غرفة العمليات التي ترتبط بإيران ستكون على أهبة الاستعداد في حال تفاقمت الأمور، ولا يتوقع أن تأخذ أوامرها من حكومة بغداد.
 
كشفت مصادر سياسية عراقية عن إعداد فيلق القدس الإيراني غرفة عمليات خاصة بإشراف رئيس أركان قوات الحشد الشعبي أبي مهدي المهندس، ترتبط مباشرة بالجنرال في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، مهمتها التدخل العاجل في حال تدهورت الأوضاع أثناء التظاهرات المؤمل انطلاقها مجددا يوم الجمعة القادم، وفي حال تعرض حكومة عادل عبدالمهدي لتهديد حقيقي من المحتجين.
 
يتزامن ذلك مع تشكيل غرفة عمليات أمر بها عادل عبدالمهدي مخصصة للتعامل مع التظاهرات المرتقبة، تضم مدير مكتبه أبا جهاد الهاشمي ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض الذي يشغل أيضا منصب مستشار الأمن الوطني، ووكيل وزارة الداخلية لشؤون الاستخبارات ونائب قائد قوات الشرطة الاتحادية.
 
وأشارت المصادر إلى وجود “خلافات عميقة”، بين الأطراف العراقية الموالية لإيران، بشأن الصيغة الأمثل لاحتواء تظاهرات يتوقع أن تكون حاشدة، حدد النشطاء يوم الخامس والعشرين من الشهر الجاري موعدا لانطلاقها، بالتزامن مع مرور عام كامل على تشكيل الحكومة برئاسة عادل عبدالمهدي.
 
وكما يبدو فإن غرفة العمليات التي ترتبط بإيران برئاسة المهندس ستكون على أهبة الاستعداد في حال تفاقمت الأمور، ولا يتوقع أن تأخذ أوامرها من حكومة بغداد.
 
وقالت المصادر إن مهمة غرفة العمليات الحكومية تتمثل في إدارة جهود الاحتواء الرسمية للتظاهرات، بما يضمن عدم وصولها إلى المنطقة الخضراء، حيث يخطط المحتجون للاعتصام إلى حين استقالة الحكومة أو حل البرلمان. وأضافت أن جميع أعضاء غرفة العمليات المذكورة لديهم توصيفات قانونية تسمح لهم بالتعاطي مع هذا النوع من الملفات.
 
وأشارت إلى أن غرفة العمليات تقترح السماح للمحتجين في 25 من الشهر الجاري، بالوصول إلى ساحة التحرير، وسط بغداد، شرط منعهم من عبور جسر الجمهورية، المؤدي مباشرة إلى المنطقة الخضراء، حيث تقع رئاستا الحكومة والبرلمان.
 
لكن هذا الاقتراح قوبل برفض قاطع من قبل الفريق الخاص برئاسة أبي مهدي المهندس، الذي يعتقد أن وصول المتظاهرين إلى ساحة التحرير سيمكنهم من تشكيل أمواج بشرية قد تنجح إحداها في كسر حاجز جسر الجمهورية واجتياح المنطقة الخضراء.
 
 
ويعتقد هذا الفريق أن تكرار الطريقة التي اعتمدتها الحكومة في التعامل مع تظاهرات مطلع أكتوبر، هو الحل الأمثل، حيث طاردت عناصر قوات مكافحة الشغب المتظاهرين في الأزقة وسط بغداد لمنعهم من التجمهر، فيما انتشر قناصة مجهولون فوق أسطح البنايات العالية المحيطة بساحتي التحرير والطيران، للتعامل الفوري مع كل تجمع لا تصل إليه قوات مكافحة الشغب.
 
وتستند غرفة العمليات في تقديرها هذا، إلى الخشية من أن تورط حكومة عبدالمهدي في المزيد من دماء المتظاهرين، سيدع سقوطها مسألة وقت، لكن الفريق الإيراني يعتقد أن الوضع لا يحتمل “أي قراءة بريئة” لمستقبل تظاهرات الخامس والعشرين من هذا الشهر.
 
لذلك، يجد عبدالمهدي على طاولته تقديرين، يترجم الأول التوقعات المتعلقة بإمكانية صمود الحكومة خلال التظاهرات المرتقبة وقدرتها على تجنب التورط في مجزرة جديدة ضد المتظاهرين، على غرار تلك التي ارتكبتها مطلع الشهر وخلفت الآلاف من القتلى والجرحى والمعتقلين، فيما يذهب الثاني إلى ضرورة تجنب الخوض في أي حسابات للخسائر وتأجيل كل شيء إلى حين الانتهاء من أمر التظاهرات.
 
وتؤكد المصادر أن عبدالمهدي يدرك حقيقة أن الإيرانيين مستعدون للذهاب بعيدا ضد المحتجين العراقيين بهدف حماية حكومته، التي يعتقدون أنها مفيدة لمشروعهم في المنطقة.
 
وعبر مراقبون سياسيون عراقيون عن استغرابهم من تحول عبدالمهدي الزاهد في المناصب، إذ سبق له أن تخلى عن اثنين كبيرين منها، الأول نائب رئيس الجمهورية والثاني وزير النفط، إلى متمسك بالسلطة، لا يتردد في فتح النار على كل من يهدد حكومته.
 
ويقولون إن الحكومة العراقية مختطفة، بقرار إيراني، مؤكدين أن تغيير رئيس الحكومة لن يغير من هذا الواقع شيئا، إذ أن القرار في بغداد، ليس عراقيا.
 
ويدرك قطاع واسع من المتظاهرين هذه الحقيقة، لذلك رفعوا سقف مطالبهم ليشمل إسقاط النظام السياسي الخاضع كليا لإيران، وسط مخاوف من أن يسلب دخول الزعيم الشيعي ذي التأثير الواسع مقتدى الصدر على خط التظاهرات، حركة الاحتجاج استقلاليتها.
 
ويقول الناشط أحمد السهيل إن “دخول التيار الصدري ضمن التظاهرات لا يعني أن الصدر يقود تلك التظاهرات”، مشيرا إلى أن “من حق الجميع التظاهر، وليس من حق أحد أن يقود التظاهرات أو يسير مطالبها كما يشاء، سواء كان الصدر أم غيره”.
 
ويعتقد خصوم الصدر أن الزعيم الشيعي يركب موجة التظاهرات للحصول على منصب رئيس الوزراء.
 
ويقول الكاتب أحمد عبدالسادة، وهو أحد المقربين من قوات الحشد الشعبي، إن الصدر ركب “موجة التظاهرات في عام 2015 فحصل بسببها على 54 مقعدا من مقاعد البرلمان (الحالي)، ثم ركب موجة تظاهرات البصرة في عام 2018 فحصل بسببها على أربع وزارات والأمانة العامة لمجلس الوزراء، فضلا عن حفنة من الدرجات الخاصة”، مشيرا إلى أنه “سيركب موجة التظاهرات الحالية من أجل هدف واحد فقط وهو: الحصول على منصب رئاسة الوزراء”.
 
 
وتوقع مراقبون أن تقنية التصدي للمظاهرات ستكون مختلفة هذه المرة في ظل الاستعداد الإيراني المسبق للمواجهة. ذلك لأن الاعتراف بأن الحشد الشعبي سيكون له دور في احتواء المظاهرات ومنع المتظاهرين من الوصول إلى ساحة التحرير يعني أن معالجة التظاهرات ستتم قبل قيامها. الأمر الذي يتطلب القيام بخطوات استباقية شبيهة بالاستعداد للحرب. وهي حرب فعلية غير أنها ستكون مقنعة من أجل الحيلولة دون وقوع المظاهرات وما يمكن أن ينشأ من الصدام مع المتظاهرين من فضائح. لذلك يمكن توقع أن تقوم الأجهزة الأمنية التابعة للحشد بالتقاط الناشطين وصيدهم في بيوتهم بعد أن تجمعت لديها معلومات كافية عن أولئك الناشطين عبر الفترة الماضية.
 
وتوقع مراقب سياسي عراقي أنه ليس من الضروري أن يكون عادل عبدالمهدي باعتباره قائدا عاما للقوات المسلحة التي يتبعها الحشد الشعبي صوريا، مطلعا على تفاصيل الخطة التي يخطط أن تنفذ من أجل إفشال المظاهرات التي يمكن أن يجد الناشطون في ما يحدث في لبنان عنصر تشجيع على إدامتها بما يؤدي إلى اتساع دائرتها.
 
وقال المراقب في تصريح لـ”العرب”، “إذا ما كانت الحكومة العراقية قد أعلنت أنها شكلت قوة خاصة لمواجهة التحديات الشعبية فإن الحشد الشعبي لا يحتاج إلى الإعلان عن تشكيل قوة شبيهة، ذلك لأن جزءا من مهمات الحشد الدفاع عن الهيمنة الإيرانية على العراق”.
 
إلى ذلك قال وزير الاتصالات العراقي نعيم ثجيل الربيعي إن الوزارة أبلغت شركات الاتصالات في البلاد بأنها ستوقف خدمات الإنترنت يومي الجمعة والسبت بالتزامن مع موعد التظاهرات، تحت مسوغ إجراء أعمال صيانة في أبراج الخدمة بالعاصمة بغداد والمحافظات.