يُؤشّر اجتماع الحريري بالوزير جبران باسيل يوم أمس إلى احتدام الأزمة الحالية التي تعانيها البلاد هذه الأيام منذ السابع عشر من تشرين الأول وحتى اليوم، ولعلّ ظهور باسيل مرّةً أخرى في المشهد السياسي هو المُستفزّ والنّافر، ويؤكد مرةً أخرى أنّه القائم الوحيد بأعمال قصر بعبدا، ليتضاءل بعد ذلك حلم بعض اللبنانيين بأن يبادر رئيس الجمهورية، والذي بيده الحلُّ والربط، إلى نزع فتيل الأزمة بالطلب من صهره الوزير باسيل أن يتنحّى قليلاً من المعترك السياسي، رأفةً بلبنان ومؤسساته الدستورية، قبل الشروع بتلبية طلبات الشارع التي تمحورت حول ضرورة إقالة الفاسدين، ناهيك عن محاسبتهم واسترداد ما نهبوه من مالٍ عام، مرّةً أخرى يثبُت بالدليل القاطع أنّ يد الرئيس عون مغلولة إلى عنُقه عندما يتعلق الأمر بالوزير جبران باسيل، الذي مكّنه الجنرال عون(قبل تولّيه رئاسة الجمهورية) شؤون حزب التيار الوطني الحر، ومن ثمّ ولّاهُ مُنفّذاً فعليّاً لشؤون رئاسة الجمهورية، ممّا سمح له بالتّحكُم بالمجريات السياسية في طول البلاد وعرضها، وهذا ما يُصعّب أمر تنحيته، كما أنّ عودتهُ إلى أيّة تشكيلة حكومية مُرتقبة، ستُواجه برفض شعبي عارم، وهكذا عُدنا إلى المُربّع الأول منذ انطلاقة الثورة الشعبية كما قال الوزير وليد جنبلاط، عندما سمح الرئيس عون للوزير جبران باسيل بتنظيم مهرجان حزبي في قصره" الجمهوري".
 
أوضاع البلد المالية والاقتصادية الحرجة لا تحتمل هذا التّرف بدلال الصهر يا فخامة الرئيس، من أولويات مطالب ثورة السابع عشر من تشرين الأول اختفاء رموز الفساد من أهل الحكم، وباسيل هو واحدٌ منهم إن لم يكن من أبرزهم، البلد اليوم بات على شفا حُفرةٍ من النار، وباسيل يعترض طريق الخلاص، ويبدو أنّ من نسجوا خيوط التسوية الرئاسية التي جاءت بالرئيس عون رئيساً للجمهورية، لم يتنبّهوا إلى أنّهم بتسويتهم "البائسة" هذه إنّما كانوا يحملون جبران باسيل إلى القصر الجمهوري لا عمّه الجنرال عون، ولات ساعة مندمِ.