مياه كثيرة جرت منذ عودة زعيم الاتحاد الديمقراطي الكردي صالح مسلم محمد إلى مدينة القامشلي في أقصى الشمال السوري في أبريل/ نيسان 2011، قادما من معاقل حزب العمال الكردستاني التركي، في جبال قنديل بشمال العراق.
 
خلال السنوات الخمس الماضية نجح صالح مسلم في جعل حزبه وقوة الحماية الكردية المنبثقة عنه رقما صعبا في المعادلة السورية بعد طول تهميش. فقد سيطرت تلك المليشيات المحلية على الأقاليم والمناطق ذات الغالبية الكردية في شمال سوريا، ثم نجحت في انتزاع بلدة عين العرب (كوباني) من تنظيم الدولة الإسلامية مطلع عام 2015.
 
صحيح أن النجاح الأخير تم بتسهيل من أنقرة، و بغطاء جوي أمّنه التحالف الدولي الذي يقاتل التنظيم، لكن الأهم هو أنه فتح الباب لهذه القوة كي تتحول إلى فرس الرهان في هزيمة تنظيم الدولة لدى إدارة الرئيس باراك أوباما، بعد إخفاقاتها المتكررة في تفصيل معارضة سوريا المسلحة على مقاسها.
 
واتخذ هذا الدعم أشكالا أكثر تطورا مع إرسال الإدارة الأميركية 250 خبيرا عسكريا إلى مناطق الأكراد وإقامتهم قواعد تدريب في ثلاث مناطق هناك (رميلان، الحسكة، عين العرب) إلى جانب تأمينهم الغطاء الجوي لعملية التمدد التي نفذتها " قوات سوريا الديمقراطية"  باتجاه الرقة أو منبج، وهي قوات أنشأها الأكراد عام 2015 لتضم فئات عربية وآشورية وسريانية أملا في نزع الصفة القومية عن وحدات حماية الشعب.
 
أما سياسيا فلم يحقق الاتحاد الديمقراطي -بسبب موقفه الغامض من التعامل مع النظام وتشدد أنقرة اتجاه طموحاته- نجاحات موازية. إذ لم يجد مقعدا في مفاوضات جنيف، بعدما أعلن ممثلو إدارته المحلية نظاما اتحاديا. لكنه بالمقابل افتتح مكتبا تمثيليا له في موسكو.
 
وتفيد معلومات نشرتها " الحياة" اللندنية في 3 يوليو/ تموز الجاري أن أكراد سوريا أعدوا دستورا من 85 مادة ينص على اعتماد القامشلي عاصمة وعلى علَم للإقليم وتشكيل مجلس تنفيذي وآخر للشعب ووزارات بينها واحدة للخارجية وثانية للدفاع واعتبار "قوات سورية الديمقراطية" هي قوات الدفاع المسلحة في "الفدرالية الديمقراطية لروج آفا".
 
وقد تم الكشف عن الدستور بعد التقارب المفاجئ بين أنقرة حليفة المعارضة السورية، وموسكو حليفة نظام الرئيس بشار الأسد.
 
التغطية التالية تتناول أبرز تطورات الموقف الكردي خلال الشهور الأخيرة. وتضم جدولا زمنيا لتطور تنسيق الأكراد مع أميركا، ومقابلة مع متخصص في الشأن الكردي يتناول فيها الخلاف الأميركي التركي حول الأكراد وآفاق النظام الاتحادي الذي أعلنوه على ضوء تقارب أنقرة وموسكو. كما تضم مقالا حول أكراد سوريا في الحسابات التركية ومضمون ورقة بحثية حول أوراق حزب الاتحاد الديمقراطي وحساباته.