«كل كاتب على هذا الكوكب المسمى الأرض، يحلم بأن يعطى جائزة نوبل يوماً ما». هكذا يقول بابلو نيرودا، شاعر الإسبانية، الذي حملها عام 1971. لكن ليس في كل عام نيرودا تمنح له.
ففي أعوام كثيرة يحل هذا التمجيد الأدبي على مجهولين ولا يفيدهم شيئاً إلا في قيمة الجائزة المالية التي أصبحت الآن مليون دولار. وفي أحيان أخرى تؤدي الشهرة إلى ثروات طائلة من ريع المؤلفات.

 


تحدد الجائزة لجنة دائمة من السويديين التي تقوم بدراسة 222 عملاً مرشحاً يبقى في تصفيتها الأخيرة نحو عشرة أعمال. وليست هناك مواصفات محددة، لكن غالباً ما تكون أعمال الفائز معبرة عن منحى إنساني ما في مجتمعه. وينطبق ذلك خصوصاً، على فوز كتابات نجيب محفوظ. وبسبب هذا العامل كان يوسف إدريس يعتقد أنه أحق بها. ولا شك أن اللجنة كانت تبحث لفترة عن مستحق عربي؛ لأن من أهدافها الإضاءة أيضاً على اللغات والمجتمعات الإثنية الكبرى. وقبل وبعد فوز محفوظ، كان بين المرشحين أدونيس، الذي تُرجمت أعماله إلى لغات عدة. وبعد انحسار الحديث عن فوزه، بدأ يتردد اسم أمين معلوف، الذي نال أعلى الجوائز الأدبية في فرنسا وإسبانيا. وزاد في الاحتمال انتخابه عضواً في الأكاديمية الفرنسية (مجمع الخالدين). يضاف أن رواياته وطروحاته تدور جميعاً حول «الوجهة الإنسانية» التي كانت شرط ألفرد نوبل الوحيد، إلى جانب الأهمية الأدبية.

 


على مدى السنين، سخر العالم من بعض الأسماء التي لم تعش أكثر من فترة الاحتفال. عام 1963 كان بابلو نيرودا هو المرشح شبه المؤكد، وجميع الأسرة الأدبية في العالم تتوقع ذلك. ويوم 10 أكتوبر (تشرين الأول) المحدد للإعلان عنها، جاء سفير السويد إلى منزله لكي يسمعا معاً نبأ الاحتفال، وحمل معه قالباً من الحلوى لهذه الغاية. وجلسا يصغيان إلى نشرة الأخبار فإذا المذيع يعلن أن الفائز هو شاعر يوناني يدعى جورج سيفريس.
استقبلا النبأ بصمت طويل. وأخيراً، كسر السفير السويدي حدة المفاجأة سائلاً نيرودا: هل لديك أي فكرة عمن يكون السيد سيفريس هذا؟ فقال نيرودا: «على الإطلاق». وما علينا إلا أن ننتظر براءة الجائزة لكي نعرف شيئاً عن سيرة الرجل وأعماله.

 


خريف 1971 جاء السفير السويدي إلى منزل نيرودا ومعه قالب من الحلوى. وبعد نشرة الأخبار احتفلا معاً بفوز أشهر شاعر في تاريخ أميركا اللاتينية. لا أعرف من هو السفير السويدي في فيينا، أو ما إذا كان يعرف شيئاً عن بيتر هاندكي، فائز هذا العام. إلى العام المقبل.