سيُضاف عجز الحكومة في التوصّل الى توافق على موازنة 2020 الى عجوزات الدولة المتعددة، من عجز الموازنة، الى العجز في ميزان المدفوعات، وصولاً الى العجز في الميزان التجاري.
 

على رغم تأكيدات المسؤولين ووعودهم للمجتمع الدولي بأنّ موازنة 2020 ستقرّ في المواعيد الدستورية، أخَلَّ مجلس الوزراء أمس الاول بالمهلة المحددة لإحالة مشروع موازنة 2020 الى مجلس النواب، بعد اختلاف الفرقاء السياسيين داخل الحكومة على مبدأ إحالة الموازنة كما هي على شكل أرقام وعملية حسابية فقط، أو إحالتها عبر تضمنيها الاصلاحات والاجراءات الضريبية.

مع العلم انّ الحكومة لا تملك تَرف الوقت مع تصاعد وتيرة الأزمة المالية والاقتصادية والمعيشية، فالظاهر انها ما زالت تبحث في «القشور» وتختلف على «شكل» الموازنة، ولم تبلغ بعد مرحلة التوافق على «المضمون». وفيما المطلوب اليوم تنفيذ إجراءات جريئة وسريعة تشكّل صدمة إيجابية، وتَلجم التدهور، وتضع البلد مجدداً على سكة الإنقاذ، ما زالت الامور عالقة بين فريق مؤيّد لرفع الضريبة على القيمة المضافة، وآخر معارض لفرض رسوم على التبغ أو ضريبة على المحروقات، من دون أن تلجأ الحكومة الى أي معالجة لمَكامن الهدر المعروفة، والتي تسلّط المؤسسات الدولية الضوء عليها في كلّ مناسبة، ومنها التهرّب الجمركي، ضبط الحدود البرية والبحرية، وسد عجز الكهرباء.

فهل انّ النقاش عاد الى نقطة الصفر بعد آخر جلسة لمجلس الوزراء؟

في هذا الاطار، اعتبر النائب ياسين جابر انّ ما حصل خلال جلسة مجلس الوزراء يؤكد على انه لم يتم الاتفاق بين مكوّنات الحكومة على أي شيء بعد، مما يبعث برسالة سيئة جداً الى المجتمع الدولي، مَفادها انّ الدولة عصيّة مرة جديدة عن الالتزام بالدستور والقوانين.

ورأى انّ الاولوية في الوقت الحاضر للتقشف والعناوين الاصلاحية التي لا يمكن أن تدخل من ضمن الموازنة، «فالقوانين الاصلاحية العديدة التي نحتاج لإقرارها لا يمكن إدراجها من ضمن الموازنة». سائلاً: لماذا لا يقرّها مجلس الوزراء ويحيلها سريعاً الى مجلس النواب؟

وقال لـ«الجمهورية»: هناك تدابير عدّة تم اقتراحها خلال مناقشة موازنة 2019 يمكن إضافتها مع اقتراحات أخرى الى موازنة 2020 وإحالتها للمناقشة في مجلس النواب، «فالأحزاب السياسية ممثلة كلها في المجلس النيابي، ويمكن بالتالي مناقشة البنود هناك».

ورأى جابر انه يجب الاستعاضة عن زيادة الضرائب هذا العام تحديداً، والتركيز على سد عجز الكهرباء مثلما نَصح البنك الدولي. لافتاً الى انّ «لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب استقبلت أمس السفير المصري نزيه النجاري، حيث تمّ التطرّق الى مشروع استجرار الغاز المضغوط compressed gas من مصر لاستخدامه في مختلف معامل توليد الكهرباء في لبنان، مثل دير عمار والزهراني والزوق، وهذا الأمر من شأنه أن يوفّر على الخزينة حوالى 450 مليون دولار سنوياً. وفي المقابل، ما زالت وزارة الطاقة تتجاهل هذا المشروع، بينما أزمة الكهرباء تكبّد الخزينة ملياري دولار سنوياً، وتبحث الحكومة في زيادة الضرائب من أجل رفع الايرادات».

وفيما أعربَ جابر عن رفضه لأيّ زيادة ضريبية، قال إنّ الدولة لم تعد تملك سوى القليل من الذخيرة للقتال، «مثل فَرض ضرائب على البنزين، ورفع الضريبة على القيمة المضافة... واذا استخدمتها في الوقت الحالي، بينما الهدر والفساد ما زالا قائمين، لن يعود بإمكاننا القتال بعد ذلك».

وختم: على الحكومة أن تُحيل موازنة بسيطة الى مجلس النواب، وليتم الاتفاق هناك على المواد التي يجب إضافتها. كما على الحكومة المباشرة في إحالة الاصلاحات أيضاً الى مجلس النواب في الوقت المناسب.