، نحن لسنا بعداوة مع الشعب السوري ولا تواصل مباشر مع الرئيس السوري بشار الأسد"، لافتًا الى "أنني أطلب عودة النازحين السوريين الى بلادهم، فيتم الرد بالشكر وفي النهاية يقولون "الآن لا حل إلا بحل سياسي"، وأنا أقول أن هؤلاء نازحين أمنيين وليسوا لاجئين سياسيين حتى يبقوا هنا بانتظار الحل السياسي، وهذا هو المنطق الصحيح. اقتصاديا تعبنا وهم يشددون علينا الحصار".

وجزم "أنني لست خائفا على العهد بل أخاف على لبنان اذا استمر الضغط علينا من دون أي مساعدة من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، أنا متحالف مع كل اللبنانيين".

وحول الوضع المالي، اعتبر الرئيس عون أن "حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يعبر عن نفسه ومسؤوليته في العمل، وأصدقه لأنه لا يجوز التشكيك بكل صاحب مسؤولية. إنني اجتمعت مع المصارف واتخذنا بعض التدابير لكننا نحتاج الى مساعدة من الشعب من خلال عدم سحب كافة أموالهم لأن الدولار ليس مفقودا لكن يتم اخراجه من الودائع الى المنازل وهذا يفاقم الوضع".

وأكّد أنه "يجب على المواطنين أن يعودوا الى منازلهم لتعود دورة الحياة الى طبيعتها وتأخذ الحكومة مسؤوليتها وتعمل على ضوء وليس في الظلمة، وإلا سنفقد جميعنا الثقة بعضنا بالبعض".

واعتبر الرئيس عون أنه "اذا لا يريدون تصديق كلامي فأنا لن أصدقهم، "هيدا مبدأ المعاملة بالمثل". لا يمكن وضعي ضامنا لكل ما سيحصل، نحن نريد العمل حتى نخلص أنفسنا، أما "كوني فكانت" فليبحثوا عنها في مكان آخر"، مشددًا على ان "العهد فيه مجلس نواب وحكومة وليس أنا وحسب، اذا خسرنا التنسيق بين القوى الموجودة، فلن تكون الحكومة منتجة وسنواجه من لا يريد أن يعمل".

وأوضح أن "هناك خروجًا عن العهد الدولي بإغلاق الطرقات لأنهم ضربوا حقوق 4 ملايين ونصف بحرية التنقل، مع العلم أنع كان يمكن استخدام العنف إلا أننا حافظنا على الهدوء، الا أن الصدام بدأ بين المواطنين. لدي ثقة بالمؤسسة الأمنية وحتى الآن لم يحدثني أحد بالوساطة الفرنسية، ننتظر أن نرى اذا كانت المبادرة الفرنسية تسهيلًا أو تهديدًا".

وطلب من "اللبنانيين أن لا يتصرفوا سلبيا خصوصا في الحراك لأن السلبية تؤدي الى سلبية معاكسة وهذا سيوصل الى صدام لبناني-لبناني، الجميع دعم مطالب الحراك ولكن اذا استمريتم بما تقومون به ستضربون البلاد ومصالحكم ومصالحنا. اذا استمروا سيكون هناك نكبة، والبلد سيموت حتى لو أردنا البناء والمكافحة".