الحكومة تواجه غضبا شعبيا لانتهاجها الحلول السهلة وبسبب سلسلة إجراءات تقشفية تثقل كاهل الشعب.
 
كشف إقدام الحكومة اللبنانية على فرض رسوم ضريبية على الاتصالات عبر الإنترنت، عمق الأزمة المالية التي تعاني منها، وتخبّطها في إيجاد الحلول.
 
ويرى محللون صعوبة تطبيق الضريبة في ظل تعدّد التطبيقات وارتباطها بتقديم خدمة الإنترنت، وما يمكن أن يؤدي إلى مشاكل معقّدة تؤثر على النشاطات الاقتصادية.
 
ويؤكد كثيرون أنه لطالما كانت شركات الاتصالات في لبنان كنزا يدرّ الأرباح الهائلة على أصحابها، وعلى الحكومات المتعاقبة في الدولة.
 
وأعلنت الحكومة أمس فرض رسوم على كل الاتصالات التي يمكن إجراؤها عبر تطبيقات الهاتف الخلوي، ضمن سلسلة ضرائب جديدة تدرس إقرارها تباعاً للتخفيف من عجز الموازنة في ظل أزمة اقتصادية حادة.
 
ولم يسبق لأي دولة أن فرضت مثل تلك الرسوم، ويكتفي بعضها بحجب الاتصالات عن بعض التطبيقات لدعم نشاط شركات الاتصالات.
 
ونسبت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية لوزير الإعلام جمال الجراح، قوله إن الحكومة أقرّت فرض “20 سنتا على التخابر” على التطبيقات الخلوية، مثل واتسآب على أن يبدأ العمل بالقرار بدءاً من مطلع العام المقبل.
 
وأكد أن من شأن هذا القرار أن يؤمن لخزينة الدولة إيرادات تصل إلى 200 مليون دولار سنويا.
 
وتدرس الحكومة اقتراحات أخرى بينها فرض رسم 3 بالمئة على المحروقات على أن تستوردها الدولة، وزيادة 2 بالمئة على ضريبة القيمة المضافة في عام 2021 لتصل إلى 15 بالمئة.
 
وأثار الرسم الجديد على الاتصالات عبر الإنترنت موجة غضب بين اللبنانيين. وكتبت النائبة المستقلة بولا يعقوبيان في تغريدة “لن تكون هنالك ليرة (ضريبة) على واتسآب، تراجعوا سريعاً قبل أن تسوء الأمور”.
 
وأضافت “اسمعوا جيداً، الشعب لن يدفع ليرة واحدة على متنفسه الذي يشتمكم عبره”.
 
واعتبرت منظمة تبادل الإعلام الاجتماعي (سمكس) أن من شأن القرار أن يجبر المستخدمين على “دفع فاتورة استخدام الإنترنت مرّتين”، وأشارت إلى أن المستخدم الذي سيتصل يومياً عبر خدمة واتسآب سيضطر لدفع ستة دولارات إضافية في الشهر. وتُعد كلفة الاتصالات في لبنان من الأعلى في المنطقة.
 
وذكرت مجموعة تيك غيك 356، المختصة بالأمن الإلكتروني، أنها تواصلت مع شركتي واتسآب وفيسبوك بهذا الشأن. وقالت إن “متحدثاً اعتبر أنه في حال اتخذ القرار فسيشكّل انتهاكاً لشروط الخدمة”.
 
واعتبرت المجموعة أن الاستفادة ماليا من أي من خدمات واتسآب المجانية أمر “غير قانوني”.
 
وقرار فرض رسم على اتصالات الانترنت يضاف إلى سلسلة إجراءات تقشفية تتخذها الحكومة، التي تعهدت العام الماضي إجراء إصلاحات هيكلية، وخفض العجز في الموازنة العامة مقابل الحصول على هبات وقروض بقيمة تفوق 11 مليار دولار.
 
وشهد الاقتصاد اللبناني خلال السنوات الأخيرة تراجعاً حاداً، مسجلاً نمواً بالكاد بلغ 0.2 بالمئة عام 2018، بحسب صندوق النقد الدولي.
 
وارتفع الدين العام إلى 86 مليار دولار، أي أكثر من 150 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي، وهي ثالث أعلى نسبة في العالم بعد اليابان واليونان.
 
وأقرّ البرلمان في يوليو الماضي ميزانية تقشفية للعام 2019 سعياً للحد من العجز العام.
 
ومع تأخر الحكومة في الإيفاء بتعهداتها هذه وتأخر حصولها على المال، حذّرت وكالة موديز للتصنيف الائتماني من أنها قد تخفّض التصنيف الائتماني للبنان خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.
 
كما خفضت وكالة فيتش في الثالث والعشرين من أغسطس الماضي، تصنيف لبنان درجة واحدة من بي سالب إلى سي.سي.سي.