الحشد الشعبي وقادة عراقيين موالين لإيران، يقومون بالتنسيق مع الحرس الثوري الإيراني ومقاتلين من حزب الله اللبناني، لإدارة عملية السيطرة على تظاهرات متوقعة.
 
لا يجد رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي المحرج من الاحتجاجات غير السبوقة التي تفجّرت بوجه حكومته، وأيضا من العنف الشديد الذي مارسته أجهزته الأمنية والميليشيات الشيعية في قمع المتظاهرين موقعة عددا كبيرا من الضحايا في صفوفهم، وموسّعة من النقمة الشعبية ضدّ السلطات، من حلّ سوى التمادي في عملية الهروب إلى الأمام في التعاطي مع تداعيات حركة الاحتجاج الشعبية الواسعة التي انطلقت مطلع الشهر الجاري، وذلك بإسناده مهمة “التحقيق” في استخدام العنف المفرط في قمع المتظاهرين و“كشف الحقائق” ومعاقبة المقصّرين، للأشخاص ذاتهم المتهمين بالمسؤولية عن ممارسة القمع.
 
وبدت استجابة عبدالمهدي باهتة لبيان “ناري” من المرجعية الشيعية العليا اتهم الحكومة بقتل المتظاهرين السلميين، إذ أعلن رئيس الوزراء العراقي تشكيل لجنة تحقيقية برئاسة وزير التخطيط وعضوية وزراء العدل والصحة والداخلية والدفاع ونائب قائد العمليات المشتركة وممثلين عن مجلس القضاء الأعلى ومجلس النواب ومفوضية حقوق الإنسان والأجهزة  الأمنية والاستخبارية، مهمتها “التحقيق الكامل في الحوادث التي حصلت أثناء التظاهرات، وأدت إلى استشهاد وإصابة عدد كبير من المتظاهرين ومنتسبي القوات الأمنية، والتجاوزات التي حصلت على الأملاك العامة والخاصة، واقتحام مقرات القنوات الإعلامية والأحزاب وبيان الجهات أو الأشخاص المتورطين بهذه الأحداث، واتخاذ الإجراءات القانونية  بحقهم”. مشيرا إلى أن اللجنة ملزمة بإكمال مهامها خلال خمسة أيام.
 
وفضلا عن أن العراقيين يعرفون أن الحكومة إذا ما أرادت أن تسوّف قضية ما، فستقترح تشكيل لجنة لها، بالنظر إلى سوابقها العديدة مع اللجان، فإنه بدا من المضحك بالنسبة إلى المتظاهرين أن تشارك شخصيات متهمة بقمع حركة الاحتجاج في التحقيق لتحديد المتورطين.
 
ولم تتأخر أطراف مكلفة بالمشاركة في التحقيقات في الشروع بتفصيل “حقائق” على مقاس السلطة، حيث أعلن مجلس القضاء الأعلى، الذي يدير شؤون القضاء في العراق، الأحد، عن الحصيلة النهائية لقضايا الموقوفين من المتظاهرين، مبينا بأن عددهم يبلغ 21 موقوفا.
 
وأثار الرقم موجة واسعة من السخرية، كون العدد المقدّر من قبل مشاركين في الاحتجاجات يشير إلى وجود المئات من المعتقلين الذين يخشى أهاليهم أن يحالوا على الإخفاء القسري الشائع استخدامه في العراق ضدّ معارضي النظام وأعدائه.
 
وتؤكد مصادر واسعة الاطلاع في بغداد لـ“العرب” أن “تكليف وزير التخطيط السني نوري الدليمي، برئاسة لجنة تحقيقية لمعرفة ملابسات مقتل وجرح واعتقال الآلاف من الشبان الشيعة المحتجين على النظام الموالي لإيران لا يعدو أكثر من محاولة لذرّ الرماد في العيون، إذ يعرف الجميع أن من يدير عملية التحقيق الآن هو رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض”.
 
وتوضح المصادر أن ما يفعله الفياض حاليا، ليس التحقيق لمعرفة الأسباب التي أدت إلى مقتل 200 وجرح نحو ستة آلاف واعتقال المئات في صفوف الشبان الذي خرجوا للتظاهر السلمي ضد الفساد وسوء الإدارة والفشل في تسيير شؤون الدولة، بل قيادة عمل استخباري لمطاردة النشطاء الذين يدعون للتظاهرات والصحافيين الذين يجرؤون على تغطيتها، فضلا عن جرد أسماء أكبر عدد من المتظاهرين لملاحقتهم عبر مراحل.
 
وعلمت “العرب” أن الفياض أصدر أوامر مباشرة لأجهزة الاستخبارات العراقية بالإفراج عن عدد من القناصين الذين أُلقي القبض عليهم خلال الاحتجاجات وهم يطلقون النار على المتظاهرين وعناصر الجيش على حد سواء.
 
وتشرح المصادر بأن الفياض يترأس الآن وحدة خاصة تتولى إصدار الأوامر الأمنية في مختلف مناطق البلاد، لمتابعة تحشيدات النشطاء وإلقاء القبض عليهم. مشيرة إلى أن الفياض يتلقى مشورات منتظمة من ضباط في الحرس الثوري الإيراني.
 
 
ويخشى الفياض ومن ورائه رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي أن تتحوّل الزيارة الأربعينية إلى مناسبة للاحتجاج ضد الحكومة، لاسيما مع التوقعات بمشاركة الملايين فيها، لذلك صدرت أوامر مشددة للحشد الشعبي بالجهوزية التامة، بهدف السيطرة على أي تظاهرة تندلع في كربلاء أو تتحرك منها صوب بغداد.
 
وتقول المصادر إن لدى الحشد الشعبي معلومات تشير إلى تحضيرات يقوم بها نشطاء، بهدف التحشيد لتظاهرة سياسية خلال زيارة الأربعين، على أن يرفع فيها شعار إسقاط النظام السياسي العراقي كليا، للاستفادة من التغطية الإعلامية الكبيرة المتوقعة لهذه المناسبات في العراق وإيران وأجزاء من لبنان وسوريا وغيرها.
 
ولا يترقب الحشد الشعبي موعد الزيارة الأربعينية فقط، بل كذلك يوم 25 من الشهر الجاري، إذ يتحدث نشطاء عن تحضيرات لتظاهرة مليونية.
 
وتؤكد المصادر أن الحشد الشعبي ومعظم القادة العراقيين الموالين لإيران، يقومون بالتنسيق مع الحرس الثوري الإيراني ومقاتلين من حزب الله اللبناني، بالتواصل عبر غرفة عمليات مشتركة لإدارة عملية السيطرة على تظاهرات متوقعة في غضون الأسبوعين القادمين.