تكرس العلامات التجارية للوصول إلى جمهور واسع حصة متزايدة من ميزانياتها الإعلانية، للولوج إلى مواقع التواصل الاجتماعي التي تقودها "أيقونات" شابة تساعد على صياغة ثقافة مبيعات جديدة.
 
وقد خصصت صحيفة لوموند الفرنسية تحقيقا، انطلقت فيه من قصة الشاب البرازيلي الذي بدأ نشر صور سفره على إنستغرام قبل خمس سنوات أثناء دراسته للإدارة والاقتصاد في جامعة باريس دوفين، ليتحول به الأمر من مجرد هواية إلى أن يكون دوره مؤثرا، ومن ثم يتحصل على مهنة تكسبه المال.
 
وقالت الصحفية في تحقيقها إن المؤثرين أو المحفزين أصبحوا الآن ملايين في العالم، منهم نحو 150 ألفا في فرنسا فقط يضطلعون بمهام توصيل العلامات التجارية إلى مجتمعاتهم عبر الشبكات الاجتماعية، لأنهم يتمتعون بقوة هائلة باعتبار أنهم "وسائل الإعلام الجديدة".
 
قوة مثيرة للقلق
يقول أستاذ إستراتيجية العلامة التجارية بالمعهد الفرنسي للأزياء في باريس بنيامين سيميناور، إن مصطلح "المؤثر" يشبه إلى حد ما "المنوّم المغناطيسي"، وينطبق ذلك أيضا على نجمة مثل كايلي جينر (أصغر نجمات مجموعة كارداشيان) التي يتابعها 147 مليون شخص على إنستغرام، وهي أصغر مليونيرة في التاريخ.
 
وقالت الصحيفة إن قوة المؤثرين أصبحت تثير القلق منذ الكشف عن العديد من الممارسات الاحتيالية، مثل شراء المشتركين للإعلانات المقنعة أو المضللة، خاصة أن فابريزيو فريدا رئيس واحدة من أكبر مجموعات مستحضرات التجميل في العالم، أثار ضجة بإعلانه أن 75% من ميزانيته الإعلانية من الآن فصاعدا تم استثمارها في المجال الرقمي.
 
كما أنفقت شركة لوريال الفرنسية لمستحضرات التجميل 47% من نفقاتها الإعلانية على الوسائط الرقمية في النصف الأول من عام 2019، في حين تعمل 36 علامة تجارية للمجموعة مع 80 ألف مؤثر، وتقول مديرة الرقمية لوبوميرا روشيت إن هذا الأمر لن يتحقق إلا إذا وسعنا نطاق التأثير ليشمل حديث مجتمعات المشجعين.
 
 
وتقول الصحيفة الفرنسية إن عالم الجمال هو أول ما استوعب القضية، وقد حاول الجميع تقريبا الوصول إلى جمهور دولي دون مراعاة التسويق التقليدي، خاصة أن جيل الألفية -بحسب فلورنس تورك إبيرز مدير تطوير العملاء في سنغافورة- لا يجلس في غرفة المعيشة يشاهد التلفزيون، بل يقضي حياته على الشبكات الاجتماعية، وخاصة في آسيا.
 
وينفق المعلنون الآن ما متوسطه 10% من ميزانية التسويق الخاصة بهم على عمليات الإغراء الخارجية هذه في جميع أنحاء العالم، وفقا لدراسة حديثة أجرتها شركة إي ماركيت الأميركية التي ترى أن هذه النفقات التي لا تعرف التراجع وتبلغ 8 مليارات دولار هذا العام، ستصل إلى 15 مليار دولار في عام 2022، إلا في الصين.
 
أخبار سيئة لوسائل الإعلام التقليدية
وأشارت الصحيفة إلى أن الاتجاه نفسه يوجد في فرنسا، حيث يمثل هذا القطاع ما يقرب من ربع النفقات الرقمية للمعلنين، وينمو بنحو 20% سنويا، ويقدره مكتب تصميم الإعلان بنحو 1.45 مليار يورو، ويصفه بأنه سوق مستقر عالميا، مما يعني أنه ينمو على قضم ميزانيات وسائل الإعلام التاريخية.
 
وبدأ محترفو الإعلانات في منتصف العقد الأول من القرن العشرين البحث عن وسائط جديدة، عندما انهارت الثقة بين المستهلكين والعلامات التجارية، ليتم الاعتماد على المدونين، ثم جاء فيسبوك ويوتيوب وإنستغرام مع ميزات الإعجاب والتبادل.
 
ويقول فرانك جيرفي الرئيس التنفيذي لشركة يوروب أكور رئيس اتحادية العلامات التجارية، إنه يأسف للذهاب إلى الوسطاء للتحدث مع العملاء، ويعترف أن هؤلاء القادمين الجدد قد قضوا وقتا للتواصل وإنشاء صلة دائمة مع مجتمعاتهم.
 
وإذا كان تقديم بعض المنتجات المجانية أو الدعوات كافيا لمكافأة المؤثرين قبل ثلاث سنوات، فإن ذلك الزمن قد ولى، كما يحذر مؤسس وكالة التأثير التسويقي "ريتش" غيوم دوكي تونون، موضحا أن فرص الحصول على إعلان دون مقابل ستكون نادرة على نحو متزايد.
 
ولا شك أن هذا الاحتراف سوف يسير جنبا إلى جنب مع ظهور لاعبين كبار في سوق التأثير على الإنترنت، كمجموعة من الوكالات الصغيرة المتخصصة في التأثير.
 
 
فريق تسويق خارج الأسوار
قال مؤسس ورئيس وكالة "أوكنيكسيون" أرنود بودري داسون إن المؤثرين لم يعودوا امتدادا للعلاقات العامة كما كانوا، ولا مكملا للاستثمارات الإعلانية، ولم يعد الكثير من المؤثرين يرغبون في الهدايا فحسب، بل يريدون المشاركة في عملية الخلق والابتكار، كما تقول عالمة الاجتماع كاثرين ليجيل، حتى إن المؤثرين أصبحوا هم فريق تسويق لوريال خارج أسوارها.
 
المبيعات المباشرة
تقول رئيسة تطوير إنستغرام جولي بيليه، إنه كان هناك الكثير من النقاش حول عملية الشراء، لذلك قررنا تلبية احتياجات المستخدمين وتقديم تجربة لا تشوبها شائبة، ولذلك فإن أكثر من 130 مليون مستخدم ينقرون شهريا على المنتج في لائحة التسوق، لمعرفة المزيد أو الحصول عليه على موقع التجارة الإلكترونية للعلامة التجارية المنتجة.
 
وتضيف أن البيع المباشر للعلامات التجارية عبر الحساب الشخصي للمتأثرين، بدأ اختباره للتو في الولايات المتحدة، وقد تم اقتراح هذه الإمكانية على أسماء عشرين أو أكثر من الأسماء الكبيرة في مجال الألعاب الرياضية والأزياء والتجميل.
 
وختمت الصحيفة التقرير بالقول إن كبار المؤثرين أصبحوا علامات تجارية بدورهم.