الرئيس الروسي ينتظره واقع جديد في منطقة الشرق الأوسط بعد تزايد دور تحالف السعودية والإمارات الذي أصبح يرسم مستقبلا جديدا للمنطقة.
 
 يجمع المحللون على أن زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الرياض ستشهد نقلة نوعية كبيرة في ظل تنامي دور السعودية في صناعة مستقبل المنطقة والتوازنات العالمية الجديدة.
 
ومن المتوقّع أن يكون التحالف المتنامي بين موسكو والرياض في مجال صناعة النفط في صدارة جدول الاجتماعات بعد أن أصبح تحالف أوبك بقيادة السعودية وشركائها بقيادة روسيا، الوريث الحتمي لمنظمة أوبك والذي أصبح يضم 24 دولة تمثل نحو نصف الإنتاج العالمي.
 
يقول محللون إن الرئيس الروسي ينتظره واقع جديد في منطقة الشرق الأوسط بعد تزايد دور تحالف السعودية والإمارات، الذي أصبح يرسم مستقبلا جديدا للمنطقة ويؤثّر بشكل متزايد في التوازنات العالمية في عصر يشهد تحولات متسارعة بوتيرة غير مسبوقة.
 
وسيلتقي الرئيس الروسي في أول زيارة له إلى الرياض منذ عام 2007 بالعاهل السعودي الملك سلمان ويجري محادثات مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وتعاونت روسيا في الأعوام الأخيرة مع منظمة الدول المصدرة للنفط للحد من المعروض، وقادت 10 دول للتحالف مع أوبك، الأمر الذي ما ساهم في انتعاش الأسعار بعد تراجعها في شكل كبير بين 2014 و2015.
 
ويرى محللون أن الرئيس الروسي يدرك أهمية النموذج الاقتصادي الصاعد والدور المتنامي للسعودية، وأنه سيبحث عن فرص التعاون والاستثمار المشترك في إطار التحولات الاقتصادية الكبيرة التي تشهدها السعودية.
 
ومن المتوقع أن تشمل المحادثات إمكانية التعاون في مجال الطاقة النووية السلمية، في وقت تقترب فيه الرياض من إرساء عقد إنشاء مفاعلين نوويين، تتنافس عليه روسيا والولايات المتحدة وفرنسا وكوريا الجنوبية.
 
وكان مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف قد ذكر يوم الخميس الماضي أن مسؤولي البلدين أعدّوا 30 وثيقة تتضمن اتفاقات تجارية واستثمارية لتوقيعها خلال زيارة بوتين إلى السعودية.
 
وقال الصندوق السيادي الروسي إن زيارة بوتين إلى الرياض ستشمل توقيع 30 اتفاقية بقيمة تزيد على ملياري دولار، بينها 10 في مجال الطاقة واتفاقيات في مجالات الذكاء الاصطناعي والبنى التحتية الزراعة والسكك الحديدية والأسمدة والبتروكيماويات. وأوضح أن الزيارة تتضمّن عقد منتدى استثماري روسي سعودي يحضره أكثر من 300 مشارك، بينهم “أكبر وفد لرجال أعمال روس في تاريخ العلاقات الروسية السعودية”.
 
ويرى كيريل ديمترييف رئيس صندوق الثروة السيادي، المعروف باسم صندوق الاستثمار المباشر الروسي أن “العلاقات الاستراتيجية مع السعودية مهمة للغاية لأن روسيا مهتمة باستقرار سوق النفط واستقرار المنطقة والدخول في استثمارات مشتركة كبيرة”.
 
وذكر أن روسيا والسعودية تعملان أيضا على تنفيذ 25 مشروعا بقيمة 10 مليارات دولار، إلى جانب مشاريع أخرى جارية، دون أن يخوض في التفاصيل.
 
ويجمع المحللون أن روسيا وجميع الدول الكبرى لم يعُد بإمكانها إغفال الرؤية الجديدة لمستقبل منطقة الخليج، الذي يرسمه الدور المتنامي لتحالف السعودية والإمارات، والذي ستكون له انعكاسات كبيرة على التوازنات العالمية.
 
وحاول الرئيس الروسي أمس التقليل من تأثير التوتر مع إيران على علاقات بلاده مع السعودية بعد الهجمات على منشآت النفط السعودية وعدد من ناقلات النفط.
 
وقال إن من يعتقدون أن تلك الأعمال “ستؤثر على تعاون روسيا مع السعودية والإمارات أو على تعاوننا في إطار تحالف “أوبك +” فهم جميعا مخطئون، بل على العكس، فهي ستعمل على توحيدنا”.
 
واتفق التحالف الذي يضم الدول الأعضاء في أوبك، إضافة إلى منتجين مستقلين بقيادة روسيا على خفض إنتاج النفط بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا، منذ مطلع 2019 وحتى نهاية الربع الأول من العام المقبل. وقال بوتين إن “سوق النفط لن تتأثر بالأعمال الإرهابية التي تستهدف المنشآت النفطية، لكن الهجمات على الناقلات ومنشآت النفط ستزيد تعاوننا مع منظمة أوبك والمنتجين الآخرين”.
 
300 رجل أعمال روسي وسعودي يشاركون في منتدى استثماري يعقد على هامش زيارة بوتين
 
وفي إطار تعزيز العلاقات بين البلدين افتتح صندوق روسيا السيادي الأسبوع الماضي أول مكتب له خارج البلاد في العاصمة السعودية. وقال إن نشاطه سيعزز التفاهمات التي تم التوصل إليها سابقا مع الشركاء في السعودية.
 
وكشف الصندوق في بيان أن الرياض وموسكو تتفاوضان على إنشاء صندوق روسي سعودي لتنفيذ استثمارات مشتركة في مشاريع جذابة، لكنه لم يحدد تلك المشاريع.
 
وأضاف أن “التعاون النشيط بين صندوقي البلدين يتم تنفيذه أيضا من خلال منصة للاستثمار في مجال الطاقة، تم إنشاؤها بالتعاون مع شركة أرامكو ومنصة روسية ـ سعودية مشتركة للاستثمارات في قطاع التكنولوجيات بقيمة مليار دولار”.
 
وكانت آخر زيارة قام بها الرئيس الروسي إلى السعودية في فبراير 2007. وتأتي زيارة بوتين إلى الرياض ردا على الزيارة التي قام بها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى موسكو في عام 2017.