حتّى لو أقدمت المصارف على تيسير أمور المواطنين من حيث توفير الرواتب، فإنّ هذا الواقع لا يخفي أنّ هناك أزمة حياتية معيشية متجدّدة وستتفاقم في الأيام المقبلة خصوصاً مع بدء نفاد المحروقات من الأسواق، واعتماد المحطات التقنين في التعبئة، يضاف إليها ارتفاع أسعار السلّة الغذائية الى حوالى 7 في المئة.
 

يتكشّف يوماً بعد يوم انّ التعميم الذي أصدره مصرف لبنان القاضي بفتح اعتمادات لاستيراد القمح والبنزين والأدوية لم يجد طريقه الى التنفيذ بعد. أمس الاول، كشف تجمّع أصحاب المطاحن عن عدم القدرة على تأمين التحويلات اللازمة لشراء القمح منذ اكثر من شهرين وبالتالي فانّ المخزون لا يكفي حاجة البلاد لأكثر من 18 يوماً، وقد انضمّ امس اصحاب المحطات والشركات المستوردة للنفط الى هذه الصرخة. وقد بدأت غالبية المحطات تعتمد التقنين في توزيع المحروقات حفاظاً على ديمومة عملها وتوفير النفط لمدة أطول.

في هذا السياق، أكّد رئيس تجمّع الشركات المستوردة للنفط جورج فياض انّه حتى الساعة لم تُفتح الاعتمادات وفق الآلية الجديدة التي اتفقنا عليها بسبب اقفال المصارف، لكننا نعمل على ايجاد حلّ لهذه الأزمة خلال الـ 24 ساعة المقبلة. اما اذا لم نتمكّن من فتح هذه الاعتمادات سيكون هناك نقص في هذه المادة.

ولفت فياض الى ان المخزون المتوفر اليوم في الاسواق يكفي لحوالى الاسبوعين الى 3 تختلف باختلاف كلّ شركة وفق مخزونها، لكن في جميع الاحوال يجب ان نستورد الآن، لأنّنا متى تقدّمنا بطلبية لشراء المحروقات يلزمها حوالى الاسبوعين لتصل الى لبنان.

وكشف فياض ان الشركات المستوردة للنفط وبهدف توفير المحروقات لفترة اطول في الاسواق تلجأ بدورها الى التقنين في التسليم للموزعين على المحطات، لافتاً الى تراجع الطلب على البنزين بسبب قطع الطرقات، انّما في المقابل يُسجّل ارتفاع في الطلب على المازوت بسبب حاجة المستشفيات ومولدات الكهرباء والتدفئة.

من جهته، أكد ممثل شركات موزعي المحروقات فادي ابو شقرا انّ هناك أزمة محروقات، موضحاً انّ المشكلة بدأت منذ ما قبل الحراك والمتمثلة بفارق سعر صرف الدولار بين السوق الرسمية والسوق الموازية، وعدم قدرتنا على توفير الدولار للشركات المستوردة للنفط لشراء المحروقات، أضف الى ذلك عدم السير بالتعميم الصادر عن مصرف لبنان والقاضي بفتح اعتمادات للشركات المستوردة للنفط، يتمّ من خلاله تحويل الاموال من الليرة اللبنانية الى الدولار ووضعها في تصرّف الشركات لدفع ثمن المحروقات الى الخارج، وذلك بسبب الإقفال القسري للمصارف، وبالتالي لا تزال الأزمة تراوح مكانها.

أضاف: يمكن القول ان الشركات المستوردة للنفط اليوم في أزمة لأنّه لم يتمّ تحويل الاموال من الليرة الى الدولار، وهذه الأزمة بدأت تنعكس علينا كموزّعي محروقات وأصحاب محطات، لذا لجأت بعض المحطات الى التقنين في بيع المحروقات، بحيث لا تبيع اكثر من صفيحة بنزين واحدة حفاظاً على ديمومة العمل وفقاً للمخزون المتوفر لدى كلّ محطة. ورجّح ان يستمرّ مدّ الأسواق بالمحروقات لحوالى أسبوع.

وناشد ابو شقرا حاكم مصرف لبنان عقد اجتماع طارئ بين الشركات المستوردة للنفط والمصارف لإيجاد حلّ سريع لموضوع الدولار، وكلّ تأخير في ايجاد حلّ لهذا الموضوع ينعكس سلباً علينا.

إقفال محطّات في الضنية

في هذا السياق، سُجّل أمس إقفال عدد من محطات الوقود في الضنية، ورفعت الخراطيم، بسبب نفاد الكميات الموجودة لديها من المحروقات، وعدم تسليم الشركات الموزعة كميات جديدة، بسبب قطع الطرقات، وعدم قدرة الصهاريج على الوصول إلى المنطقة.

أصحاب السوبرماركت

أمّا بالنسبة الى السلع الاستهلاكية ومدى صحة فقدانها من الاسواق في ظل قطع الطرقات، يؤكد رئيس نقابة اصحاب السوبرماركات نبيل فهد ان لا أزمة في السوبرماكات وان الحركة عادية وليس هناك طلب متزايد على المواد الاستهلاكية. اما عن النقص فأكّد ان المواد الاساسية متوفرة، لكن هناك بعض الماركات مقطوعة لكن يمكن الاستعاضة عنها بماركات أخرى. وأكد ان السوبرماركات تستلم البضاعة كالمعتاد من غالبية الشركات لكن لا شك انّه يصعب على بعضها تسليمنا البضائع بسبب قطع الطرقات. وأوضح حتى الشركات القادرة على تسليمنا بضائع لا تلبينا بالسرعة نفسها التي كانت قائمة قبل الحراك، او بالكميات التي نريدها.

أمّا عن ارتفاع الاسعار، فقال: بالطبع انّ الغلاء حصل لكن ليس بسبب الحراك انّما بسبب الرسوم الجمركية ونسبتها 3% التي فرضتها موازنة 2019، واكد انّ البضاعة في السوبرماركات لم تسعّر بعد على اساس سعر صرف الدولار في السوق السوداء بل هي لا تزال تسعّر على أساس السعر الرسمي للدولار، لكنّه لفت الى انّه الى جانب ارتفاع سعر صرف الدولار، فإن هناك مجموعة قرارات وتدابير بدأت تصعّب الأمور منها: ارتفاع الفوائد 50%، ارتفاع الرسوم التي تستوفيها المصارف، ارتفاع الرسوم على الدفع بواسطة بطاقات الائتمان 250%، ففي السابق كان التجار يدفعون ما نسبته 0.85% على كل فاتورة يدفعها المواطن بواسطة بطاقات الائتمان، لكن ما لبثت ان ارتفعت النسبة الى 1.75% لكن اعتباراً من آب ارتفعت النسبة على التجار الى 2%. فكلّ هذه التدابير ساهمت في رفع اسعار السلع ما بين 5 الى 7 في المئة والبعض القليل منها وصلت الزيادة الى 10%.

وعن رفض بعض التجار قبول الدفع بواسطة بطاقات الائتمان، اعتبر فهد انّ الامر عائد الى حاجة التجار للمال النقدي كي يدفعوا لموظفيهم ،ولثمن البضائع، الى جانب رفض الموزعين القبول بالدفع عبر بطاقات الائتمان بسبب إقفال المصارف بما يصعّب عليهم تحصيل اموالهم.