القائد الذي يربح أرضاً ويخسر شعباً، فليس بقائد، وإن الذي يسكت على جراح الناس وأوجاعهم وفقرهم وذلهم واستعبادهم وقهرهم وموتهم
 
ارتدى ثوبه الثوري، وعمته الجهادية، وامتشق سيفه الخطابي، وامتطى أحصنة المجاهدين، ليجرَّ عربة الحياة والعزة والكرامة، ليعيش شعبه وأمته في أمنٍ وأمانٍ من الفقر والخوف والجوع والمرض، وقرأ القرآن بين عينيه،وردَّد وصايا الأنبياء وأقوال الأئمة، حاملاً معه الحديث القدسي، الناطق به جده المصطفى(ص) "إني لم أستعمل الحكام على سفك الدماء واتخاذ الأموال، وإنما استعملتهم ليكفُّوا عنِّي أصوات المظلومين، فإني أرعى ظلامتهم وإن كانوا كفَّاراً"، وهذا مولاه الحسين (ع) يأبى الظلم، ويقف بجانب المظلوم، ولو كان كافراً وملحداً، وينكر أن يعتدي الإنسان على غيره بالضرب والشتم، لأنَّه لا مبدأ يصلح الحياة إلا بالوقوف ضد الظالم والسارق والناهب والمحتكر والمستعمر والمستعبِد لناسه وشعبه وأمته ووطنه، وما هذا وذاك إلا روح الحياة والإنسانية والدين والإسلام التي تأبى تلك الروح أن يقع على وجه الأرض اعتداء وظلم وقهر وسلب ونهب، ويُبرَّر ذلك تحت عناوين استراتيجية لا يعلمها إلا رب العباد... هذا الخميني الثائر على ظلم الشاه، المستعبد لشعبه، الذي كان يُردِّدُ دائما في خُطبه وكلماته، والتي حفظتها عندما انتصرت الثورة في إيران، وما أذكره قوله: " ما زلنا نُقدِّمُ تلك الكوكبة من الدماء والشهداء، فعلينا أن نقطف ثمارها نحن"..
 
وأما في لبنان قدمنا الشهداء والجرحى ولا نستثني أحداً من كل الأحزاب الإسلامية واللبنانية، فلكلٍ شهداؤه، وننحني أمام دماء الشهداء، أليس من الواجب الوطني والديني لكل الطبقة الحزبية والدينية والسياسية أن تحفظ ونحفظ دماء شهدائنا، ما قيمة أرضٍ دون حفظ الإنسان،لا قيمة لقائدٍ أن يسترجع حجراً ويخسر إنسانه، فإنَّ القائد الذي يربح أرضاً ويخسر شعباً، فليس بقائد، وإن الذي يسكت على جراح الناس وأوجاعهم وفقرهم وذلهم واستعبادهم وقهرهم وموتهم، ويسكت على ولولة اليتامى والأطفال والأرامل وعويل الضحايا والأبرياء والتعدي على الشعب والشرفاء، فلا خير فيه وإن يملك ألف محراب، ومإذنة، وأجراس كنائس، فنظرة سريعة ومختصرة في بلدنا توحي بحجم الضياع والخراب السائد، والفساد المنتشر، والفاسد الفاشي النازي، وأحزاب في الدولة، والسلطة فيها عقيمة بليدة، عبثت وتعبث بالبلد وأهله من دون مسؤولية أو محاسبة ولا مساءلة، بل بالعكس، تبجلها عمائم فاسدة ومناصب بلا فائدة، وتتغذى من مالنا وأولادنا، كشجرة الدود التي تنخر لتشرب من الدم والتعب، وشيوخ همها علفها لا تتقن إلا التبجيل والتفخيم والمدح والثناء، تحت تبريري شيطاني.إن القائد هو الذي يفرض مبدأ المحاسبة والمساءلة، والمساواة التامة التي تضمن لكل فرد ومواطن في هذا البلد حقه في العيش والوظيفة والتعليم والتطبيب والراحة والعمل، فقل اعملوا فسيرى الله عملكم.