مرة جديدة يكشف لسان السلطة عن حالها المُزري و عن سوء إدارتها لبلد تعيس ومريض و منهك ولا مجال فيه بعد لأي مغامرة طائشة ممن يجعلون من حساباتهم الشخصية أولوية على الحسابات الوطنية
 
لم تمض ساعات على حديث الطاولة التي سيقلبها على رأس مجهول حتى اشتعل لبنان الأخضر وأكلت النيران ما أكلت من جبال ووديان وقد وصلت الى بيوت و تجمعات سكنية فضحت عجز العجائز و صورت لبنان بأوهن صورها داخلياً و خارجياً بعد أن أكدت السلطة استسلامها الكامل لأيّ أزمة قد تحصل وهذا ما جعل منها مجرد ناطور على أحراج دون مستلزمات أو مقومات تُذكر الأمر الذي يدفع الى ضرورة أن يتخذ رئيس الحكومة قراراً شُجاعاً بالتراجع و الإستقالة بغية الذهاب الى حكومة أعمال مختصة بدلاً من حكومة محاصصة عاجزة عن حل أزمة كيس النفايات .
 
إن الحديث عن ضرورة الخصخصة في القطاع العام يستلزم خصخصة في القطاع الحكومي بمعنى أن التوزير يخضع لشروط الخصخصة لا لشروط المحاصصة كي يكون لبنان بعهدة حكومة صاحبة اختصاص وهذا ما ينسجم الآن مع شروط سدر ويلبي حاجة المجتمع الدولي الذي فقد الثقة بالحكومات اللبنانية نتيجة عجز واضح و فاضح كبل الحكومة وجعلها أصغر من الأزمات الكبيرة  .
 
طبعاً لا أحد بوارد ترك الحكومة لأن في ذلك ضرب خيال اذ من الصعب أن يتنح الشرقي عن السلطة لما فيها من مكاسب لا تحصى ولا تُعد ولم يعتاد العقل العربي على ذلك فحنين السلطة لا تراوده لأنه لا يغادرها الاّ ساعة أن يأخذ الله أمانته من عنق رؤساء الى الأبد .
 
 
لا شك بأن اللبنانيين على حب لجمال طبيعتهم فبكوها أمس وذرفوا عليها ما تبقى في شؤونهم من دموع كانت تسهم في إطفاء حرائق سودت وجه لبنان الأخضر وقد سمعنا ما سمعنا من تعليقات شعبية و رسمية كلها أدانت اهمال الدولة ويبدو أن المشترك الوحيد بين اللبنانيين هو سب و لعن وشتم الدولة رغم أن الدولة كيان معنوي في حين أن السلطة هي الكيان المادي أي الجهة الرسمية المعنية مباشر عن إدارة البلاد لهذا يستسهل الناس و المسؤلون سب الدولة لا السلطة وتتقن أركان السلطة لغة النيل و الطعن بالدولة التي يحملونها ما يصيب لبنان من جرب سياسي أو اقتصادي .
 
مرة جديدة يكشف لسان السلطة عن حالها المُزري و عن سوء إدارتها لبلد تعيس ومريض و منهك ولا مجال فيه بعد لأي مغامرة طائشة ممن يجعلون من حساباتهم الشخصية أولوية على الحسابات الوطنية و هذا ما أوصل لبنان الى ما نحن عليه من سواد قاتم بسبب الحرائق و بأسباب أخرى أسوأ بكثير من نار الشر المستطير في لبنان .
 
لهذا تأتي دعوات التخلي عن السلطة لصالح تيار تكنوقراطي بداية جديدة لدولة أكثر ما تنتظره هو نظافة في العملية السياسية وهذا ما لا يتحقق دون العودة الى مقومات قيام سلطة وفق نهضة جديدة لا مكان فيها للعابثين بأمنها وبثرواتها وممن لا يجيدون الخطاب الطائفي بقدر ما يتعبدون فيه للخطاب الوطني بمدلولاته و بأبعاده و بمستلزماته كافة ممن امتحنتهم التجربة الوطنية لا ممن أفرزتهم العصبيات الطائفية و المذهبية من حراس النظام الطائفي .
 
حتى نصل الى هذه المرحلة ثمّة مخاض غير متوفر حتى الآن لاصطفاف القاصي و الداني في مشروع المزرعة السياسية التي تحلب أبقارها لصالح أصحابها .