موسكو تدرك جيدا دور الرياض وأبوظبي في قيادة المنطقة خلال هذه المرحلة.
 
عكس اختيار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على السعودية والإمارات، لتكونا معا وجهته في أول زيارة له إلى منطقة الخليج منذ اثني عشر عاما، منظور بلاده ومن ورائها مختلف القوى الكبرى، إلى الدولتين الخليجيتين باعتبارهما تشكّلان قاطرة مشتركة تقود المنطقة في هذه المرحلة الحساسة والمتوترة، وأنهما نجحتا، من خلال حفاظهما على مستوى عال من التنسيق والتعاون بينهما، في إقناع المجتمع الدولي، لا سيما دوله العظمى، في التوجّه إليهما ومخاطبتهما كوحدة متكاملة.
 
ويصف مراقبون العلاقات المتنامية بسرعة بين الإمارات والسعودية، وروسيا كما الصين وغيرهما من الدول المتقدمة بأنها “استثمار ذكي من قبل الرياض وأبوظبي في عامل التنافس بين تلك القوى، والتي تريد جميعها الاستفادة مما تعرضه السعودية والإمارات من فرص واعدة بفعل استقرارهما السياسي والأمني ورخائهما المادي”.
 
وحين يحلّ بوتين الاثنين في السعودية، ومن ثمّ الإمارات الثلاثاء، ستكون الملفات الاقتصادية حاضرة بقوة على جدول أعمال محادثاته مع قيادة البلدين، لكن الملفات السياسية والأمنية ستأخذ مكانها في المحادثات، نظرا لوجود مشتركات كثيرة في الرؤى والأهداف بين موسكو والرياض وأبوظبي.
 
العلاقات الروسية الخليجية المتنامية وجه من وجوه الاستثمار الذكي للرياض وأبوظبي في عامل التنافس بين الدول الكبرى
 
وقال محللون سياسيون إن السعودية والإمارات تشاركان روسيا عملية البحث عن مخارج للعديد من الملفات المؤثرة على الاستقرار الإقليمي والدولي والمتسببة في التوترات السياسية والأمنية، ذات التأثير المباشر على الأوضاع الاقتصادية. ومن هذا المنظور توقعت مصادر أن يتم خلال زيارة بوتين للسعودية والإمارات فتح ملفات سوريا والعراق وليبيا واليمن، إلى جانب ملف العلاقة مع إيران وما تثيره سياساتها من توترات في الإقليم.
 
وقال بوتين في لقاء صحافي عشية توجهه إلى الخليج إن موسكو تولي أهمية كبيرة لتعاونها المشترك مع الرياض لحل الأزمات الإقليمية، مشيرا إلى الطابع الاستراتيجي لعلاقة بلاده بدولة الإمارات التي قال عنها في حوار مع قنوات “روسيا اليوم” و“العربية” و“سكاي نيوز عربية” إنه ينظر إليها “كأحد شركائنا الواعدين والقريبين جدا”.
 
وأضاف لن “أكشف سرا كبيرا إذا قلت إننا على اتصال دائم مع قيادة الإمارات العربية المتحدة، بل ونشأت لدينا تقاليد وممارسة معينة، فلدينا إمكانية ضبط ساعات نشاطنا على توقيت واحد، في اتجاهات وقضايا مختلفة. ونقوم بذلك، لما فيه فائدة كبيرة لا لكلا الطرفين فحسب، بل وللمنطقة بأسرها”.
 
وعرض بوتين خلال حواره مع القنوات الثلاث الملف العراقي، محملا الولايات المتحدة وتصرفها خارج نطاق الشرعية الدولية مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في البلد. كما وصف ما جرى في ليبيا بـ“الفوضى.. التي لم تتوقف حتى الآن”. وفي الملف السوري دافع بوتين عن موقف بلاده الداعم لنظام الرئيس بشّار الأسد، معربا عن تفاؤله بإيجاد مخرج سلمي للأزمة، قائلا إنّ هذا “ما يجري الآن بالفعل مع بدء العملية السياسية نتيجة لتشكيل ما يسمى اللجنة الدستورية”.
 
وفيما يتعلق بإيران، وإجابة عن سؤال بشأن الهجوم الذي تعرّضت له منشآت نفط سعودية، واتهمت الرياض وواشنطن طهران بالوقوف خلفه، أدان بوتين “أي أعمال من هذا النوع”، مذكّرا بأنه أجرى اتصالات مع قيادة المملكة بشأن الحادث، وعبّر عن استعداد بلاده “لتقديم كل ما يطلب منها وكل ما لديها من أجل التحقيق في هذا الحادث بدقة”.
 
وعن حالة القلق التي تثيرها السياسات الإيرانية في المنطقة، قال الرئيس الروسي إنه يشاطر الإمارات والسعودية قلقهما، مستدركا “لكن حل أي خلاف يجب أن يتم بالحوار المباشر”. مؤكدا استعداد موسكو لاستخدام علاقاتها الجيدة مع العرب وإيران لخلق ديناميكية إيجابية للحوار.