في مقال بصحيفة واشنطن بوست بعنوان "السياسة الخارجية الأميركية للبيع.. هل من مشتر آخر؟" علقت آن أبلباوم بأن أي أميركي -سواء كان ديمقراطيا أو جمهوريا أو مؤيدا لترامب أو رافضا له أو كان من ولاية جمهورية أو ديمقراطية- مدين لنفسه ولبلده بقراءة نص البيان الذي أعدته السفيرة السابقة بأوكرانيا ماري يوفانوفيتش للكونغرس، وأنه إذا كان يهتم بالدستور ويشعر بأي إخلاص للأفكار والمثل العليا التي شكلت السياسة الخارجية في القرن الماضي فسيجد هذا البيان مزعجا للغاية.
 
وعرفت الصحفيةُ يوفانوفيتش بأنها مسؤولة رسمية بالخارجية وخدمت مع عدد من الرؤساء من كلا الحزبين وأن إدارة ترامب أقالتها واستدعتها على وجه السرعة لأن حملتها ضد الفساد بأوكرانيا أزعجت -كما اتضح- بعض الفاسدين الذين تربطهم صلات أوكرانية. خاصة وأن حملتها ضد الفساد أزعجت كلا من إيغور فرومان وليف بارناس العميلين لرودولف جولياني صديق الرئيس ترامب وعمدة نيويورك السابق. وكانا قد نشرا شائعات عنها وصلت إلى مسامع الرئيس وصدقهما.
 
وأشارت الصحفية إلى بعض ما كتبته يوفانوفيتش في بيانها "كنت مع ذلك ميالة للشك أن الحكومة الأميركية اختارت إقالة سفير، على قدر معرفتي، بناء على مزاعم عارية عن الصحة ومزيفة من قبل أشخاص لديهم دوافع مشكوك فيها بوضوح".
 
ونبهت إلى أن فرومان وبارناس -اللذين اتهما مؤخرا "بالتحايل على القوانين الفدرالية ضد النفوذ الأجنبي"- لم يسعيا فقط لإزاحة سفير أميركي، بل سعيا بنجاح إلى تشويه وتقويض السياسة الخارجية لتقويض جهود أميركا المستمرة منذ عقود من أجل حكم القانون في أوكرانيا.
 
وأشارت إلى ما كتبته قبل أسبوعين بأن ترامب وجولياني "شرعا في تقويض كل برنامج أميركي وأوروبي بالمنطقة، وكل مبادر ة دبلوماسية وتعليمية وكل مثل أعلى أيدته الولايات المتحدة بهذا الجزء من العالم".
 
لكنها ترى الآن أن الوضع أسوأ بكثير، وأشارت إلى أن ترامب لم يتعقب فقط نظريات المؤامرة بأوكرانيا ولم يرغب فقط في أن تجري حكومتها تحقيقا مزيفا بحق أحد منافسيه، ولم يسع فقط لممارسة تأثير سياسي على النظام القضائي لبلد آخر، بل إنه فعل كل ذلك بناء على طلب جولياني من أجل مصالح الأخير الشخصية والمالية المباشرة.
 
ولهذا السبب لدى أميركا جهاز دبلوماسي، ولهذا السبب يُوظف أناس موالون للبلد وليس لحزب سياسي أو لمصلحة خاصة، ولمنع السياسة الأميركية من أن يصنعها أشخاص مثل جولياني وشخصيات فاعلة خاصة تستطيع تفادي اللوائح الأخلاقية ولا تدين بالولاء للولايات المتحدة وتعمل لمصالحها الشخصية وليس المصلحة الوطنية.
 
وترى الكاتبة أن الآثار المترتبة على ذلك هائلة، وأنه إذا كانت السياسة الخارجية معروضة للبيع الآن، فما عدد الأشخاص الآخرين الذين يحاولون شراءها؟
 
وقالت أيضا إن يوفانوفيتش لخصت هذا الأمر عندما كتبت أن "الضرر سيقع عندما ترى الجهات الفاعلة السيئة في بلدان وراء أوكرانيا مدى سهولة استخدام الخيال والتلميح للتلاعب بنظامنا".
 
واختتمت بالتساؤل: ما مدى التأكد من عدم وجود مصالح خاصة على المحك عندما وعد ترامب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه يمكن أن يغزو شمال سوريا؟ وهل يمكن أن نكون على يقين من أنه لا توجد مصالح خاصة تشكل العلاقات مع روسيا أو السعودية؟ وردت بأن الجواب: قطعا لا. وقالت إن البيت الأبيض هو الأكثر فسادا في تاريخ البلاد الحديث ولا يمكننا التأكد من أي شيء على الإطلاق.