في معظم خطاباته الدينية يشبعنا نائب الامين العام لحزب الله نعيم قاسم تنظيراً ويمطرنا بوابل من المواعظ حول الصبر والزهد ويدعونا الى ترشيد الانفاق في الأسرة وتجنب التبذير، ويعدنا بأننا نحن الفقراء سننال جنات عرضها السماوات والارض جزاء بما صبرنا، وهذا إن دل على شيء فعلى مدى انفصال الرجل عن واقعنا المرير، كيف لا وهو الذي يتولى -الى جانب موقعه كنائب للأمين العام وكعضو في شورى القرار- متابعة ملفي العمل النيابي والحكومي في الحزب، ويضع يده على جمعية التعليم الديني الاسلامي ومدارس المصطفى، ولديه حصة وازنة في معاهد المسار والآفاق التي تنتشر فروعها في الضاحية والجنوب والبقاع، وقد استغل نفوذه لتوظيف ابنه في شركة اوجيرو بمنصب مرموق، واشترى لابنه الآخر منذ مدة شقة يزيد ثمنها عن ٣٠٠ الف$ في منطقة معوض في الضاحية الجنوبية، ولعل ما خفي من أملاكه كان أعظم.

نعيم البرجوازي هذا هو نفسه صاحب المقولة الانتخابية الشهيرة التي اطلقها امام حشد بقاعي خلال الاعلان عن الحملة الانتخابية للحزب في بعلبك الهرمل :"يعني اذا زعلت بتتزفت الطريق؟!"
يومها استهان نعيم بكرامتنا واستخف عقولنا محمّلا بفائض من التكبر والاستعلاء والغطرسة افقده توازنه، وقيل ان معلمه قرّعه بعد ذلك التصريح الأرعن وسحب منه ملف الانتخابات، لا لأنه أخطأ القول، بل لأنه قال في العلن ما يقوله الحزب في السر، وكاد يُخسر تنظيمه الانتخابات في البقاع.

ولمن لا يعلم، فإن جمعية التعليم الديني التي يرأسها نعيم أُسست بأموال التبرعات التي دفعها المتمولون الشيعة في لبنان ودول الخليج، وكان هدفها نشر المفاهيم الاسلامية في المدارس الرسمية والخاصة، وتم لاحقا تأسيس مدارس المصطفى التابعة لها لكي تُعنى بتعليم الفقراء والايتام وابناء الشهداء، ولكنها تحولت الى ملك خاص لنعيم الذي استفرد بقرار الجمعية بعدما ابعد باقي المؤسسين، وكان أبرزهم الشيخ علي سنان الذي رفض الدخول في عالم السمسرات، فيما عيّن نعيم شقيقه محاسبا ماليا في المدرسة.

ومدارس المصطفى اليوم بفرعيها في حارة حريك وبلدة قصرنبا البقاعية باتت حكراً على ابناء الأغنياء ومسؤولي حزب الله المترفين، ولا يسمح للأيتام وابناء الشهداء بالتسجيل فيها بسبب غلاء اقساطها التي تعجز مؤسسة الشهيد على تغطيتها، علما ان المدرسة تستثني بعض ابناء الشهداء لأسباب معينة.

في الوقت الذي يعاني عناصر الحزب من شظف العيش ويكابدون صعوبات الحياة، يعيش نعيم وأقرانه من مسؤولي الحزب حالة من الترف، ومع ذلك نراهم ينظّرون على الشعب الفقير ويتهمون المنتفضين على السلطة الحاكمة بخدمة اجندات خارجية، ولا يقرون بحقٍّ ما لم يمر من تحت عباءتهم.
لعله قريبا سيأتي يوم يصحو فيه الناس من كبوتهم ليسقطوا عروش الذين طغوا باسم الدين والمقاومة، والا فمبارك عليهم نعيم وامثاله.