نصائح يقدمها الأمين مجاناً، مع أنّها تساوي قافلة من الجِمال، كافحوا المتسلقين، أوصدوا أبواب السفارات، حاربوا شياطين الحراك الذين يعرفهم الأمين عن بكرة أبيهم
 
ما زال رئيس تحرير صحيفة الأخبار السيد ابراهيم الأمين، والتي تعاني هذه الأيام من أزمة استقالات(آخرها نبأ استقالة الأمين نفسه) ينشر ترهاته وادّعاءاته المُبطّنة بسموم التخوين والعمالة، العمالة طبعاً للولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج العربي، المتآمرة دائماً على تيار المقاومة والممانعة الذي نافحت عنه طويلاً جريدة الاخبار.
 
في آخر إبداعات الأمين مقالته اليوم في الأخبار التي ما زال يرأس تحريرها، فيمنح الذين نزلوا للشارع وهم "مقهورون" الحقّ في إسقاط الحكومة والحكم، لا بل أعطاهم الحقّ في "قلب هذا النظام من أساسه"، كما منحهم الحق بالقيام بكل ما يلزم لاستعادة حقوقهم وحمايتها، وأضاف إلى هذا الحق حقّاً إضافيّاً: قول كل شيء وفعل أي شيء، ورفع أي شعار يخدم قضيتهم، بعد ذلك ينتقل الأمين إلى دسّ السُّم بالدّسم، فبعد كل هذا التأييد الحماسي للانتفاضة الشعبية وقدسيتها، تحضر "سذاجات" الانتفاضة بالجملة، من تسلُّل بعض المشاركين في الحراك وتصدُّرهم وتنافسهم لاعتلاء بعض المناصب، ويُعدّدهم الأمين بهزءٍ وسخرية، ويُوزعهم على منظمات عمل مدني (مع علامة تعجب بعرض إصبعين ترافق المدني)، ومن ثمّ يأتي دور الأحزاب غير المتطرفة: من "بيروت مدينتي" و"حزب سبعة"، إلى ما لا ينتهي من رجالٍ يدّعون بأنّهم "أهل قانون واستقامة"، مع الحرص على استبعاد أي رمزٍ من رموز اليسار الحقيقي، وأي علماني حقيقي لئلا تتعرّض "التركيبة اللبنانية للاهتزاز".
 
حتى هذه الحدود قد يوافق البعض الأمين أو يعارضه، حول ضرورة حماية الانتفاضة من بعض المُتسلّقين، لينتقل بعد ذلك إلى تُهم التّخوين والعمالة، فيُشفق على السفيرة الأمريكية السيدة اليزابيث ريتشارد، فقد ملّت انتظار نقلها من سفارة لم تعد مصدر القرارات الأميركية بشأن لبنان، وهذا ربما أمرٌ يسير أمام اضطرارها الإستماع إلى "السياسيين" والناشطين اللبنانيين(ومعظمهم عملاء للسفارة)، وهي تنظر إليهم نظرة غير محترمة، ليس بسبب العنجهية الأمريكية فحسب، بل بسبب الدّونيّة المفرطة عند جماعات لبنانية معتنقة لثقافة القناصل منذ زمنٍ ليس بالبعيد، وينتقل الأمين بعد ذلك ليرمي من جعبته الحافلة بالمعلومات الحساسة والدقيقة، فيّخبرنا بأنّ سفيرة الشيطان الاكبر لن تتمكن من لقاء من ترغب من كل قلبها بلقائه، وهو لا يرغب ولا يودُّ لقاءها، (الأرجح أنّ المقصود هنا هو سماحة السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله، وليُّ نعمة السيد الأمين واقرانه).
 
أخيراً، وليس آخراً، ينصح الأمين هؤلاء المقهورين "السُّذّج" للانتباه إلى من بات يقف إلى جانبهم في الحراك، هؤلاء هم "شياطينه " في عرف الأمين ويتبرّع بتقديم لائحة بهم: القوات اللبنانية، الكتائب اللبنانية، وليد جنبلاط والحزب الاشتراكي، قيادات ١٤ آذار، فؤاد السنيورة ورضوان السيد، كامل الفريق المستقبلي الانقلابي على سعد الحريري(استقالة الرياض القسرية)، قيادة الجيش، قيادة الأمن الداخلي، الجماعة الإسلامية، جميع المنظمات غير الحكومية وخاصةً الممولة من حكومات وجهات غربية، الجامعة الأمريكية والجامعة اليسوعية، أرباب الفساد من المتبرعين وحشد المقاولين...وصولاً إلى الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا والسعودية وقطر وتركيا..وصولاً إلى محمد دحلان! السذاجة كل السذاجة الإصرار على عدم رؤية كل هؤلاء.
 
نصائح يقدمها الأمين مجاناً، مع أنّها تساوي قافلة من الجِمال، كافحوا المتسلقين، أوصدوا أبواب السفارات، حاربوا شياطين الحراك الذين يعرفهم الأمين عن بكرة أبيهم، لا تتركوا الأمور تسوء لتُفضي إلى اقتتال مسيحي-مسيحي، لا تحتاجون للكثير من العقلانية، بل إلى تخفيف منسوب السذاجة فقط، والاتّكال على "فصاحة" من لا زال صامداً في الجريدة التي لم تترك مناسبة الاّ ودعمت ونافحت عن هذه السلطة الغاشمة التي انتفض اللبنانيون اليوم في وجهها ووجه من يُؤازرها ويدعمها في السّر والعلن.