لا يحيقُ المكرُ السيّء إلا بأهله. صورة لباسيل باحتفال الحدت
 
بالعودة إلى اجتماع الضاحية الجنوبية بين أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله والوزير باسيل، يمكن القول بأنّ طول الاجتماع لم يُهدر في السّمر وتبادل المعلومات وسرد الحكايات، فضلاً عن تناول الطعام والمُكسّرات والمشروبات(غير الروحية طبعاً)، بل أملته مقاربة المسائل الحسّاسة والمصيرية والخطرة التي تحيق بمستقبل الوطن برُمّته، فحزب الله ضاق ذرعاً بالإجراءات المصرفية والمالية "القاسية" التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية على أعضائه ومناصريه وبيئته الحاضنة، ويترافق ذلك مع الأزمة المالية والاقتصادية الحرجة التي تعانيها البلاد هذه الأيام، ويعانيها اللبنانيون في معاشهم وحلّهم وترحالهم، ومع تواتر الأنباء عن المزيد من العقوبات والحصار التي قد تطال بعض حلفاء الحزب من شخصيات سياسية وحزبية، أصبح الحزب يشعر بأنّ التراجع أمام الضغوطات الأميركية لم تعد تجدي، فقد وصلت الأمور إلى حدود الحائط المسدود، لذا كان لا بدّ من استنفار الحليف "القوي" في السلطة، والصديق لوقت الضِّيق، فالرئيس عون رأس البلاد، وموقعه السياسي والمعنوي في انحدارٍ مُتسارع، والقائم بأعماله الأوحد، هو الوزير جبران باسيل، وهو صاحب الباع الطويل، ورئيس أكبر حزب لبناني، ويمتلك أكبر كتلة برلمانية، وحُصّة وزارية تنوف على الثلث المُعطّل في مجلس الوزراء، والمطلوب منه أن يستشعر مخاطر الأزمات التي يمر بها لبنان، والعهد العوني بالأخصّ، فضلاً عن المخاطر الفعلية التي تُحيق بقوى المقاومة والممانعة، والتي تُهدّد قدرتها على الصمود والاستمرار، لذا كان لا بدّ من تزويد الوزير باسيل بجرعاتٍ كافية من "حليب سباع" المقاومة، ليُترجمها في احتفال الثالث عشر من تشرين الأول مواقف جريئة " ومُتهوّرة"، بإعلانه الصريح عزمه زيارة دمشق(معقل المقاومة والممانعة)، مُرفقاً ذلك باستعداده "لقلب الطاولة"، كُرمى عيون سيّد المقاومة، ما أن يُعلن الرئيس عون يأسه وعدم قدرته على "التّحمُّل"، تحمّل شركاؤه في التسوية الرئاسية ومُعارضيه، ومُعارضي الصهر الوزير باسيل، وهذه أغرب دعوة للانتفاض على السلطة ممّن بيده السلطة، وهي دعوة "مُستهجنة ومُستنكرة " في آنٍ واحد، إذ يدعو باسيل الرئيسَ عون للهرب مرّةً أخرى من قصر بعبدا، ومن المسؤوليات والمهام الموكلة لرئيس البلاد، وهذه الخطوة قد تنتهي بالرئيس عون معزّزاً مُكرّماً في مقره في الرابية، وتحمل معها الوزير باسيل مُكلّلاً بغار الرئاسة محمولاً على أكتاف المقاومة إلى قصر الرئاسة ليُكمل مسيرة الإصلاح والتغيير التي بدأها منذ حوالي عشرة أعوام، ويعيش اللبنانيون اليوم في نعيمها ورخائها.
 
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "إ يّاكم والمكر، فإنّ الله قد قضى : لا يحيقُ المكرُ السّيئ إلاّ بأهله".