من جديد وفي كل الادارات، تعلو صرخة خَرق التوازن الطائفي والمذهبي في كل مرة يحصل فيها الخرق على حساب طائفة او مذهب، وهذه المرة عَلت الصرخة من ديوان المحاسبة حيث أدّى ترؤس رئيس الديوان غرفة إضافية، وهو المنتمي الى الطائفة الشيعية، الى استنكار واحتجاج، باعتبار أنّ ذلك زاد عدد رؤساء الغرَف المُنتمين الى الطائفة الشيعية، عن أولئك المنتمين الى الطائفة السنية. وتروي مصادر مطّلعة كيفية حصول هذا الخلل، مشيرة الى أنّ نتائجه تشكّل خرقاً للتوازن المرسوم بدقة في ديوان المحاسبة، وفي الادارة عموماً.
 

وتشير المصادر الى أنّ رئيس ديوان المحاسبة القاضي محمد بدران، نفّذ خرقاً فاضحاً للميثاقية، تَمثّل بتجاوز الأعراف المتّبعة في توزيع الغرف مُناصفة بين المسيحيين والمسلمين، وبشكل متوازٍ ودقيق، بحيث بات للطائفة الشيعية 3 غرف بدل 2، و2 للسنّة و2 للموارنة و1 للأرثوذكس و1 أيضاً للكاثوليك.

وفي رأي المصادر، إنّ المخالفة الكبرى ارتكبها مجلس الوزراء، بتعيين القاضي بدران رئيساً لديوان المحاسبة، من ضمن 3 رؤساء غرف (2 من السنّة هما القاضيان جمال محمود وخالد عكاري، وشيعي واحد، أي بدران)، وهذا يخالف نصّ القانون رقم 222 الذي يُجيز لمجلس الوزراء تعيين خُمس رؤساء غرَف ديوان المحاسبة الثمانية، أي أقل من قاضيين، وكان يفترض الاكتفاء بتعيين القاضيين السنيين كحدّ أقصى، لعدم وجود رؤساء غرَف سنّة، لكنّ تعيين بدران جاء من ضمن صفقة التسوية والمحاصصة السياسية في التعيينات»، مشيرة إلى أنّ «الاتفاق - التسوية كان يقضي بأن يُعيّن بدران رئيساً إدارياً للديوان خلفاً للقاضي أحمد حمدان، لا يترأس غرفة، باعتبار أنّ هناك غرفتين يرأسهما قاضيان شيعيان، لا يزالان في منصبيهما، وقد شكّل ترؤسه غرفة إضافية خرقاً لـ«الكوتا» المحددة للشيعة، بغرفتين أسوة بالسّنة والموارنة».

 
 

وينصّ قانون توسيع ملاك القضاة ومدقّقي الحسابات في ديوان المحاسبة، رقم 222 الصادر في 2 نيسان 2012، على رفع عدد القضاة في ديوان المحاسبة من 36 إلى 50 قاضياً، ويتألف الملاك من الرئيس، المدعي العام لدى ديوان المحاسبة، 8 رؤساء غرف، 7 مستشارين، 3 معاونين للمدعي العام، والباقون هم مدققون.

وتنصّ المادة الثالثة من القانون، على تعديل المادة الخامسة من المرسوم الاشتراعي، رقم 118 تاريخ 12 حزيران 1959 وفق الآتي: يعيّن رؤساء الغرَف في ديوان المحاسبة بمرسوم يُتّخذ في مجلس الوزراء، بناء على اقتراح رئيس مجلس الوزراء من بين قضاة ديوان المحاسبة، من الدرجة الثامنة على الأقل، ويمكن عند الاقتضاء تعيين رؤساء الغرف في ديوان المحاسبة بمرسوم يتّخذ في مجلس الوزراء من بين القضاة العدليين، أو قضاة مجلس شورى الدولة، الذين هم في الدرجة الثامنة على الأقل، وأن لا يتعدّى العدد الخُمس، وتعطى الأولوية في التعيين لقضاة ديوان المحاسبة».

ويبدو أنّ هذا الخرق مُرتبط بأبعاد سياسية لا تقف عند حدود الخلل القانوني في رفع عدد الغرَف، أو خرق الميثاقية بزيادة حصّة طائفة وإعطائها امتيازاً على باقي الطوائف الأخرى. وتشير المصادر إلى أنّ هذا الأمر «سيُفضي إلى استئثار فئه معينة (الطائفة الشيعية) بغالبية الملفات المعروضة أو المُحالة على الديوان، والخشية من التعامل معها بخلفية سياسية، خصوصاً أنّ رئيس الديوان هو من يتولّى عملية توزيع ملفات الوزارات بطريقة استنسابية»، وأكدت المصادر أنّ «حزب الله» باتَ يمتلك ناصية قرار التدقيق بالملفات الحسابية للوزارات، خصوصاً تلك التابعة لخصومه السياسيين، مثل الوزارات المحسوبة على فريق الرابع عشر من آذار، أي تيّار «المستقبل» و«القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي».