تحملُ ثورات العالم في طيّاتها بعدًا انسانيًّا ونضاليًّا ولاسيّما أنّ هدفها تغيير النظام أو الطبقة السياسيّة الحاكمة خصوصًا وان كانت مبنيّة على الفساد ونهب ثروات الشعوب.
 
المشهد في لبنان بات واضحًا، ولا يحتاج إلى كثير من النباهة، فهناك من يعمد إلى تحقير المطالب لعزل الثورة وتشويه صورتها واسقاطها أمام الرأي العام المحلّي والدولّي.
 
وأطلق اليوم أحد مرافقي النائب زياد أسود كلامًا  غير أخلاقي على صفحته الخاصة بفيسبوك  مُتطاولًا على كرامات الثوار بأقذر أنواع الشتائم إلّا أنّه ما لبث أن عاد وحذف التدوينة عن صفحته الخاصّة على فيسبوك.
وفي هذا الصدد، اعتبرت الناشطة الحقوقيّة، أمينة سرّ سابقة في المركز الدولي للملكيّة الفكريّة والدراسات الحقوقيّة، الأستاذة أنديرا الزهيري، أنّ التطوّر والتوسّع الإلكتروني والسيبراني، خلق مفهومًا جديدًا للجريمة التي لطالما  كانت  مُحدّدة ضمن اطار مُعيّن ملموس يرتكزُ على الركن المادّي والمعنويّ والقصد الجرمي.
 
وتابعت:" كان لابُدّ من تدارك هذا الأمر  لمحاولة ايجاد آليّة، لضبط تلك الظاهرة الافتراضيّة التي باتت أشدّ فتكًا وضررًا على الأفراد والمجتمع".
 
وفيما يتعلّق بجرائم القدح والتّشهير على مواقع التواصل، قالت لـِ "لبنان الجديد":" هدفها تشويه سُمعة الأفراد ومؤخرًا أصبحنا نسمع أنّه  تمّ إستدعاء  فلان  بسبب تغريدة أو موقف يُعتبرُ مسيئًا لجهّة أوّ لأخرى، حيثُ أحيانًا  لا ينطبق عليها مفهوم جرائم المطبوعات إنّما تدخل في نطاق الجرائم الالكترونيّة  التي  أصبحت محطّ اهتمام الدول العظمى التي بادرت إلى تعديل قوانينها  ووضع العقوبات للحدّ من  ضررها وخطورتها على الأفراد والمجتمعات والدولة وأنظمتها، أمّا في لبنان مازال  قيد التطوير إلّا أنّه  على  المسار الصحيح وخصوصًا للدور الذي أعطي لمكتب مكافحة جرائم المعلوماتيّة والملكيّة الفكريّة".
 
ولدى سؤالنا عن الحالة التي حصلت اليوم مع مرافق أسود، أجابت الزهيري:"في حالتنا هذه عندما يُقدّم شخص ما على وضع عبارات معيبة ومنافية للآداب والحشمة على موقع الفايسبوك ضدّ جهة معيّنة  تتنافى مع القيم و الأخلاق ممّا يُشكّل إصابة بالغة وضررًا في الصميم ".
 
وتابعت:"هذا الفعل يقع تحت نطاق المواد 582-584 من قانون العقوبات معطوفة على المادّة 209 من القانون نفسه. وبحال ثبت  عليه  هذا الجرم يمكن  التقدم بشكوى للادعاء عليه امام النيابة العامّة المختصّة والتي بواسطتها تحال الشكوى الى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتيّة وحماية الملكيّة الفكريّة لاجراء المقتضى لملاحقة "المدعى عليه" بالجرم المنسوب إليه تمهيداً لإحالته أمام القضاء المختصّ وانزال أقصى العقوبات الرادعة بحقّه عن جرم القدح والذم والتحقير وإدانة المدّعى عليه بالجرم المنصوص عليه في المواد 582-584 من قانون العقوبات".
 
ويبقى السؤال، هل ستتمُ محاسبة كلّ من اساء واستخدم عبارات لا تليق  بالاخلاق والمبادىء، وكيف يُمكننا الحدّ  من تلك الثقافة  التي اتخذت منحنى خطيرًا ومُدمرّاً للمجتمع  السؤال برسم الامنيّين والقضاء.
 
ويشهد لبنان، منذ أكثر من أسبوعين، مظاهرات حاشدة للتنديد بالأوضاع الاقتصادية والطبقة السياسيّة الحاكمة.
 
وانطلقت الاحتجاجات في 17 تشرين الأوّل الماضي، بعد إقرار مجلس الوزراء لضرائب جديدة بموازنة 2020.