لمصلحة من ترك الأكراد لمصيرهم المجهول؟
 

الأتراك يعبرون الحدود الشمالية لسوريا، لاحتلال منطقة واسعة سيُيطلقون عليها لقب المنطقة الآمنة، ذلك أنّه لم تعُد للحدود حُرمة ولا قدسية، ويمكن اجتيازها بيُسرٍ وسهولة، والذريعة الحاضرة: أمن الحدود التركية من الأخطار "الكردية". القوات المسلحة الروسية المنتشرة في قواعدها وعلى الأرض السورية منذ أكثر من أربع سنوات، تغضّ الطرف، فالمصالح الروسية فوق كلّ اعتبار، كذلك يسلك الإيرانيّون الذين تملأ ميليشياتهم الرحب على وسعه، لا يعترضون على الأتراك درءاً للمفاسد وصوناً للمصالح الشرعية الإيرانية في سوريا، أمّا النظام فهو مُهتمٌ بتأمين استمراريته، وطالما أنّ الحارسَيْن الأمينين على أمنه ونفوذه واستقراره موافقان على الاحتلال التركي المُخطّط لشمال سوريا، فهو لن يُشاغب كثيراً في وجه هذا التطور الخطير، وكان الأميركيّون قد انسحبوا من أراضٍ لم يجدوا فيها سوى المشاكل والخسائر الصافية، بلا أي جدوى تاركين الأكراد لمصيرٍ غامضٍ ومجهول، هؤلاء الذين قالوا عنهم عند رسم خرائط المنطقة وتمزّق أرضهم وتشتيت شملهم وهويّتهم: أيتام العالم، هاهم الأيتام اليوم بلا أبٍ ولا وليٍّ ولا نصير، إلاّ أنّ المُفجع المبكي في أحداث شمال سوريا، وفي خِضم هذا التشابك المُريع للمصالح على الأرض السورية "السائبة" هذه الأيام، أن  ينسى الجميع، أو يتناسى أماني السوريين بدولة مُوحّدة وعادلة ونظام ديمقراطي يُعيد لمّ شمل الشعب السوري ويحقن دماء أبنائه، ويعمل على إخراج هذه القوى المتصارعة تارةً، والمتحالفة تارةً أخرى على وحدة تراب سوريا ومستقبل أبنائها.