إن الشكوى لغير الله مذلة لذا لا يشتكي اللبنانيون و العراقيون لطواغيت العصر ولا يقارون على كظة ظالم وسغب مظلوم لقد نكأوا كل جراحاتهم لم تعد تخيفهم سياط الجلادين
 
ما زالت مدينة الله طرابلس تعطي اللبنانيين وتعظ العرب وتحرض الشعوب مجدداً على القيام ضدّ الطغم العسكرية والإستبدادية والمالية في وطن عربي - إسلامي مازال مسودة مشروع دولة رغم ما مرّ به من تحولات لم تُصب يوماً الهدف المنشود ولا الطموح المتواضع حتى . وبقي كما هو مجرد كيان هش لا شرعية له ولو لا الإستعمار الذي يخطبون ضدّه لدغدغة مشاعر الثوريين لما استقام يوماً لأحد من طغاة الأنظمة دون استثناء ولولا استحمار الشعوب لما استطاع البقاء على ما هو عليه من عنف و إكراه وظلم وفساد وقد ساعده على ذلك ومنذ أكثر من أربعين سنة رجال دين ومثقفون ونخب علمية كلهم هاموا بنعيم السلطة وهوى السلطان .
 
بدا الربيع اللبناني أول التحولات الجديدة في البنية العربية وكان بفصوله الزاهية ومستوياته الراقية يعزّز من طبيعة التنوع اللبناني ويغذي من ثراه ومن خصائصه في ظل حصارات متعددة لقوى لا تعرف سوى طرق البطش و البلطجة والقيام بردة مدروسة على الربيع اللبناني بتفليت كل ذميم لممارسة ما يسيئ الى المنتفضين على فُحش السلطة من تجاوزات يعلم القاصي و الداني ومن ذو حظ و ألقى السمع و هو بصير أنها من صنع جلاوزة النظام الريعي .
 
هتفت مدينة الله طرابلس بصوت وطني وحنجرة عربية فسمع العراق المنسي و الضائع بين عجم وعرب ونفض عنه غبار الذل و التحف عباءة الحسين عليه السلام وقامت قيامة الحسينيين ضدّ اليزيديين الجُدُد وقد رسموا له لوحة جدارية وطنية لم يشهد ألوانها العراق في مراحل تاريخيه فرضت على العرب تحيّة ثورة الحسين الجديدة و على الشعوب كافة الإنحناء الطوعي لشباب يستقبلون رصاص السلطة بصدورهم العارية وبابتسامة الشهداء الواثقين من شهادتهم فداءً للعراق الذي نهبوه بنهم لم يشهده جوع عربي لا من قبل وبالتأكيد لا من بعد اذ اجتمعت الغيلان و الحيتان في بلاد الرافدين وعاثوا فيه فساداً قلّ نظيره حتى حيتان المال و السلطة في لبنان أقل جوعاً لا لإعتبار فيهم بل لطبيعة حجم السرقة لذا تناهشوا النفايات و الأوساخ و القاذورات لقلّة المونة في لبنان .
 
ما حدث بقدرة قادر أو انها عصية على القادر حتى لصعوبة القيام و النهوض ضد طواغيت و فراعنة لا مثيل لهم على وجه البسيطة كونهم من يقرعون أجراس الكنائس ومن يؤذنون في الناس للحجّ و إقامة الصلاوات ولمّ الزكاوات والخموسات وما كان للعابر و أهل السبيل من صدقات وكفارات وما جاء به الفقيه ليسرق أموال الناس بالباطل و باسم الإله الواحد الأحد .
 
إن الشكوى لغير الله مذلة لذا لا يشتكي اللبنانيون و العراقيون لطواغيت العصر ولا يقارون على كظة ظالم وسغب مظلوم لقد نكأوا كل جراحاتهم لم تعد تخيفهم سياط الجلادين ولا مخدرات الواعظين ولا عنتريات المتعنترين والمستقوين بقوّة زائلة لا محالة طالما أنها قوة في سبيل الطاغوت وها هو الطاغوت في باطن الأرض جثة أكلتها الديدان و الحشرات ونخرت عظامها سوسة الحساب .
 
لن نقول كما هي الأناشيد في الأديان و الأحزاب أن الصبح قريب ولم يأت بعد لذا راحوا على الإنتظار على حدّ السيوف وبين الرقبة و الوريد ليقطعوا من خلاف أوصال الناس البسطاء إفساحاً لهم لجنة لا تؤتى إلاّ على دماء الضحايا .بل سنقول أن جولة المظلوم على الظالم وردة على قبر  الظلم .