شدد رئيس الجمهورية ميشال عون بحسب ما نقل زواره لصحيفة "الجمهورية" على انّه "لن يحصل انهيار مالي واقتصادي كما يتخوّف البعض"، داعيا "اللبنانيين الى عدم الخوف والذعر وتجنب الانجراف خلف موجة التهويل والشائعات التي يجري توجيهها عن بُعد".
 
ولفت عون الى ان "المعنيين بالملف المالي والنقدي أكّدوا له أنّ الامور الأساسية متوافرة وثابتة، إلاّ انّهم اشتكوا من تداعيات التشويش والضغط المتأتيان من بعض الاعلام والسياسيين"، مشدداً على أنّ "هناك جهات سياسية واعلامية تُضخّم الازمة وتستثمر فيها لحسابات خاصة وضيّقة"، مستغربا "الفلتان الأخلاقي لدى البعض، والذي انعكس شتماً وإهانة لرئيس الجمهورية، تحت شعار الاحتجاج على الاوضاع السائدة"، لافتاً الى انّه محصّن على المستوى الشخصي ضد كل هذه الاساءات والحملات التي لا تهزّه، لأنّ ضميره مرتاح ويديه نظيفتان.
 
وأوضح عون أمام زواره انّه يحترم حق التظاهر الذي هو حق مقدّس، "إلاّ انّ احترام هذا الحق لا يعني السماح باستباحة مقام رئاسة الجمهورية"، منبّهاً الى انّ "الزعران يتسلّلون الى صفوف الاوادم ويتلطون خلفهم لافتعال الشغب واطلاق الهتافات المشينة، في سياق استهداف سياسي يتجاوز السقف المطلبي"، معتبرا ان "التظاهر في هذه المرحلة غير مفيد، لأنّ الدولة منكبّة على معالجة ما يشكو منه الناس من جهة، وكي لا يتسلل اصحاب الاجندات المشبوهة داخلياً وخارجياً الى الشارع لاستغلال المطالب، من جهة ثانية"،، لافتا الى ان "عندما تصبح هناك حاجة الى رفع الصوت والتحرّك في الشارع، فلن يتردّد في دعوة الناس الى التظاهر حيث يجب ومحاسبة المسؤولين الحقيقيين عمّا وصل اليه لبنان".
 
ولفت عون الى انه تسلّم منذ ثلاث سنوات دولة غارقة في ازماتها المالية والاقتصادية وعمل على اخراجها منها"، ملاحظاً في المقابل انّ "اللبنانيين لم يستمعوا الى التحذيرات والنصائح التي اطلقها للتمعن في الحقائق المجرّدة والتدقيق في خياراتهم، إذ ما حصل أنّ جزءاً كبيراً منهم عاود انتخاب الاشخاص المسؤولين أساساً عن صنع الازمة وتورمها، ثم راحت هذه الشريحة لاحقاً تتذمر من الواقع المستنسخ الذي ساهمت، هي ولو جزئياً، في إعادة انتاجه"، مشددا على ان "الوضع الاقتصادي والمالي صعب، غير أنّ معالجته ليست مستحيلة، وكل المطلوب هو ان نخفف المصاريف والاعباء حتى الحدود القصوى لنتمكن من تخفيض العجز جدياً، وذلك بالترافق مع تنشيط الاستثمارات وتحقيق قفزات نوعية من الاقتصاد الريعي الى الاقتصاد المنتج، لأنّ الانتاج وحده هو الذي يؤمّن الحماية او الحصانة الحقيقية لليرة".
 
واكد أنّ "الدولار ممسوك وموجود، ومع ذلك يجب التشجيع على التداول بالعملة الوطنية في كل النواحي، بل ينبغي أن يكون استخدامها الزامياً وفق قانون النقد والتسليف الذي يتضمن عقوبات في حق من يهدّد سلامة النقد الوطني ويمتنع عن استعماله"، مستعيدا "سيناريو إسقاط بنك أنترا الذي تهافت عليه المودعون بكثافة لسحب ودائعهم تحت وطأة الهلع، وصار كل منهم يتأثر في سلوكه بالآخر، ما أدّى الى انهيار البنك الذي اصبح في نهاية المطاف عاجزاً عن تلبية احتياجات كل زبائنه الذين تدفقوا عليه في وقت واحد"، لافتاً الى انّ "هناك على ما يبدو، من يريد تعميم تجربة انترا على الدولة اللبنانية ككل".
 
وكشف الرئيس عون بحسب زواره أن في حوزته مؤشرات مقنعة ومتينة تفيد أنّ جانباً من احتجاجات الشارع لم يكن بريئاً، وان هناك من تولّى توجيهها وتوظيفها سياسياً، وانّ التحقيقات بيّنت أنّ أرقاماً هاتفية خارجية، عابرة للحدود، تواصلت مع البعض في الداخل خلال التحرّكات الاخيرة، مؤكدا ان "هناك استهدافاً منهجياً للعهد، بتحريض من جهات في الخارج واستجابة من قوى في الداخل، وأنا موجود الآن في قلب المعركة، أخوضها بقوة وثقة دفاعاً عن المصالح العليا للشعب اللبناني، وكل ما أطلبه من هذا الشعب ان يقف على الحياد، إذا كان لا يريد ان يشاركني في هذه المعركة"، مشددا على انه معتاد على ان يواجه بمفرده أياً تكن التبعات، "متسلحاً بالحق الذي هو أفضل وأقوى حليف"، وانّ "تاريخه يثبت ذلك، وكذلك خطابه الاخير في الامم المتحدة، حيث جاهر من قلب الولايات المتحدة والمنظمة الدولية بقناعاته الوطنية التي يبدو ان هناك من انزعج منها، وترجم هذا الانزعاج على طريقته".
 
وأشار إلى انه تلقى في الماضي رسالة من الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد يبلغه فيها بأنه سيكون رئيس الجمهورية، فأجابه: ولكن، رئيس لأي جمهورية؟ ومن بعدها دفع ثمن هذا الموقف، وتعرّض للهجوم والنفي في محاولة لشطبه من المعادلة، ومع ذلك لم يخضع ولم يساوم على مبادئه، مستهجنا "إصرار بعض المشاركين في السلطة على اعتماد الخفة في مقاربة التحدّيات الداهمة، سواء عبر السعي المستمر الى تصفية حسابات سياسية وشخصية، أو من خلال التمسّك بمكتسبات منتفخة ومتراكمة، «من دون الأخذ في الاعتبار دقة الظروف الحالية وواقع الدولة التي لا يجوز الاستمرار في إرهاقها بأعباء وتنفيعات لم تعد لدينا قدرة على تحمّلها".
 
وراى عون أنه في اللحظة المناسبة، سيرفع وتيرة التصدّي للمعرقلين والمعطلين ما لم يرتدعوا، "فأنا اتحكّم بتوقيت المواجهة ومنحاها، ولست من الذين يجري استدراجهم اليها"، مؤكدا ان "الحكومة ورئيسها سعد الحريري مستهدفان أيضاً، بدءاً من التسريبات المشبوهة حول ضرورة استقالة الحكومة، وصولاً الى التصويب على شخص الحريري".