الى الشمال در الى عاصمته الفيحاء الى وعدها الواعد اذا ما استمرت على ما هي عليه من وعي ومن نبؤة ثورة مجددة تفتح آفاق جديدة في بلد خنقوا فيه كل أفق وكل بارقة أمل .
 
فاجأت مدينة طرابلس اللبنانيين الذين كونوا صورة بائسة عن شعب بدا أكثر رقيّاً وحضارة ودقة وتنظيماً من خلال الاعتصامات التي لم يشبها شائبة ولم يعتريها ما يسيء الى حضارتها قولاً وفعلاً وكانت مرآة جميلة لتاريخ المدينة ولعراقتها المتأصلة في جذور العلم والأدب والدين والمعرفة لقد دلّت المدينة من خلال أيام الإعتصام والقيام على المجرم والسارق والفاسد والناهب بأنها أمّ الثورة اللبنانية لا من خلال ما ذكرناه فقط بل من خلال الحرمان الذي يلفها من كل حدب وصوب والحديث عن طرابلس يشمل قرى عكار وأكثر ما في الشمال من عوز وفقر وحرمان وإهمال قلّ نظيره في المدن والقرى اللبنانية لذا بدت جميلة وهي في أبهى صور فقرها لأنها ترتدي أثواب العلم والثقافة والأدب والسلوك الذي دفعها الى آداء يضرب كل ما قيل عن المدينة وما شوه سمعتها وما أساؤوا اليها في القول والفعل من خلال إهمالها ومن خلال نعتها بنعوت جعلت منها طورا بورا وقندهار كما قال قائلهم وللأسف سكت عن ذلك من معني أكثر من غيره في الدفاع عنها لأنها وقفت الى جانبه وحمته في ظل الهجمة الشرسة على الرئيس سعد الحريري الذي تأخر في القول والفعل عن جعل المدينة منارة لا لبنان بل للعرب كما كانت طيلة حضورها التاريخي .
 
لقد سمعنا وشاهدنا حضوراً طرابلسياً لافتاً وصحوة وطنية استثنائية بعد تهم العصبية  والتعصب الأعمى وكأن غيرها  كان أقلّ منها طائفية وحساسية وعصبية عمياء وها هي اليوم تقود مرحلة من أصعب المراحل اللبنانية وفي فترة حرجة فتخرج على جلاديها وترفع شعارات وطنية مدنية لتشكيل الدولة العادلة لا الدولة الممسوخة دولة الفراريج والقريديس والكافيار والطيارات واللانشات والنهب والسرقة في وضح النهار ودون مراعاة حتى للقوانيين لأن القانون في شرقنا وضع لحماية الأبطارة والقياصرة و الملوك ومن هم أدنى فأدنى .
 
 
 
كل شيء جميل في مدينة الله من المشاركين على اختلاف أعمارهم والعارفين لأسباب وجودهم وكل بحسب مشكلته والتي تعبر بوعي عن مشكلة بلد ونظام وطبقة سياسية لم يشهدها لبنان من قبل لا في جيل الإستقلال ولا في جيل ما بعد الإستقلال طيلة تجربة المارونية السياسية التي أثبتت صحتها ونظافة حكمها مقارنة مع جيل الطائف وما بعد اتفاق الطائف .
كان التنظيم في طرابلس علماً من اعلام الثورة المتنوعة في كل المدن اللبنانية وكان التطوع في أشكال التعبير عن الإعتراض يشير الى طمأنينة عالية على مستقبل لن يكون في تجربته شبيهاً بتيار المستقبل الذي باع ما تركه له الشهيد رفيق الحريري بأبخس الأثمان .
 
الى الشمال در الى عاصمته الفيحاء الى وعدها الواعد  اذا ما استمرت على ما هي عليه من وعي ومن نبؤة ثورة مجددة تفتح آفاق جديدة في بلد خنقوا فيه كل أفق وكل بارقة أمل .
 
إن الرهان لكبير على صحوة مدينة كشفت في اللحظة التاريخية عن جوهر دورها ووعيها ومسؤوليتها في قيام وطن على أنقاض نظام من أفسد الأنظمة العربية كونه يكشف عن عورته ولا يخبؤها لأن الدعارة السياسية نزاهة يعتز بها .