ذات يوم انتظر اللبنانيون ثمانية أشهر لولادة الحكومة الحريرية الأولى ليتيسّر توزير صهر الجنرال عون، ثم عادوا وانتظروا مرّة أخرى أكثر من ثمانية أشهر لولادة حكومة تمام سلام، وذلك لتحقيق المحاصصات الطائفية العادلة(بين أقطاب السلطة ) وتوفير الفرص المتاحة لنهب المال العام، والحكومة الحالية(المستقيلة) انتظرت أكثر من ثمانية أشهر أيضاً ليظفر الوزير جبران باسيل مع رئيس الجمهورية على حُصّة الأسد(أي الثلث المُعطّل)، كل هذا حصل، وما برّر هذه الارتكابات الشنيعة،  أنّ الوضع المالي والاقتصادي والاجتماعي لم يكن حرجاً كما هو اليوم، ولم يكن نصف الشعب اللبناني تقريباً يستيقظ وينام في الشوارع، هاتفاً بوجوب رحيل الطبقة السياسية الفاسدة عن بكرة أبيها.
 
في المرات السابقة كان أرباب السلطة يستعجلون الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس حكومة جديد، كانت الاستشارات تتُمّ بين ليلةٍ وضحاها، ليبدأ بعد ذلك مخاض التأليف والولادة، أمّا اليوم فالمصاب أدهى وأمرّ، يريدون إيهام هذا الشعب الصابر "المنتفض" بإمكانية ولادة الحكومة قبل أن يتُمّ الحَمل( أي التكليف أعزّكم الله)، وما زيارات الوزير باسيل لبيت وسط الرئيس سعد الحريري، ولقاءات الحريري مع رئيس الجمهورية إلاّ محاولات فاشلة لإقناع الشعب بوجود حَمل، مع معرفة الجميع بأنّ الحَمل "كاذب"، وأنّ لعبة التعطيل هذه باتت مكشوفة، وحزب الله يتصدرها بلا مواربة أو تمويه، وهي لن تنطلي على شعبٍ ينتفض من شماله إلى جنوبه إلى عمقه الداخلي، بكل طوائفه وفئاته ومراتبه، ولن يتنازل عن مطالبه، وفي مقدمتها الإسراع بتأليف حكومة إنقاذية حيادية من أصحاب الكفاءات الوطنية والتكنوقراطية قبل وقوع الانهيار القادم، بوتيرة أسرع بما لا يُقاس بحركة المسؤولين المتكاسلة واللّامسؤلة، إذ لا بادرة أمل في الأفق تبشّر بولادة الحكومة العتيدة.