لا اعرف سبب إلحاح رؤساء مصريين على التكلم بمفردات غريبة غير متداولة بين الناس في حين أن خطاب الرؤساء ينبغي أن يكون بسيطا يفهمه العوام خاصة عند ما يكون الخطاب متجها إلى العامة والغرض منه ارسال رسالة إلى جميع افراد الشعب. نعم عند ما يتحدث اي رئيس عن التنمية المستدامة فإنه مضطر الى استخدام كلمات ربما لا يعرفها إلا أهل الاختصاص. ولكن عند ما يريد تطمين الشعب بأنه لا يريد البقاء مؤبدا في القصر الرئاسي فإن عليه أن يتوجه الى العامة بكلمات تعرفها بدون اي صعوبة.
 
وعلى سبيل المثال عند ما ظهر الرئيس المصري السابق حسني مبارك على الشاشة في اول فبراير 2011 بغية تهدئة الشارع الغاضب قال انني اكن انتوي الترشح لفترة رئاسية أخرى ولكني حريص الآن كل الحرص على ان أختم عملي من اجل الوطن. واضاف مبارك ان مسؤوليته الأولى هي استعادة أمن الوطن لتحقيق الانتقال السلمي للسلطة في اجواء تتيح تسلم السلطة لمن يختاره الشعب...
 
نلاحظ بشكل واضح أنه كان يمكنه ان يستخدم كلمة أريد بدل انتوي حتى يفهمه الشارع. ولكنه يتعمد الى استخدام الاخيرة لأنها اكثر غموضا من الأولى ومن ثم تغليب أمن الوطن على تنحيه من الرئاسة وإيجاد جدوى لبقائه رئيسا الى نهاية ولايته. 
 
المنهج ذاته نجده عند الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أكد قبل يومين على زهده في المنصب نفسه وقال السيسي: انني لم اكن انتوي الترشح لرئاسة الجمهورية والكل زاهد في المنصب لكن الهدف هو مصر وبناء الدولة والدفاع عنها ..وطالبت الرئيس المؤقت عدلي منصور بالترشح لهذا المنصب آنذاك دون جدوى. 
 
ما يميز بين الخطابين هو أن السيسي وجد بين رجال الدولة والسياسة من يطلب منه ترشيح نفسه ولكن في عهد مبارك كان يختلف الوضع عما هو الآن. ولكن المشترك بينهما هو أن كلاهما يؤكدان على غايات يريد الرئيس او ينتوي تحقيقها واذا كان الرئيس مبارك ينتوي إعادة الأمن الى الوطن لتهيئة المناخ المناسب لإجراء انتخابات رئاسية ديمقراطية ولكننا نجد ان الرئيس السيسي يجعل من مصر وبناء الدولة والدفاع عنها غايات رئيسية ينتوي او يريد تحقيقها خلال ولايته الحالية. فهل افتقدت مصر الدولة او لم تكن تعرفها  لتحتاج إلى بناءها فعلا؟ 
 
اتذكر أن دراسة استطلاعية اجريت في العام 201 في مصر تفيد بأن اغلبية المستطلعين اعتبرت ان كلمة انتوي كلمة غامضة. ما ذا تحمل كلمة الانتواء من المعاني حتى يلتجئ اليها الرئيسان مبارك والسيسي؟ ويبقى السؤال فيما اذا ينتوي الرئيس السيسي الترشح لولاية ثالثة أم سينجز مهامته وهي بناء الدولة في السنوات الثلاثة المتبقية من ولايته الثانية؟ ام ينتوي البقاء مدى الحياة في الرئاسة للدفاع عن الدولة بعد بناءها؟