المجتمع مفهوم أوسع من الدولة، وهو مجموعة مؤسسات والدولة مؤسسة من هذه المؤسسات , لذلك لا يمكن أن تكون الدولة أكبر من مجتمعها، وينبغي على الدولة أن تحاكي تطلعات شعبها، ففي لبنان قد سبق الشعب دولته نحو مفهوم الدولة الحديثة بأشواط كبيرة، فعلى الدولة بكل مؤسساتها أن تراجع طبيعة تركيبتها السياسية والمؤسساتية لكي تلبي طموحات المجتمع اللبناني الذي تقدم عليها، ولم يعد تقنعه آليات الحكم البالية القائمة على التوازن الطائفي أو المحاصصة الطائفية التي  حرمت وإستبعدت الكفاءت العلمية وإستبدلتها بالزبائنية والمذهبية في كل مرافق الدولة حتى باتت الدولة مرتعا للفساد، وتحول الوطن إلى مركب يطوف على بحر من الفساد .
بعد 17 تشرين الاول،  المفصل التاريخي في لبنان الذي وضع سكة الحداثة على طريقه الصحيح،  يجب على السلطة الحالية إلتقاط اللحظة لإنقاذ نفسها والمجتمع بكليته من الضياع، لأنها لحظة قد لا تتكرر .
 
وعى الشعب حجم الاستغلال الطبقي الواقع عليه، في مقابل طبقة من البرجوازية الرأسمالية المتوحشة التي لا تشبع ولن تشبع بدليل ما كشفت عنه التقارير من فساد بنيوي في عقول السلطويين وحواشيهم، لذلك إن هذه الثورة سوف تتقدم باتجاه تغيير بنى إجتماعية وقيم سياسية كانت سائدة لأنها ثورة وهذه هي شروط الثورة .
 
كشفت الثورة حجم الوعي الطبقي الذي هو ضمانتها في الاستمرار، وضمانة عدم الانزلاق في أي إستغلال من السلطة وخارجها،  قبل  والضمانة الاخرى لعدم الانزلاق هو معرفة هذا الجيل بخطورة الحرب الاهلية إذ قد سمعنا منه في الشارع كيف يصرخ متجاوزا مفهوم الطائفية .
 
أمام السلطة والمتسلطين اليوم خيار إلتقاط هذه اللحظة التي يؤسس عليها الكثير من بناء وتقدم وإزهار .