يحتاج لبنان في هذه المرحلة الدقيقة سياسياً وإقتصادياً ومالياً وأكثر من اي وقت مضى الى مغتربيه، لأنّهم باتوا يشكّلون المصدر الرئيس لتأمين «النقد النادر»، أو «العملات الصعبة»، التي باتت شحيحة هذه الأيام في السوق وبين أيدي اللبنانيين، في ظل مخاوف من ارتفاع اسعارها مقابل سعر الليرة اللبنانية. علماً انّ هذه التحويلات تبلغ في الظروف الطبيعية نحو 7 الى 8 مليارات دولار، حسب إحصاءات مصرف لبنان.
 

ولذلك، وحسب اوساط إغترابية، جاء انعقاد المؤتمر الـ28 للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم (جامعة المغتربين) التي تأسست عام 1960 ايام الرئيس الراحل فؤاد شهاب، من حيث التوقيت والأهداف خطوة في محلها، في ظلّ البحث عن حلول للأزمة الاقتصاديّة والماليّة التي يُعوّل على المغتربين أن يساهموا في تفريجها عبر الإستمرار في ضخ تحويلاتهم الماليّة بالعملة الصعبة من بلدان انتشارهم الى الداخل اللبناني.

وقد أطلّت الجامعة الثقافية على الواقع اللبناني المأزوم، أولاً بوحدة موقف عكسها تنوّع الحضور في المؤتمر والكلمات التي أُلقيت خلاله، وذلك بعدما كانت هذه الجامعة في بعض الحقبات عرضة لإنقسامات ونزاعات شكّلت انعكاساً للإنقسامات والنزاعات بين مختلف القوى السياسية والطائفية، التي حاول كل منها شدّ الجامعة الى عرينه، أو تطييفها أو مذهبتها، علماً أنّها وفق ما اراد مؤسسوها، وكما ورد في قانون تأسيسها، هي جامعة وطنية وليست لفئة او جهة أو طائفة أو مذهب أو حزب، وانما جامعة توحّد طاقات المغتربين على إختلاف مشاربهم وتجعلها في خدمة الوطن الأُم.

وأطلّت الجامعة ثانياً من مؤتمرها على لبنان، الذي يكابد ازماته السياسية والاقتصادية والمالية، بانتخاب هيئة إدارية جديدة فازت كلها بالتزكية برئاسة عباس فواز (الرئيس السابق للمجلس القاري الافريقي)، وجاءت تشكيلة متنوعة تعكس تنوّع لبنان الوطني. وتوّجت هذه الهيئة انطلاقتها بإعلان فواز برنامج عمل الجامعة للمرحلة المقبلة، أجمع الحاضرون في المؤتمر على انّه يليق بواقع لبنان الراهن وبما ينبغي أن يكون عليه جسمه الاغترابي ودوره في النهوض السياسي والاقتصادي والمالي للبلاد.

وقد تضمن هذا البرنامج الآتي:

«أولاً: توحيد الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم:

1-1: فتح حوارات مع كافة الجهات المنشقة عن الجامعة ومع هيئات الجامعة في كل انحاء العالم.

1-2: تعيين لجنة قانونية من محامين مختصين ومحامين دوليين للعمل على تطبيق نظام الجامعة واقتراح تعديله حيث تدعو الضرورة بهدف تطويره مع مستجدات العصر.

ثانياً:

2-1: زيارات الى بلدان الاغتراب بهدف تنظيم وتفعيل الفروع والمجالس الوطنية واستحداث فروع ومجالس جديدة حيث تدعو الحاجة.

 
 

2-2: تدعيم العلاقات بين الجاليات اللبنانية في ما بينها من جهة وبينها وبين الدول المضيفة وشعوبها من جهة أخرى، من خلال الزيارات لهذه البلدان وعبر اقامة مؤتمرات وندوات فيها.

ثالثاً: العمل على انشاء اللوبي اللبناني العالمي من خلال عقد مؤتمرات دورية في لبنان للمغتربين والمتحدرين من أصل لبناني في كافة المجالات وعلى سبيل المثال لا الحصر:

- مؤتمر الحقوقيين اللبنانيين في العالم.
- مؤتمر الاطباء اللبنانيين في العالم.

- مؤتمر الإعلاميين اللبنانيين في العالم.
- مؤتمر المهندسين اللبنانيين في العالم.

- مؤتمر الاقتصاديين اللبنانيين في العالم.
- مؤتمر أعضاء وزراء ونواب وفاعليات سياسية سابقة وحالية من اصل لبناني في بلدان العالم.

تُعقد هذه المؤتمرات في العاصمة اللبنانية - بيروت، مركز الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، بنحو منفصل ودوري حسب الإختصاص، ويشارك فيها المختصون اللبنانيون المقيمون والمغتربون والمتحدرون من اصل لبناني. وتنبثق من هذه المؤتمرات لجنة متابعة لكل مؤتمر، وتجتمع هذه اللجان في بيروت تحت إشراف الجامعة لتشكّل معها اللوبي اللبناني العالمي.

ـ رابعاً: تعيين لجان شبابيّة قاريّة من كل القارات من اللبنانيين والمغتربين والمتحدرين من اصل لبناني.

خامساً: توسيع ملاك المكتب التنفيذي والإداري ليشمل: مدير مكتب، ديبلوماسي، خبير اقتصادي واجتماعي، ومدير اعلامي متخصّص في الاعلام وشبكات التواصل».

وفي اعتقاد الاوساط الاغترابية، انّ الهيئة الادارية الجديدة للجامعة الثقافية، بل الجامعة ككل، تنتظرها مسؤوليات كبيرة في هذه المرحلة وفي المراحل المقبلة، حيث يتعرّض الاغتراب لمخاطر كثيرة من اعمال خطف هنا وعقوبات هناك وحصار هنالك، ويشكّل التصدّي لكل هذه الاحداث بداية النهاية للأزمة التي فُرضت على الجامعة واستهدفت المغتربين.