بقاء جبران باسيل في الحكومة العقدة الرئيسية في تأخير التشكيل الحكومي.
 
أكدت مصادر سياسية في بيروت أنّ الأزمة السياسية والحكومية اللبنانية تراوح مكانها في ظلّ إصرار رئيس الجمهورية ميشال عون على عدم الدعوة إلى استشارات نيابية لتحديد اسم رئيس الوزراء الجديد.
 
ومعروف أن عون يرفض إلى الآن الدعوة إلى مثل هذه الاستشارات الملزمة التي تفرض عليه تسمية الشخص الذي يحصل على أكثرية نيابية رئيسا لمجلس الوزراء تمهيدا لتشكيل حكومة. وتبرر أوساط رئيس الجمهورية هذا التأخير بضرورة الاتفاق على شكل الحكومة الجديدة قبل تحديد موعد للاستشارات، علما أن سعد الحريري قدّم استقالة حكومته في التاسع والعشرين من أكتوبر الماضي.
 
وكشفت المصادر السياسية أنّ العقدة الرئيسية، التي تحول دون الاتفاق بين القوى السياسية الكبرى على شكل الحكومة الجديدة، تعود إلى إصرار جبران باسيل، صهر رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر، المدعوم من حزب الله، على تطويق سعد الحريري بشروط مضادة. ومن بين هذه الشروط المضادة، بقاء باسيل وزيرا في حال تسمية سعد الحريري رئيسا لمجلس الوزراء وتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة.

وأوضحت المصادر أن الحريري مستعد لتشكيل حكومة جديدة في ظلّ شروط معيّنة لا يزال يتمسّك بها وقد أبلغها صراحة إلى رئيس الجمهورية عندما التقاه الخميس الماضي. وفي مقدّم هذه الشروط اقتصار تشكيلة الحكومة على وزراء اختصاصيين يستطيعون معالجة المشاكل التي يعاني منها لبنان في مقدّمها الوضع الاقتصادي للبلد الذي يقف على حافة الانهيار.

وأشارت إلى أنّ الحريري مقتنع بأنه لا يستطيع، في غياب توافر شروط معيّنة، القيام بأي خطوة ذات طابع إيجابي تخفف من حدّة الثورة الشعبية في لبنان. وشدّدت على أن الحريري يعترف في مجالسه الخاصة بأنّ الفشل سيكون من نصيبه في حال شكّل حكومة تضمّ وزراء حزبيين، خصوصا في ظلّ الاعتراضين العربي والدولي على شخص مثل جبران باسيل ورفض الولايات المتحدة والمؤسسات المالية الدولية التعاطي مع حكومة تضمّ وزراء لحزب الله الذي تتهمه الإدارة الأميركية بـ”الإرهاب”.

وأكدت المصادر ذاتها أن الحريري أبلغ كلّ المعنيين، من دون استثناء، بأنّه غير راغب في العودة إلى موقع رئيس الوزراء في الظروف الراهنة في غياب تنفيذ شروطه التي يعتقد أنّها قد توفر فسحة أمل بعودة الاهتمامين العربي والدولي بلبنان، ولو في حدود ضيّقة.

وأشارت إلى أن حزب الله يصرّ في الوقت الحاضر مع حليفه الشيعي رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي على بقاء سعد الحريري في موقع رئيس الوزراء ولكن في ظل شروط يحدّدها الحزب.

ورأت أن ذلك يعود إلى أن إيران ستعتبر خروج حزب الله من الحكومة هزيمة لها في لبنان، خصوصا أنّها تعتبر أن ما حققته لدى تشكيل الحكومة الحالية (المستقيلة) كان إنجازا كبيرا بالنسبة إليها. ويتمثل هذا الإنجاز في أنّه للمرّة الأولى منذ دخول حزب الله الحكومات اللبنانية في العام 2005، استطاع الحصول في الحكومة الحالية على ثلاثة وزراء، بما في ذلك وزير الصحّة.

ووصف سياسي لبناني ما يشهده لبنان حاليا بلعبة تطويق سعد الحريري بشروط مضادة، على الرغم من بداية تبلور قناعة بأنّ البلد مقبل على انهيار اقتصادي وشيك في غياب حكومة جديدة تستجيب في الحدّ الأدنى للشروط العربية والأميركية والدولية وذلك في وقت لا يبدو سعد الحريري مهتما بالعودة إلى رئاسة الحكومة في ظل أي قيود يمكن أن تُفرض عليه.


والتقى سعد الحريري بالرئيس عون الخميس دون الإعلان عن تقدم صوب تشكيل حكومة جديدة.

وقال الحريري للصحافيين عقب اللقاء الذي يعد الأول منذ تسليم نص استقالته لعون، “سنتابع المشاورات مع باقي الأفرقاء، ولا أريد أن أتحدث كثيرا لكن فقط أريد القول شكرا”.

وفي الوقت الذي يستمر فيه الغموض بشأن موقف الحريري، وتلويحه بعدم قبول المهمة بسبب ضغوط حزب الله، بادر رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى إعلان تمسكه بالحريري لرئاسة الحكومة، وهو موقف بدا وكأنه مدفوع من حزب الله، الذي لا يريد أن يقدم تنازلات من جهته، وأن يدفع بوكلاء لتنفيذها.

وقال بري “مصرّ كل الإصرار على تسمية سعد الحريري لرئاسة الحكومة، لأنه مع مصلحة لبنان وأنا مع مصلحة لبنان”.

لكن طول فترة المشاورات وشح الأخبار المتسربة عنها، وعدم تقدير الوضع العام في البلاد، عناصر دفعت بالزعيم الدرزي وليد جنبلاط إلى إطلاق تصريحات محذرة من لعبة إدامة الأزمة والاستثمار فيها للحصول على مكاسب.

وهاجم جنبلاط، الذي كان لديه وزيران في الحكومة المنتهية ولايتها، الحريري وباسيل على ما يبدو، قائلا على تويتر إنه رغم الاحتجاجات والمخاطر الاجتماعية والاقتصادية “يتشاورون ويجتمعون في كيفية تحسين وتجميل التسوية السابقة التي خربت البلاد” والتي توصلا إليها في 2016.