ظلت شركات السجائر تستهدف الرجال في الترويج لمنتجها لسنوات منذ بداية القرن الماضي، واستخدمت من خلال حملاتها الإعلانية طرقا لإقناع جمهورها بأن المنتج يضفي مزيدا من الوسامة والرجولة على المدخنين، فضلا عن ارتباطه بالنبلاء والأثرياء، كما أن الهدوء والذكاء والقدرة على التركيز من أهم المميزات التي توهم بها شركات التبغ زبائنها.
 
لكنها كجميع الشركات ترغب في توسعة القاعدة الجماهيرية لديها، فكان القرار باقتحام دائرة النساء، ولكن كيف والسجائر مرتبطة في الأذهان بالرجولة؟ فكان عليها اتباع وسائل أكثر ذكاء تحول السيجارة من مرحلة "العيب وكسر التقاليد" إلى حالة الإثارة والأنوثة.
 
الخدعة الأولى: لخفض الوزن
ما قدمته شركة "لاكي سترايك" (Lucky Strike) في عشرينيات القرن الماضي كان بمثابة الدليل لشركات التبغ لاقتحام عالم النساء حين قررت الشركة زيادة مبيعاتها بنسبة 300% في العام الأول لطرحها السجائر للنساء، فأطلقت شعار "الوصول إلى لاكي بدلا من الحلويات.. الطريق الأسهل لعدم زيادة الوزن".
 
استهدفت الخطة إقناع النساء باستخدام معايير الجمال والأزياء السائدة حينها، إذ روجت أن السجائر تساهم في خسارة الوزن، بحسب بحث لجامعة ستانفورد عن تأثير الإعلان على زيادة مبيعات منتجات التبغ، ليتزامن مع نشاط حركات المساواة وتحرير المرأة في بداية القرن الماضي.
 
 
الخدعة الثانية: أنت حرة
"التدخين يرفع الشأن الاجتماعي ليجعلك امرأة مفعمة بالأنوثة والذكاء والرقي"، هكذا قدمت الشركات منتجها النسائي الجديد، لكن لا يمكن خسارة جمهورها الأصلي من الرجال، لذا كان الوقت مناسبا للفصل بين الجنسين في التدخين، لتبدأ الشركات في إنتاج "السجائر الرفيعة الخفيفة قليلة القطران" -بحسب زعمها- في عبوات أنيقة نصف حجم العبوات الرجالية تتناسب مع حجم حقائب اليد النسائية الصغيرة.
 
وفي العام 1929 نظمت الشركة الأميركية للتبغ مسيرة نسائية تحت عنوان "مشاعل الحرية" في عيد الفصح بأكبر شوارع نيويورك حولت من خلالها مفهوم التدخين من المحرمات المجتمعية إلى الترويج للمساواة وتحرير المرأة، ودعت المسيرة النساء إلى إشعال السجائر كدليل على تحررهن من القيود المجتمعية.
 
وتعد المسيرة واحدة من أشهر الخطط الترويجية تاريخيا التي ساهمت في خداع الجمهور وقلبت الحقائق بهدف بيع منتج تجاري، ولاقت الدعوة اعتراضا من الرجال على منافسة النساء لهم في منتجهم الذكوري المفضل، إذ ظهرت حينها آراء بعضهم جادة والأخرى ساخرة، ووصفوا النساء بأنهن لا يعرفن كيف يدخن السجائر، وقيل إن امرأة واحدة يمكن أن تنفث دخان سيجارة يعادل مجموعة من الرجال، لذا فإن التدخين أمر لا يناسبها، بحسب صحيفة نيويورك تايمز. 
 
الخدعة الثالثة: راقية وأنيقة
لاقت المسيرة دعما إعلاميا حينها، إذ نشرت الصحف والمجلات صور مجموعة النساء الأنيقات اللاتي ارتدين ملابس فاخرة وقد أشعلن السجائر، المسيرة التي لا يستهان بأثرها نجحت في تطبيع مسألة تدخين المرأة في غضون عام واحد فقط، وبات تدخين النساء أمرا مستحبا، ويضيف أنوثة وجمالا للمرأة المتحررة حتى أصبح يطلق على السجائر النسائية "مشاعل الحرية".
 
الخدعة الرابعة: مفيدة صحيا
في الأربعينيات من القرن الماضي بدأت شركات التبغ توجه الجمهور -من خلال الاستعانة بالأطباء- إلى أن منتجها صحي، لتوثيق أن السجائر قد تكون مفيدة للصحة كشعارات شركة "كاميل" (Camel) "ما يطلبه الأطباء"، و"الأطباء يدخنون سجائر كاميل".
 
 
الخدعة الخامسة: منتج خفيف لامرأة خارقة
في نهاية الستينيات أطلقت شركة فيليب موريس شعارها الشهير "لقد قطعت طريقا طويلا يا صغيرتي"، وتزامن ذلك مع ظهور المشاهير من الفنانات في إعلانات السجائر، ويظهر منتج "فيرجينيا سليمز" (Virginia Slims) النسائي الذي يروج بأنه المنتج الخفيف قليل القطران والذي يتناسب في تصميمه مع أنامل النساء الرقيقة، ومع ظهور شخصية سوبرمان في السبعينيات ظهرت معه "سوبر وومن" (المرأة الخارقة) على عبوات السجائر.
 
الخدعة السادسة: وردية كالزهور
مع بداية الألفية الثانية اهتمت شركات التبغ بتوسيع الشريحة الجماهيرية لديها، وذلك باستقطاب الفتيات، فبدأت شركة لويس موريس المنتجة لعلامة مارلبورو الشهيرة في إنتاج عبوات سجائر وردية اللون لجذب المراهقات إلى التدخين.
 
ورغم أن قوانين مكافحة التبغ تنص على حظر وتجريم الترويج لمنتجات التبغ وكافة وسائل الدعاية والرعايات في الدول المصدقة على الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ -والتي تبلغ 168 دولة- فإن شركات التبغ باتت تستهدف الفتيات من سن 14 عاما من خلال رعايات معلنة أو مستترة للأنشطة الرياضية والحفلات الشبابية.