اصراري اليوم على قانون الشفافية المطلقة يؤكده ما يتم تداوله والمطالبة به في الايام الماضية من مطالبة بالمحاسبة وملاحقة الفاسدين، ويبقى الهم الاساسي كيف ستحارب الفساد من دون امتلاك المعلومة وكيف سنتفادى ما حصل من فساد في المرحلة السابقة.

ينص قانون الشفافية والبيانات المفتوحة الذي اقترحته في مادته الاساسية على التالي:" على الإدارة أن تعتمد سياسة البيانات المفتوحة، اي ان تجعل كافة بياناتها الادارية مُتاحة للعموم عبر مواقعها الالكترونية (في المرحلة الاولى) أو على بوابة منفصلة للبيانات المفتوحة (في مرحلة لاحقة).
                      
لماذا نصر على البيانات المفتوحة؟ ولماذا تعد البيانات المفتوحة ضرورية للديمقراطية؟ 

عندما يكون المواطنون مسلحين بالمعرفة ، فإنهم يشاركون بشكل أكثر جدوى في حكومتهم. يتيح الوصول إلى البيانات الأولية للأفراد استخلاص استنتاجاتهم الخاصة بدلاً من الاعتماد على التفسير الحكومي أو السياسي . عندما تصبح المعلومات ديمقراطية ، يمكن للمواطنين أن يواجهوا تحدي تحليل زعمائهم واعلامهم ويحللوا بنفسهم . بالإضافة إلى ذلك، عندما تكون البيانات متاحة بسهولة ، يكون الصحفيون (الاستقصائيون منهم) أكثر قدرة على التصرف كـ "وحدات فك ترميز" لجمهورهم، ويشرحون المعلومات الحكومية المعقدة في بعض الأحيان إلى الجمهور لتعزيز الشفافية والمساءلة. وفي هذا السياق اود ان اتقدم بالتهنئة لقريق عمل ليسقط حكم الفاسد على الجديد، هذا هو الاعلام الذي بحتاج بشدة الى البيانات المفتوحة. 

 في كلتا الحالتين، تزود البيانات المفتوحة الناخبين بأدوات للدفاع عن مصالحهم. على سبيل المثال، عندما تتوفر أصوات النواب على الاننرنت، يمكن للناخبين مراقبة ما إذا كان ممثلوهم يوفون بوعودهم الانتخابية، ويبلغون قرارات الناخبين في الانتخابات المقبلة. وبالمثل، عندما يتم إتاحة العقود الحكومية للجمهور، يصبح من الصعب إخفاء الفساد، مما يمكّن الناخبين من المطالبة بالمساءلة.

وحيث أنه أصبح واضحا اليوم أثر التكنولوجيا الإيجابي على تقديم الخدمات، وإمكاناتها في تدعيم الحوكمة وتحسين العلاقة بين الحكومة والمجتمع الذي تخدمه. إذ تسمح التكنولوجيا بانفتاح الحكومات، وجعلها قريبة من جميع أفراد المجتمع في المناطق الجغرافية كافة، وذلك بفضل التواصل والتعاون الثنائي الاتجاه. لهذا السبب، كان للتكنولوجيا دور مركزي في تنفيذ مبادرات الحكومة المفتوحة، وفي بناء المؤسسات العامة القوية والشفافة والخاضعة للمساءلة، التي تخدم المواطنين وتعزز مشاركتهم الفاعلة في إيجاد الحلول المناسبة للتنمية المستدامة. 

نطلب اليوم ان تكون البيانات التالية بيانات مفتوحة للمواطن للانتهاء من حالة الاتهام والاتهام المتبادل، واستغلال الاتهامات في السياقات السياسية: 

1- الموازنات والتقارير المالية والاقتصادية 
2- محاضر وقرارات مجلس الورزاء 
3- جميع العمليات التي بموجبها يتم دفع أموال عمومية مهما بلغت قيمتها، على أن يتضمن ما يلي: قيمة عملية الصرف، وكيفية الدفع، والغاية منه، والجهة المستفيدة، والسند القانوني الذي بموجبه جرى الصرف (مثلاً: مناقصة، عقد بالتراضي، تنفيذ حكم قضائي).
4- الرواتب والاجور والتعويضات، الحوافز وبدلات السفر والنقل واللجان والتعويضات الاجتماعية والمدرسية 
5- القرارات الادارية من تعيين وترقية ونقل موظفين، تعيين لجان وقرارات فصل واستحداث دوائر ومكاتب جديدة 
6- التبرعات والمساهمات والمساعدات على اشكالها وانواعها التي تقدمها الادارة 
7- الملفات والتقارير والدراسات والمحاضر والإحصاءات .
8- الأوامر والتعليمات والتوجيهات والتعاميم والمذكرات والمراسلات والاراء والقرارات الصادرة عن الادارة.
9- العقود التي تجريها الادارة.
10- التقارير السنوية تتضمن معلومات حول آلية عمل الادارة تتضمن التكاليف والأهداف والقواعد والإنجازات والصعوبات التي اعترضت سير العمل والحسابات المدققة. والسياسة العامة المعتمدة والمشاريع الخاصة بالادارة المعنية، التي نفّذت والتي لم تنفّذ وأسباب ذلك، وأيّة إقتراحات تساهم في تطوير عمل الإدارة. 
11- وثائق المحفوظات الوطنية.

وفي هذا الاطار وتزامنا مع اقرار قانون الشفافية والبيانات المفتوحة يجب ان تكون كل جلسات مجلس الوزراء وجلسات مجلس النواب واللجان علنية  باستثاء مداولات مجلس الوزراء ومقرراته التي يعطيها الطابع السري مع ايجاد آلية واضحة للتصويت تبين رأي كل مسؤول بوضوح بعد ان تم تمييع المواقف الحقيقية من الضرائب الاخيرة وتبرأ كل طرف منها. 

لقد بات واضحاً ان السبب الرئيسي للثورة التي يشهدها لبنان هو فقدان الثقة بالسلطة الحاكمة، اعادة الثقة لا تكون عبر وعود وخطط طويلة الأمد، اعادة الثقة تكون عبر مباشرة السلطة بفتح المعلومات امام المواطنين، عبر اقرار قانون ثوري يحوّل الحكومة الى حكومة مفتوحة يجعل المواطن على اطلاع يومي بعمل السلطة من صرف للمال العام وصولا الى اصغر قرار اداري. 

فاليوم قبل اختصاص الوزراء واذا كانت حكومة تكنوقراط ام لا ، اذا لم تعتمد الشفافية الكاملة في عملها سنعود الى لعبة الاتهامات ويصبح لكل مواطن سبب للنزول الى الشارع .