بعض الحالات من الفنانين الذين صدموا جمهورهم ومحبيهم بمواقفهم ليس لصحتها او عدمه انما لما توقعوا فحصل العكس.
 
مع اندلاع الأحداث التي اسموها "ثورات الربيع العربي" والتي اثبتت فيما بعد أنها مؤامرات خارجية ركبت موجة المطالب المحقة تتوجه الانظار لمعرفة مواقف الفنانين من الاحداث التي اندلعت في بلادهم، والواقع أن الفنان دون غيره يؤثر بشريحة كبيرة من المجتمع كما لموقفه المؤيد او المعارض سواء للثورة او للسلطة او غير ذلك أن ينعكس ايجابا او سلبا على جمهوره وشعبيته، وللفنان دور رائد في توعية وتصويب الرأي العام كما الاعلام عن طريق الاعمال التي يقدمها، فالفن مرآة المجتمع ويقع عليه مسؤولية اظهار الواقع كما هو ربما في سبيل تصويبه.
 
ولعل مواقف الفنانين في سوريا لأنني اتابعها اكثر من سواها ليس لانها الوحيدة التي برزت مواقف الفنانين فيها، هي الأكثر بروزا منذ بدء الاحداث الدامية هناك وبتنا باللاوعي نسأل فلان معارض أو مؤيد او "قبل الازمة كنت حبو بس طلع ارهابي" او من وجهة نظر أخرى "طلع خاين للثورة وبيطبل للنظام"، حتى ان عملية التخوين طالت الزملاء فيما بينهم، فبات من الصعب أن يجتمع فنانان بوجهات نظر مختلفة في عمل واحد واضحينا نشتاق للزمن الجميل زمن المحبة والطيبة، ناهيك عن اعتراض شركات الانتاج حسب مواقفها على بعض الأسماء، اذا الفن والسياسة لا ينفصلان.
 
لا شك أن كل فنان حر بالتعبير عن رأيه وهو حر في توجهه ومواقفه وما أنا أود الحديث عنه اليوم أن الصدمات التي قد يسببها بعض الفنانين تنتقل من بلد لاخر كنوع من انواع العدوى وابرز مثال قد يخطر في بالك أن نجمة الثورات التي لطالما عرفت بأغانيها الحماسية وفجرت براكين الشعوب بكلماتها وصوتها الرنان الذي صدح في ساحة كل ثورة وكل نضال من فلسطين إلى كل الدول التي شهدت الظلم والعدوان غابت حين وصل الأمر لبلدها واختفت جوليا وبقي صوتها يصدح في ساحة الشهداء ورياض الصلح وفي طرابلس والجنوب والجبل والبقاع لكن دون جوليا، لربما الامر يعود لكونها متزوجة من السلطة لا بل من العهد بذاته فهي كما يعرف الجميع انها زوجة وزير الدفاع اللبناني قبل قليل والسابق الآن وهو المحسوب على التيار العوني علما انه الوزير المحبوب خصوصا حين كان وزيرا للتربية في حكومات سابقة لكنه طالما يشكل جزءا من السلطة فجوليا غابت ولم تغب معها شمس الحق ولم يتحول الفجر إلى غروب، ففجر الحرية انبلج حين نزل الملايين ونادوا بالصوت الواحد ثورة حتى اسقاط النظام،ولكن جوليا ليست الوحيدة التي اثارت صدمة عارمة بغيابها عن ساحات الوطن المنتفض فقد سبقها بموقف مشابه الفنان السوري ياسر العظمة صاحب سلسلة المرايا التي انطلقت عام ١٩٨٢ واستمرت حتى اليوم بنجاح لا يضاهيه نجاح واذ كان بجرأته المعهودة يسخر من افرع المخابرات وينتقد الحكومة الا ان الايام التي تلت الازمة السورية وصمت العظمة الذي احبط آمال المعارضين اذ لا اقول ثوار فمن وجهة نظري الذي حصل في سوريا انما مؤامرة وازمة لا ثورة بينت ان العظمة مدعوما من السلطة ولديه علاقات مع افرع المخابرات وان برنامجه ولوحاته الجريئة انما كانت متنفس للشعب السوري كي لا ينفجر من ايام الاسد الاب وصولا للابن.
 
تجدر الاشارة ان العظمة اليوم متواجد في سوريا لتصوير جزء جديد من سلسلة المرايا بعد ان قدم الجزء الأخير في الجزائر عام ٢٠١٣ بينما قدم مرايا ٢٠١١ في دمشق. 
 
وعلى ضفة أخرى فمن الفنانين من يفاجئك بتأييده المفرط للسلطة، وهذه المفاجأة تنبع من كونه كما حال العظمة من ابرز منتقدي السلطة ورموزها طيلة سنوات اذ ان الحال في لبنان على مستوى أعمق بكثير كوننا نتمتع بهامش واسع من حرية الرأي والتعبير وليس هناك من ضغط على احد للتأييد او للوصول لنتيجة ٩٩.٩ بالمئة من اصوات الناخبين وهذا الأمر حصل مع المخرج شربل خليل الذي صعد منبر الخطاب في مظاهرة مؤيدة لرئيس الجمهورية في جونيه وكال على زملائه الشتائم واصفا مؤيدي الثورة بمثليي الجنس وهو لمن لا يعلم صاحب بسمات وطن الذي شكلت انطلاقته على تلفزيون لبنان ثم انتقاله لل lbc فالجديد بسمة الشعب وليس متنفسا فنحن في لبنان لسنا بحاجة للتنفس بحرية فالهواء وحده متاح وكذلك فليس منفردا بل الحالة التي تشبهه في سوريا هي حالة الفنان دريد لحام صاحب مسرحية كاسك يا وطن منذ السبعينات وانتقد الحكومة بألفاظ نابية لاذعة ومع ذلك كان اول من أعلن تأييده المطلق للجيش العربي السوري وللرئيس بشار الاسد. 
 
لا اصوب مسارات ولا اوافق او أرفض انما احببت ان اعرض بعض الحالات من الفنانين الذين صدموا جمهورهم ومحبيهم بمواقفهم ليس لصحتها او عدمه انما لما توقعوا فحصل العكس.