طوفان من الإشادات الداخلية إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب على خلفية عملية قتل زعيم تنظيم الدولة الإسلامية.
 
يعد مقتل أبوبكر البغدادي زعيم تنظيم الدولة الإسلامية إنجازا يُحسب للرئيس دونالد ترامب ربما يسهم في تخفيف الانتقادات المتزايدة في صفوف أنصاره، لكن من المستبعد أن يهدئ كثيرا التحقيق الذي يجري بقيادة الديمقراطيين في تعاملاته مع أوكرانيا.
 
لم يكن من الممكن أن تحدث هذه العملية في وقت أفضل من ذلك بالنسبة لترامب الذي يواجه تحقيقا يرمي لعزله يجريه الديمقراطيون في مجلس النواب، حيث يقولون إن محاولته إقناع أوكرانيا بالتحقيق في تصرفات منافسه السياسي جو بايدن تمثل سوء استغلال للسلطة ربما عرض الأمن الوطني للخطر.
 
كما تعرض ترامب لانتقادات حادة من الجمهوريين والديمقراطيين على السواء بسبب قراره المفاجئ سحب القوات الأميركية من شمال شرق سوريا، الأمر الذي فتح الباب أمام اجتياح تركي لاستهداف الأكراد حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.
 
وقال لانهي تشين الباحث بمؤسسة هوفر الذي عمل مستشارا لحملة ماركو روبيو في انتخابات الرئاسة عام 2016 وحملة ميت رومني في 2012 “لا أعتقد أن هذا الحدث يغير بالضرورة مسار حياتنا السياسية بأي شكل من الأشكال، لكنه من دون شك انتصار هائل للرئيس”.
 
وسيكون بمقدور ترامب الذي يسعى للفوز بفترة رئاسة ثانية في الانتخابات المقررة في نوفمبر 2020 التباهي بنجاح العملية خلال الدعاية الانتخابية باعتبارها سببا آخر لبقائه في منصبه بالإضافة إلى موقفه المتشدد من الهجرة غير الشرعية وسجله على صعيد الاقتصاد.
 
ولم يستطع ترامب إخفاء فرحته فنوه عن الحدث بتفاخره المعتاد في تغريدة قال فيها “شيء كبير للغاية حدث للتو” مساء يوم السبت بعد دقائق فيما يبدو من عودة القوات الأميركية الخاصة سالمة إلى قاعدتها.
 
 
 
وإدراكا منه لما أتيح له فجأة من رصيد سياسي، أعلن ترامب النبأ يوم الأحد من غرفة الاستقبالات الدبلوماسية في البيت الأبيض وهو يقف أمام أعلام الحرب التي نقلت خصيصا لهذه المناسبة من المكتب البيضاوي.
 
وقدم ترامب تفاصيل دقيقة بل ومروعة في بعض الأحيان عن موت البغدادي والغارة والتي زعم أنها “أكبر” من عملية قتل أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة في عام 2011.
 
وبعد ذلك وزع البيت الأبيض كبار المساعدين المختصين بالأمن القومي على البرامج الحوارية التلفزيونية ليوم الأحد للحديث عن الغارة وأهميتها للأمن القومي.
 
 
وأدى النبأ إلى طوفان من الإشادات من كبار الجمهوريين بمن فيهم السناتور لينزي جراهام حليف ترامب الوثيق الذي وجه انتقادات قاسية لقرار الرئيس الانسحاب من سوريا.
 
وقال جراهام للصحافيين خلال إفادة ثانية في البيت الأبيض “هذا سيغير قواعد اللعبة. هذه لحظة يجب أن نفخر فيها جميعا بجيشنا الأميركي ومؤسسات مخابراتنا. إنها لحظة يقول فيها أشد منتقدي الرئيس ترامب أحسنت يا سيادة الرئيس”.
 
كما أشاد السناتور ميتش مكونيل زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، الذي سبق أن انتقد قرار الانسحاب من سوريا بشدة، بنبأ مقتل البغدادي وقال إنه يشعر بالامتنان “للرئيس ترامب وفريقه على أسلوبهم في القيادة”.
 
بل إن السناتور كيت رومني أشد الجمهوريين انتقادا لترامب نشر تغريدة شكر فيها الرئيس على إرسال البغدادي إلى “جهنم”.
 
وأدى النبأ إلى هدنة قصيرة مع الديمقراطيين الذي يأملون الفوز على ترامب في انتخابات 2020 إذا لم يستطيعوا عزله من المنصب قبل ذلك.
 
 
فتلقى ترامب التهنئة من عدد من كبار الديمقراطيين منهم السناتور جيان شاهين عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ والنائب حكيم جيفريز رئيس الهيئة البرلمانية للديمقراطيين في مجلس النواب.
 
غير أن كثيرين سارعوا للإشارة إلى أن مقتل البغدادي لا يمثل نهاية تنظيم الدولة الإسلامية، وأن ترامب لا يملك استراتيجية في المنطقة. بل وانتقدوا الرئيس لخروجه عن العرف بتقاعسه عن إطلاع جميع قيادات الكونغرس التي يطلق عليها اسم “عصابة الثمانية” قبل الغارة.
 
وكان ترامب قد تعمد يوم الأحد الإشارة إلى أنه لم يبلغ نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب خصمه الرئيسي من الديمقراطيين والتي لعبت دورا رئيسيا في التحقيق في تعاملاته في أوكرانيا بهدف عزله وعزا ذلك إلى مخاوفه من تسرب المعلومات وتعريض حياة الجنود الأميركيين للخطر.
 
وقالت بيلوسي في بيان أشادت فيه بالقوات المسلحة “لا بد من إطلاع المجلس على هذه الغارة التي تم إخطار الروس بها مسبقا دون قيادات الكونغرس الكبرى وكذلك على استراتيجية الإدارة عموما في المنطقة”.
 
ومن المستبعد أن يصرف سقوط البغدادي أنظار النواب عن تحقيق العزل الذي اكتسب زخما في أعقاب سلسلة من الشهادات الضارة بموقف ترامب التي يسعى الجمهوريون على نحو متزايد لتفنيد ما جاء فيها.
 
وقال السناتور جون ثون، ثاني أكبر الجمهوريين في مجلس الشيوخ، للصحافيين في أعقاب شهادة أدلى بها دبلوماسي أميركي رفيع في جلسة مغلقة يوم الأربعاء إن الصورة التي يعكسها التحقيق “ليست طيبة” وذلك في علامة محتملة على تراخي التأييد الجمهوري لترامب.
 
وقال تشين من مؤسسة هوفر “في السنوات السابقة كان بوسعك أن ترى كيف يمكن أن يؤدي ذلك إلى توقف التصريحات السياسية لبضعة أيام على الأقل. لا أتوقع أن يحدث ذلك هذه المرة”.