حزب “قلب تونس” يلوّح بفتح ملف الجهاز السري والاغتيالات السياسية حال فوزه بالانتخابات.
 
قطع نبيل القروي، المرشح إلى الدور الثاني في الانتخابات الرئاسية التونسية، الطريق أمام أي تحالف برلماني أو حكومي مع حركة النهضة الإسلامية التي أعلنت دعمها لخصمه قيس سعيد، لكنها ترسل إشارات مغايرة باتجاه القروي بالدعوة إلى إطلاق سراحه وضمان تكافؤ الفرص.
 
ولوح القروي في رسالة من سجنه بضواحي العاصمة تونس بأنه يدعم فتح الملفات الغامضة التي ارتبطت بحكم الإسلاميين (2013/2011) مثل الاغتيالات السياسية وتسفير المئات من الشباب التونسيين إلى بؤر التوتر وخاصة ليبيا وسوريا، في وقت أعلن فيه حزب “قلب تونس” الذي يرأسه القروي أن حركة النهضة كانت شريكا في تلفيق التهم له وسجنه.
 
وقال المتحدث باسم حملة القروي حاتم المليكي لـ”العرب” إن الرسالة الحادة وجهت إلى راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، معتبرا أن النهضة وحلفاءها في الحكم عمدوا إلى استعمال أجهزة الدولة لإقصاء نبيل القروي من سباق الانتخابات الرئاسية وحزبه قلب تونس من الانتخابات التشريعية.
 
وأعلن نبيل القروي، الأربعاء، أنه لن يدخل في تحالف مع حركة النهضة في حال فوزه في الانتخابات.
 
وأوضح المرشح المحبوس، في رسالة نشرت على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي، أن رفضه للتحالف مع النهضة يستند إلى وجود “شبهات قوية حول جرائم اغتيال لسياسيين وجنود وأمنيين ومدنيين”، لافتا إلى شبهات أخرى ترتبط بالتورط في “شبكات تسفير تونسيين إلى القتال في سوريا وإدارة جهاز سري”.
 
وتأتي رسالة القروي ضمن حرب كلامية بعد تصريحات سابقة لرئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي الذي أعلن أيضا في اجتماع شعبي عن رفض التحالف مع حزب “قلب تونس” لوجود شبهات فساد من حوله.
 
لكن الغنوشي عاد في تصريحات أخرى إلى تعديل خطابه ومحاولة امتصاص الغضب الذي انتاب أنصار حزب قلب تونس، في خطوة يعتقد مراقبون أنها تعكس أسلوب النهضة في المشهد السياسي، وهو أسلوب يقوم على المشي على الحبال المختلفة وإطلاق الرأي ونقيضه بما يسمح لها بعقد التحالفات.
 
ويرى مراقبون أن تصريحات قيادات حركة النهضة، وخاصة الغنوشي، تظهر مخاوف جدية من التطورات التي تعيشها البلاد، والتي قد تخرجهم من الحكم إلى المعارضة، ما يسمح لخصومهم بفتح ملفات كثيرة تدينهم، ويتردد على نطاق واسع أن نفوذها في القضاء هو ما يحول دون تحقيق ذلك.
 
وعبر المراقبون عن اعتقادهم بأن النهضة اضطرت لإطلاق تصريحات تنأى فيها عن دعم القروي بسبب هجرة جمهورها الانتخابي التقليدي إلى قيس سعيد والمرشحين الذين يرفعون شعارات عن تحقيق أهداف الثورة، وأنها تحاول استعادة هذا الجمهور ولو أدى الأمر إلى فتح جبهة أخرى مع الخصوم.
 
وتجد الحركة ذات الخلفية الإخوانية نفسها في وضع معقد خلال الانتخابات التشريعية، حيث تشير نوايا التصويت إلى أنها قد تخسر أكثر من نصف مقاعدها لفائدة المستقلين، وخاصة لفائدة قوائم تحالف الكرامة الذي يضم المئات من العناصر التي غادرت النهضة بسبب سياسة “التوافق”، وهو وضع يضعها تحت رحمة تحالف يمكن أن يكون محوره حزب قلب تونس، الذي يتزعمه القروي.
 
 
ويتنازع قلب تونس والنهضة، بحسب نتائج استطلاعات الرأي لنوايا التصويت قبل الفترة الانتخابية، من أجل الحصول على الأغلبية في البرلمان، لكن المؤشرات تقول إنه من الصعب على أي منهما تكوين حكومة دون “توافق” مع كتل برلمانية أخرى صغيرة، لكن تشتت الأصوات قد يقود إلى وضع شبيه بنتائج 2014 التي فرضت التحالف في البرلمان والحكومة بين النهضة ونداء تونس بقيادة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي.
 
والنهضة متواجدة في السلطة منذ أول انتخابات ديمقراطية بعد الثورة عام 2011 بينما يعد حزب قلب تونس ناشئا ويقوده نبيل القروي رجل الأعمال في قطاع الإعلام والإعلانات.
 
وحمّل حزب قلب تونس، الأربعاء، حركة النهضة مسؤولية استمرار وجود مرشحه للانتخابات الرئاسية نبيل القروي في السجن، متهما إياها بأنها وراء “إقصائه” من المشهد السياسي.
 
وأكد الحزب الليبرالي خلال مؤتمر صحافي عقده بالعاصمة حاتم المليكي المتحدث باسم “قلب تونس”، أنه لن يتحالف مع حركة النهضة.
 
وقال المليكي “الائتلاف الحاكم الذي تقوده حركة النهضة يرفض التداول السلمي للحكم، وحاول من خلال تعديل القانون الانتخابي إقصاء نبيل القروي”.
 
وأضاف “تبيّن للجميع أن هناك حالة استقطاب وفوضى سببها حركة النهضة، بهدف مواصلة الحكم والبقاء في السلطة”.
 
ولفت إلى أن “القروي وحزبه ينبهان هذه الأطراف التي تريد تسميم المشهد السياسي بأن الشعب سيرد الفعل عبر صناديق الاقتراع”، في إشارة إلى النهضة وحزب تحيا تونس بقيادة رئيس الحكومة يوسف الشاهد.
 
من جانبه، قال القيادي في حزب قلب تونس، أسامة الخليفي “نحن جاهزون للتحالف مع كل الأطياف السياسية ما عدا حركة النهضة، التي كانت سببا في تفقير الشعب وتجويعه”.
 
وأكدت سميرة الشواشي الناطقة باسم الحزب، “رفض أي تحالف مع حركة النهضة وتحيا تونس”، معتبرة أنهما يريدان “إبقاءه (القروي) في السجن حتى لا نحصل على مقاعد الأغلبية في الانتخابات التشريعية، ولكن سيكون لنا ذلك لإنقاذ تونس”.