الثّورة في اليوم العاشر، متناقضة ومتقلّبة المزاج، كالمرأة الحامل، نتيجة للتغييرات الهرمونيّة المفتلعة في بنية المجتمع اللّبنانيّ المذهبيّ، من أقصى الجنوب، إلى أقصى الشّمال
 
الكاتب:" محمّد سمير رحّال"
 
آه ماذا فعلتْ بنا الثّورة..!، رمتْنا كالعيدان المشتعلة بين ذراعي الكبريت، وغطّتْ أعْيننا بألف سراب، لم نعثرْ على أيٍّ من واحاته حتّى يومنا هذا.
 
هتافات هتافات، توقظنا من نومنا، رافعين قبضاتنا في ظلام الغرفة الحقيقيّ، لننْطلقَ بعدها إلى الظّلام المموّه بالشّعارات، في السّاحات الصّارخة كألسنة اللّهب، والّتي يعبّر فيها كلّ موقدٍ عن مطالبه المحقّة.
 
لعلّي أدمنْتُ مخدّرات التّربية الوطنيّة واليوم شُفيت، وأنا أرسم علَم لبنان الحلم، سمعتُ الألوان بداخلي تصرخ: "ثيو.." ترأّفْ بي يا أخي..!، أذني لا أريدها، فما أرقى الصّمت في حضرة الاستغلال!.
 
هنا طفلٌ ضاحكٌ -لأنه لا يفهم من الثّورة سوى الألوان- ويمرح بالأعلام، وهناك حبيبان يلتقطان صورة تذكاريّة مع الثّورة، تسألهُ: "أتمؤمنُ بقدرة الحبّ على الثّورة؟"، يجيبها مع ابتسامة خضراء كالدّولار: "أؤمن أنّ طائر السّلام أحمر فقط"، ثمّ يتناول قبلةً من شفتيها، وينادي: حرّيّة.
 
 ساعات، ونستيقظ لنرى السّاحات قد خلتْ، والدّولة أعلنتِ الحداد على حناجرنا، ومواقع التّواصل تغصّ بالأمراض، ونشرات الأخبار تزدان بالفتن، والجوامع تشتاق لمصلّيها، والكنائس تبكي أجراسها.
 
 الثّورة في اليوم العاشر، متناقضة ومتقلّبة المزاج، كالمرأة الحامل، نتيجة للتغييرات الهرمونيّة المفتلعة في بنية المجتمع اللّبنانيّ المذهبيّ، من أقصى الجنوب، إلى أقصى الشّمال، ولا سبيل للنجاة من رصاص الطّائفيّة، إلّا بستْرة ضدّ الرّصاص، متوفّرة فقط لدى متجر حقائب السّفر أو بائع الأكفان، سلام يا لبنان.
 
ثورة تشرين 2019