موسكو تصبح اليوم الفاعل الوحيد والحقيقي في سوريا بعد الاتفاق مع تركيا.
 
يثبّت الاتفاق الروسي التركي على انسحاب المقاتلين الأكراد من شمال سوريا روسيا كلاعب وحيد في سوريا باعتبار أن الاتفاق سيحد من أطماع تركيا العسكرية في البلاد هذا إضافة لانسحاب القوات الأميركية من شمال سوريا.
 
ومثل الاتفاق مناسبة أخرى لتظهر فيها موسكو بمظهر المنقذ الذي يرتب الأمور في النزاع السوري وليظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في صورة “الحاكم الفعلي لسوريا”، وهو ما يضعف صورة النظام ورئيسه بشار الأسد الذي كان أنصاره يرفعون حتى وقت قريب شعار “الأسد للأبد”.
 
وتزايد الحديث عن استفراد روسيا بسوريا منذ انسحاب القوات الأميركية من شمال سوريا مطلع الشهر الحالي، لاسيما بعدما توسطت لإبرام اتفاق بين قوات سوريا الديمقراطية “قسد” والجيش السوري.
 
وينص الاتفاق الذي رعته موسكو بين قسد والنظام السوري على انخراط عناصر قسد في الفيلق الخامس الذي تقوده روسيا.
 
وأصبحت روسيا اليوم الفاعل الوحيد والحقيقي في المنطقة حيث يجني الكرملين الآن ثمار سياسته في سوريا منذ تدخله لإنقاذ النظام سنة 2015. ويقول مراقبون إنه “لم يعد بالإمكان تحريك أي عنصر من عناصر اللعبة دون موافقة بوتين”.
 
واتفقت روسيا وتركيا، الثلاثاء، على ضمان انسحاب القوات الكردية من مناطق سورية محاذية لتركيا إضافة إلى البدء بتسيير دوريات مشتركة.
 
ويعكس هذا التغير حقيقة أن تركيا، التي كانت تتطلع لأن تصبح القوة المهيمنة على “المنطقة الآمنة”، سيتعين عليها الآن مشاركة هذه الأراضي مع الأسد وبوتين اللذين قالا إن القوات التركية لا يمكنها البقاء في سوريا على المدى الطويل.
 
وقال يوري بارمين المختص بشؤون الشرق الأوسط في مركز أبحاث مجموعة موسكو للسياسات “الجزء الأهم من الاتفاق الروسي التركي هو وصول حرس الحدود السوري إلى الشمال الشرقي، وهو أمر كانت دمشق وروسيا تسعيان إليه منذ فترة طويلة”.
 
وعبرت قوات روسية، الأربعاء، نهر الفرات في سوريا متجهة إلى الحدود مع تركيا في إطار الاتفاق الروسي التركي. وقالت وزارة الدفاع إن “رتلا للشرطة العسكرية الروسية عبر الفرات في اتجاه الحدود السورية-التركية ظهر اليوم”.
 
وأضافت أن الشرطة العسكرية “ستساعد في انسحاب وحدات حماية الشعب (الكردية) وإزالة سلاحها على عمق 30 كلم” في القسم الأكبر من شمال شرق سوريا على الحدود مع تركيا.
 
وحذرت روسيا قوات وحدات حماية الشعب الكردية السورية من أنها ستواجه صراعا مسلحا جديدا مع تركيا إذا لم تمتثل لمطالب بانسحابها من كامل حدود سوريا الشمالية الشرقية مع تركيا.
 
تعكس هذه التطورات سرعة وتيرة التغيرات في سوريا منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب هذا الشهر سحب قواته من الشمال السوري مما هز التوازن العسكري في منطقة تمثل ربع مساحة البلاد.
 
 
وأشاد الرئيس الأميركي، الأربعاء، بالاتفاق الذي توصلت إليه تركيا وروسيا لإخراج المقاتلين الأكراد من المنطقة على الحدود بين سوريا وتركيا، ووصفه بـ”النجاح الكبير”.
 
وواجه ترامب انتقادات شديدة لقراره المفاجئ سحب القوات الأميركية من شمال سوريا ما مهد لتركيا شن هجوم ضد الأكراد الذين كانوا حلفاء واشنطن في قتال تنظيم الدولة الإسلامية.
 
وتسعى روسيا لاستغلال ارتباك واشنطن لسحب القوات الأميركية من مواقع أخرى في سوريا.
 
وأكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف أن موسكو تتوقع من الولايات المتحدة إغلاق قاعدتها العسكرية المتبقية في جنوب سوريا.
 
وشدد ريابكوف على ضرورة مغادرة القوات الأميركية من القاعدة الموجودة في التنف قرب الحدود الأردنية.
 
واعتبر نائب وزير الخارجية الروسي في تصريحات إعلامية، الأربعاء، أن التواجد الأميركي غير الشرعي في سوريا يجب أن ينتهي للسماح للحكومة السورية باستعادة السيطرة كاملة على البلاد.
 
في المقابل يحاول الاتحاد الأوروبي الخروج من السلبية التي طبعت موقفه من النزاع السوري بقيادة ألمانيا التي اقترحت إنشاء منطقة آمنة تحت إشراف دولي وهو ما رفضته موسكو.
 
وذكرت وكالة ريا نوفوستي للأنباء، الأربعاء، نقلا عن وزارة الشؤون الخارجية الروسية أن روسيا لا ترى حاجة لإقامة منطقة آمنة تحت إشراف دولي في شمال شرق سوريا.