لماذا لم يتمكّن الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصر الله، الذي تربطه علاقة استراتيجية ببشّار الأسد، من إعادة النازحين السوريين الموجودين في لبنان الى بلدهم؟ كذلك لماذا لم يتمكّن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم من تأمين العودة الكاملة لهؤلاء النازحين؟ ولم يؤمّن التبادل الديبلوماسي بين لبنان وسوريا هذه العودة؟ وفشلت زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى موسكو في تحقيقها؟ ولماذا لم تنجح كلّ العلاقات والزيارات والمبادرات في تأمين عودة النازحين الفعلية، وسيتمكّن رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل من تحقيقها من خلال زيارته سوريا؟
 

كثيرون من مواطنين وجِهات سياسية يطرحون هذه الأسئلة. وانطلاقاً من هذه الوقائع والتجارب، يعتبر حزب «القوات اللبنانية» أنّ مسألة عودة النازحين ليست لبنانية - سورية، بل إنّها أكثر تعقيداً، وترتبط بمجموعة عوامل عربية وغربية، ولا يُمكن أن تتحقق بقرار لبناني، وأن يكون الاجتماع ببشار الأسد كفيلاً بإعادة النازحين. وبالتالي، لن يتمكّن رئيس «التيار»، وفق «القوات»، من تحقيق ما عجز الآخرون عن تحقيقه.

إقتناع «القوات» هذا، ينطلق من أن لا وجود لنظام أو دولة قائمة في سوريا، بل إنّها ساحة مقسّمة النفوذ بين مجموعة قوى إقليمية ودولية، حيث القرار الرئيسي فيها لروسيا وليس لبشّار الأسد. وبالتالي، إنّ كلّ ما يُحكى عن زيارات وإعادة إعمار وتطبيع يندرج، بالنسبة الى «القوات»، في خانة المحاولات السياسية التي لا تمتّ الى عودة النازحين أو أي واقع سياسي حقيقي بصِلة، إذ لا دولة سوريّة قائمة في المرحلة الراهنة.

لذلك، تعتبر «القوات» أنّ إعلان باسيل نيّته زيارة سوريا لإعادة النازحين، مسألة سياسية مرفوضة، خصوصاً أنّ لبنان أحوَج ما يكون في هذه اللحظة السياسية الى الاستقرار، وليس الى الخلافات والتباينات، والموضوع السوري من أبرز العناوين السياسية الداخلية الخلافية، وبالتالي لا حاجة في هذا التوقيت لإثارة مواضيع انقسامية، في وقتٍ هناك حاجة ملحّة الى وضع خريطة طريق إنقاذية إقتصادية. وكان لافتاً قول رئيس «القوات» سمير جعجع، أمس من كندا، إنّ «أحداً لا يعلم ما يقوم به باسيل».

لكن، ماذا لو تمكّن باسيل من تسهيل طريق عودة النازحين عبر هذه الزيارة؟

 

تُشكّك «القوات» في ذلك لأنّها تعتبر أنّ النظام السوري لا يريد عودة النازحين، وأنه عاجز أساساً عن اتخاذ قرار من هذا النوع فهو خاضع لوصايات خارجية، ولا يملك حرية قراره، فضلاً عن أنّ أيّ دولة تريد عودة النازحين من مواطنيها وحريصة على شعبها تفتح أبوابها تلقائياً وطبيعياً لهم، ولا تنتظر أحداً ليزورها وينسّق معها لتأمين هذه العودة.

وتؤكّد مصادر «القوات» أنّ زيارة باسيل سوريا، إذا تمّت، لن تكون بتفويض من الحكومة، بل سيذهب كموفد رئاسي أو بزيارة شخصية، مستندةً إلى موقف رئيس الحكومة الواضح الذي عبّر عنه أمس في بيان، واضعاً الزيارة في الإطار الشخصي لا في الإطار الحكومي الرسمي، بقوله إنّ «هذه الزيارة شأن رئيس «التيار الوطني الحر» الخاص».

لكن، على رغم أنّ «القوات» مقتنعة بأنّ هذه الزيارة سياسية بامتياز ولا علاقة لها بإعادة النازحين، إلّا أنّ هذه العودة تشكّل هاجساً فعلياً لها، ولن توفّر دعمها لأيّ مبادرة يمكنها تحقيق عودة النازحين الى بلادهم. وإذا كانت هناك زيارة لسوريا تفتح المجال أمام هذه العودة، فلن تعارضها «القوات»، ولن تقف أمام أيّ زيارة تحلّ هذه الأزمة، لكن فقط إذا تأكّد لها أنّ الزيارة محصورة في هذا الإطار، وأنّ معطياتها تشير إلى إمكانية نجاحها، لا أن يتمّ «الضحك علينا» تحت شمّاعة عودة النازحين، بحسب ما تؤكّد مصادر «القوات».

ولكي لا يحاول باسيل التَحَجّج بمواقف رافضة زيارته الشخصية بأنّ الأطراف الأخرى تريد إبقاءهم، ترى «القوات» أنّ أيّ زيارة من هذا النوع، إذا كانت فعلاً لإعادة النازحين، يجب أن تكون مشروطة ومسبوقة بآلية محددة، ضمن مهلة زمنية واضحة لا تتجاوز الشهرين، يُمكن من خلالها تحقيق عودة النازحين جميعاً، وليس عودة فولكلورية لبضعة آلاف منهم.

وبالتالي، إذا كانت هناك محاولة جدية من أجل إعادة النازحين، تقول «القوات»: «ليحاولوا، لكننا سنكون بالمرصاد لجهة تأكيد وتثبيت أنّ هذه المحاولة سياسية، في حال كانت صورية عبر إعادة ألف نازح أو ألفين أو ثلاثة». فبالنسبة الى «القوات»، لتغطية زيارة على هذا المستوى، يجب إعادة النازحين جميعاً. كذلك المطلوب بالنسبة إليها مُقابل صعود باسيل الى سوريا أن «يجلب معه المعتقلين في السجون السورية، على رغم أنّ علاقة «التيار» مع النظام السوري الممتدة منذ عام 2006 لم تُفلح على هذا المستوى، ولم يُأتَ على ذكر المعتقلين في السجون السورية الى الآن».