على الرغم من وضوح حماسة المتظاهرين ووجعهم في كافة المناطق اللبنانية لليوم الرابع على التوالي، لا يبدو أنّ مستقبل الوضع المالي والاقتصادي بالوضوح نفسه، خصوصاً أنّ البلاد بلغت حافة الانهيار ولم تعد المعالجات المطلوبة بسيطة وسريعة التطبيق.
 

أكد أحد المشاركين في المفاوضات التي يقوم بها رئيس الحكومة سعد الحريري من أجل التوصّل الى توافق على ورقة إصلاحية موّحدة، انّ ما يتم التداول به إعلامياً حول بنود هذه الورقة غير صحيح، كاشفاً لـ«الجمهورية» أنّ بنداً من بنود الاصلاحات، الوارِد فعلياً في ورقة الحريري، هو خفض العجز في الموازنة الى الصفر، وهو أمر مطروح وليس غير واقعي كما يعتبر البعض، بل يمكن التوصّل إليه عبر إجراءات محدّدة «إلّا انّ الأهم من ذلك هو توافر الارادة السياسية لتحقيق هذا الأمر، وان يقوم مجلس الوزراء، عند اجتماعه، بإقرار هذا البند ليتم إقراره في اليوم التالي في مجلس النواب».
ورأى انّ ما يتم طرحه ضمن الورقة الاصلاحية يمكن ان يكون مخرجاً من الأزمة الحالية، في حال تم إقراره في عجلة تامّة، «لأنني لا أرى بدائل لذلك في الحقيقة».

واعتبر المصدر انّ تطوّر الوضع الاقتصادي والمالي إيجاباً أو سلباً، يعتمد على ما ستعرضه الحكومة أو ما ستتوصّل للاتفاق عليه كبنود إصلاحية، «وبالتالي إذا شعر المواطنون، خصوصاً أصحاب رؤوس الاموال والتجار والمستثمرين، أنهم ممتنّون من تلك الاجراءات، فإنّ السوق ستتفاعل ايجاباً مع التطورات. أمّا في حال لم تُقنع الحكومة هؤلاء بالخطوات التي ستقرّها، فلا أحد يمكن ان يتخيّل كيف ستكون الامور، والى أي حدّ ستبلغ نسبة الانهيار المالي والاقتصادي».

من جهته، رأى الخبير الاقتصادي لويس حبيقة انه من غير الطبيعي ألّا تستقيل الحكومة، في ظلّ مشاهد الثورة التي تغطّي كافة الاراضي اللبنانية، مشدداً على انّ هذا الأمر واقعي وضروري.

وقال لـ»الجمهورية» انّ «الأمل بالمستقبل انعدَمَ لدى المواطنين، وهذا أخطر المؤشرات التي يمكن ان نراها. وبالتالي، فإنّ الاستقالة وإن لم تعالج الأزمة المالية والاقتصادية فور حصولها، فإنها يجب ان تحصل».

واعتبر حبيقة انّه يجب تأليف حكومة تكنوقراط، بعد استقالة الحكومة، بعيدة كلّ البعد عن السياسيين، وعلى الفرقاء السياسيين تقبّل هذا الامر وإعطاء الثقة لهذه الحكومة في مجلس النواب.

أضاف: مجرّد تشكيل حكومة تضمّ أسماء «نظيفة» يعطي الأمل من جديد في البلاد، على ان تُعطى مهلة عام او اثنين لانتشال البلاد من الفساد والهدر وتغيير النظام القائم على كافة الاصعدة.

وأكد انّ الوضع المالي والاقتصادي لن يتدهور أكثر مما هو عليه اليوم مع استقالة الحكومة، «لأن الاخيرة هي أحد أسباب التدهور من خلال سوء إدارتها لمختلف الملفات. وبالتالي، فإنّ الاستقالة ستُترجم ارتياحاُ في الاسواق وأملاُ جديداُ بالنسبة للمواطنين، لتبقى العجلة ضرورية في تشكيل البديل».

كما رأى حبيقة انّ هذه الاستقالة ستوقِف النزيف الحاصل، وستضع حدّاً لهروب الاموال الى الخارج، على أمل إعادة ضخّ رؤوس أموال جديدة في البلاد، وعودة الاستثمارات مع تشكيل حكومة تعطي الثقة. مشيراً الى انّ الفوضى كانت قائمة على أيام الحكومة الحالية، وبالتالي «لماذا نتخوّف من حصول فوضى مع استقالتها؟!».

وختم حبيقة حديثه، مشدداً على انّ أولوية الاصلاحات المطلوبة في لبنان اليوم، هي حرمان السياسيين من المنافع غير الشرعية ومن الحقوق التي اكتسبوها بالممارسة خلال الاعوام الماضية. وبالتالي، بات من المؤكد انّ الاصلاح غير وارد بوجود هذه الطبقة الحاكمة، لأنها غير مستعدة لغاية اليوم للتخلّي عن أي مكاسب تخصّها.