لم يعد المورّدون وتجار «الجملة» يقدمون فواتير بالليرة اللبنانية لتجار «المفرّق»، بل أصبحت الفواتير كافة، باستثناء الفواتير الصادرة عن إدارات القطاع العام، بالدولار الاميركي حصراً، على أن يتم تسديدها بسعر الصرف الذي تحدده سوق الصيرفة يومياً، في حين يتزايد عدد المحال التجارية التي ترفض الدفع من خلال البطاقات الائتمانية وتستقبل فقط السيولة النقدية.
 

بينما يملك تجار التجزئة حرية الدفع بالدولار أو بالليرة اللبنانية، إلّا انّ سعر صرف الليرة غير الرسمي يحدده كلّ تاجر على هواه بمعدل تراوح في اليومين الماضيين بين 1600 و1700 ليرة للدولار، يعرض الصرافون الدولار بمعدلات أعلى مقابل الليرة بلغت 1850 ليرة للدولار في الاسبوع الحالي، بسبب شحّ الدولار وتزايد الضغوط الاقتصادية والسياسية في ظلّ إقفال المصارف أبوابها 12 يوماً على التوالي.

لكنّ الخسائر التي يتحمّلها التجار نتيجة ارتفاع سعر الصرف في السوق غير الرسمية، يدفعهم الى رفع أسعار السلع، وهو الامر الذي بدأت تظهر مفاعيله في الاسواق. في حين يبحث بعض الشركات في إمكانية الاقفال بسبب عدم قدرته على شراء الدولار في السوق الموازية، في موازاة عدم قدرة الزبائن على تسديد كلفة البضائع بالدولار. كما أنّ الضغوطات بدأ تتزايد على التجار، لأنّ الشركات المورّدة تشترط عليهم دفع قيمة الفواتير نقداً وأوقفت إعطاء مهل للدفع كما كان الحال في السابق.

البطاقات الائتمانية مرفوضة

والمشكلة المستجدّة التي يعانيها المستهلك، تتمثّل في زيادة عدد المحال التجارية في مختلف القطاعات، التي ترفض بطاقات الدفع الائتمانية كوسيلة للدفع وتشترط الدفع نقداً، بذريعة انّ أجهزتها متوقفة وانّ الاعطال ناتجة عن شركات تكنولوجيا الدفع الاكتروني التي توفّر تلك الخدمات.

في هذا الإطار أكّد الرئيس التجاري لشركة تكنولوجيا الدفع الاكتروني «أريبا» رمزي الصبّوري، لـ«الجمهورية»، انّ شركة «أريبا»، التي تستحوذ على 50 في المئة من سوق الدفع الاكتروني عبر البطاقات في لبنان، لم توقِف عملياتها يوماً خلال الأزمة الحالية، واستمرّت في تحويل أموال التجار التي تم استيفاؤها عبر البطاقات الائتمانية، الى حساباتهم المصرفية.

وقال انّ بعض أصحاب المحال التجارية رفض التعامل بالبطاقات الائتمانية، ربما لحاجته الى السيولة النقدية او لعدم حيازته على بطاقات آلية تخوّله السحب من حساباتهم المصرفية، ولكنّ الأكيد انّ شركات تكنولوجيا الدفع الاكتروني لم توقِف عملياتها يوماً واحداً.

ونفى الصبّوري أن تكون شركات تكنولوجيا الدفع الاكتروني قد زادت الكلفة التي تتقاضاها من المحال التجارية لدى استخدام البطاقات الائتمانية، كما زعم بعض التجار، مؤكداً انّ الرسوم على الدفع بواسطة بطاقات الائتمان ما زالت على حالها، وانّ التجار يستغلّون هذه الظروف من أجل رفع أسعار السلع.

وكشف انّ استخدام البطاقات الائتمانية للدفع تراجَع بنسبة 60 في المئة يومياً خلال فترة الاحتجاجات التي استمرّت 12 يوماً، «وهذا أمر طبيعي، نظراً لأنّ معظم المحال التجارية الكبرى، التي تُستخدم فيها البطاقات الائتمانية بنسبة كبيرة، كانت مقفلة لغاية أمس الاول».

واعتبر الصبّوري انه رغم توافر أجهزة الصرّاف الآلي التابعة للمصارف، فإنّ نسبة كبيرة من عملاء المصارف غير مُعتادة على التعامل إلكترونيّاً، «وربّ ضارّة نافعة» قد تساعدهم في زيادة الوعي حول ضرورة التحوّل نحو التعاملات الإلكترونية، لأنهم خلال تلك الأزمة كانوا بحاجة لهذا النوع من العمليات، لكنّ بعضهم لا يملك بطاقات آلية مصرفية لتنفيذها».

المحروقات

على صعيد السلع الحيوية التي يُستنفد مخزونها في ظلّ تعثّر القيام بعمليات استيراد جديدة، أكّد مستوردو المحروقات انّ الآلية التي أعلن عنها مصرف لبنان، والتي سيوفّر من خلالها الدولار بالسعر الرسمي من أجل استيراد المحروقات والأدوية والقمح، لم تدخل حيّز التنفيذ بعد. وقال ممثل شركات موزّعي ​​المحروقات​​ في ​لبنان​ فادي ابو شقرا لـ«الجمهورية»: «إننا بانتظار فتح المصارف صباح اليوم، على أن يبدأ تطبيق آلية مصرف لبنان وتحديد على أي سعر صرف سيتمّ تسعير الدولار».

وناشَد وزيرة الطاقة في حكومة تصريف الاعمال وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الاعلان عن آلية الاستيراد بوضوح، وعن سعر صرف الليرة الذي سيتم التعامل به مع الشركات المستوردة للنفط.

وأشار ابو شقرا الى انّ الشركات المستوردة للمحروقات سبق أن اتّفَقت مع محطات الوقود، وفقاً لتعميم مصرف لبنان، على سعر صرف يبلغ 1515 ليرة، «لذلك نريد توضيحاً من مصرف لبنان ووزارة الطاقة حول السعر الذي ستم اعتماده، كي لا تقول لنا الشركات انّ السعر الجديد سيكون بحدود 1520 و1525 ليرة».

وأوضح انه في حال فتحت المصارف أبوابها اليوم، فإنّ الشركات المستوردة للمحروقات تملك مخزوناً كافياً الى حين فتح الاعتمادات المصرفية واستيراد شحنات جديدة، «وبالتالي، لن يكون هناك أزمة محروقات».

وفي هذا الاطار، إجتمع رئيس نقابة أصحاب محطات المحروقات في لبنان سامي البركس، أمس، مع مدير عام وزارة الطاقة والمياه أورور فغالي، لمطالبتها بإيجاد حلول للمشاكل التي لا يزال يعانيها أصحاب المحطات، وأبلغها موقف النقابة منها، وهو:

- الرفض التام لِما تقوم به بعض شركات استيراد النفط بالفَرض على زبائنها أصحاب المحطات تسديد ثمن البضائع المُشتراة منها نقداً وبالدولار الاميركي.
- على الوزارة وضع حد لهذه الشركات لأنها لا تزال تصدر فواتيرها بالدولار الاميركي، بالرغم من الاتفاق الذي قام على تسليم المحروقات بالليرة اللبنانية.

- متابعة موضوع المبالغ التي قبضتها وتقبضها الشركات بالليرة اللبنانية من أصحاب المحطات مقابل إيصالات مؤقتة، وأصرّ على انّ جميع هذه المبالغ يجب احتسابها على سعر صرف لا يفوق 1515 ليرة لبنانية للدولار الواحد.

وأكدت المدير العام متابعتها اليومية مع المعنيين في مصرف لبنان لضمان فتح الاعتمادات للشركات المستوردة وفقاً للآلية المتّفَق عليها، ومطالبة المصرف تحديد سعر الصرف الذي تم الاتفاق على اعتماده من قبل المصارف في التحويلات اليومية لهذه الشركات، والذي بات معروفاً أنه 1515 ليرة، وذلك بموجب كتاب خطي، لتطبّق عندها هذه الآلية على أصحاب المحطات، ما يحلّ جميع مطالبهم.

القمح

كذلك الأمر بالنسبة للمطاحن التي انخفضت احتياطات القمح لديها لما يكفي نحو 3 أسابيع، أي أقل كثيراً من الاحتياطيات النموذجية التي تكفي من 3 أشهر إلى 4.

وأوضح بشار بوبس، صاحب مطاحن لبنان الحديث لـ«الجمهوريّة»، انّ أصحاب المطاحن بانتظار فتح المصارف اليوم للسير بآلية مصرف لبنان واستئناف عمليات الاستيراد.

وأشار الى انّ مخزون القمح ليس كبيراً «لكننا نأمل أن تستتب الأمور مع إعادة فتح المصارف». لافتاً الى أنّه من المتوقع أن تصل إحدى البواخر الى لبنان في الاسبوع المقبل، وقد أرسلنا المستندات أمس الى أحد المصارف للسير بآلية تعميم مصرف لبنان، على أمل ان لا يحصل تأخير في هذا الاطار. كما أنه تمّ أمس تفريغ حمولة 3 بواخر تحمل 12 ألف طن من القمح، كانت تقبع منذ 10 أيام في المرفأ».

وعبّر بوبس عن قلقه من أن يفرض الموردون علاوات مخاطر عالية على الشحنات المتّجهة إلى لبنان، أو أن يوقفوا البيع له كلياً بسبب تأخير البواخر والتأخّر في الدفع، ما سيؤدي إلى زيادة التكاليف، في حال استمرار مشكلات العملة الصعبة.