افتتحت في فندق "فور سيزنس" في وسط بيروت صباح اليوم، الدورة 19 للمؤتمر الإقليمي لدول البحر المتوسط بعنوان "الاستثمار في مستقبل مرن اقتصاديا وشامل للجميع"، ينظمه البنك الأوروبي للاستثمار برعاية رئيس الحكومة سعد الحريري ممثلا بوزير الدولة لشؤون الاستثمار والتكنولوجيا عادل افيوني، وفي إطار علاقة الشراكة بين البنك ولبنان، بحضور مسؤولين ومعنيين بالعلاقات الاورو-متوسطية.

 

افيوني
افتتح المؤتمر بكلمة لقال فيها: "موضوع المؤتمر هذا العام هو الاستثمار في مستقبل شمولي وقادر على التكيف لمنطقة البحر الأبيض المتوسط، ولبنان خير مكان لمناقشة هذه المواضيع وفي هذا التوقيت بالذات. فنحن شعب يتمتع بقدرة على التكيف فريدة، ونحن شعب يشكل عنوانا للتنوع وضرورة الشمولية، نعم يواجه لبنان تحديات، ونمر بمشاكل اقتصادية ومالية دقيقة، لكن ما تعلمناه من تاريخ بلدنا هو أننا شعب قادر على التكيف ومواجهة الصعوبات. أعلم أننا نفتقر إلى أشياء كثيرة وقد لا يكون لدينا اقتصاد العالم المتقدم، وقد لا يكون لدينا بيئة الاعمال المتطورة الموجودة في العالم المتقدم، ولكن لا شك أننا شعب يتمتع بالقدرة على التكيف والمواجهة".

أضاف: "كذلك ان التنوع وشمولية الاوسع وتضييق الهوة بين فئات الشعب اللبناني هي أهم أولوياتنا. لبنان بلد ذو تنوع فريد من نوعه ونموذج للتعايش بين الثقافات والأديان، وكثيرا ما كنا عبر التاريخ نشكل جسرا بين الحضارات. وجميعنا يعرف أن لبنان يطلق عليه غالبا سويسرا الشرق الأوسط، على أمل أن نصل إلى مرحلة يطلق فيها السويسريون على أنفسهم اسم لبنان الغرب. نواجه تحديات اقتصادية، ويشكل التنوع أمرا حيويا لخططنا للنمو والازدهار في المستقبل، فنحن نحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى تمكين كل مواطنينا ليسخروا طاقاتهم ومهاراتهم الفريدة وخبراتهم لزيادة إمكاناتنا ونمونا الاقتصادي".

وتابع: "لبنان عند مفترق طرق اليوم، وبلدنا يواجه تحديات اقتصادية ومالية دقيقة، بعضها بسبب مشاكل بنيوية نعاني منها منذ سنين، وبعضها بسبب الاوضاع الإقليمية وعدم الاستقرار في المنطقة ومفاعيلها على اقتصادنا. لكنني أريد أن أؤكد لكم أننا لن نستسلم للأزمة الاقتصادية. نحن كشعب لدينا القدرة للتغلب على العاصفة، ولدينا رأس المال البشري والكفاءات وميزة الابتكار والعلاقات والصداقات الدولية التي تمكننا من النهوض من الأزمة. وحكومتنا التي تشكلت قبل سبعة أشهر لديها مهمة أساسية ألا وهي إجراء الإصلاحات الجريئة والطموحة في الاقتصاد وفي الدولة لإيصال بلدنا إلى بر الأمان وحتى يتبوأ شعبنا المكانة التي يستحقها في الازدهار والنمو".

وقال: "لقد حان الوقت لكي يدخل لبنان في اقتصاد القرن الحادي والعشرين وان نلج الى الثورة الصناعية الرابعة، وأن نبني نموذجا اقتصاديا عصريا ومستداما يعتمد بدرجة أكبر على القطاعات الإنتاجية وبدرجة أقل على الوساطة، وأن نزيد صادراتنا ونقلل من نسبة وارداتنا، وأن نجذب المزيد من الاستثمارات الخارجية المباشرة وأن نخفف من الاقتراض. حان الوقت لكي نبني اقتصادا قائما على المعرفة يتيح الفرصة لشبابنا للتألق كقادة مبدعين، ولذلك نحتاج إلى اطلاق خطة جريئة وطموحة لإصلاح ماليتنا العامة واقتصادنا، والأهم من ذلك أننا بحاجة إلى تنفيذ هذه الخطة بطريقة سريعة وفعالة".

أضاف: "تدور الخطة الاقتصادية لحكومتنا حول أربعة أركان رئيسية:

1- إجراء إصلاحات مالية جريئة تخفض عجز الموازنة إلى مستويات مقبولة تعيد ثقة المستثمرين في وضعنا المالي، وتؤدي إلى انخفاض طبيعي في أسعار الفائدة المرتفعة التي تكبل النشاط الاقتصادي اليوم وتثقل كاهل خدمة الدين العام منذ فترة طويلة.

2- إجراء الإصلاحات الهيكلية في القطاع العام والاقتصاد وخاصة في القطاعات الرئيسية مثل قطاعي الاتصالات والكهرباء والنقل وغيرها من أجل تحقيق إنتاجية أفضل وشفافية أفضل ووضع حد للفساد والهدر في الإنفاق.

3- تحفيز النمو الاقتصادي عبر سلسلة من المشاريع الكبرى وهذا يعتمد بشكل أساسي على مشاريع سيدر والتي ستكون بدعم أصدقائنا وشركائنا الدوليين بما في ذلك مساهمة كبيرة من EIB والاتحاد الأوروبي، وهذا ما سيؤدي إلى تعزيز الحركة الاقتصادية وخلق فرص العمل وتحسين في بنيتنا التحتية نحن في امس الحاجة اليه.

4- إطلاق الإصلاحات الاقتصادية البنيوية واهمها التركيز على تنمية القطاعات الإنتاجية في اقتصادنا، وبناء بيئة أعمال جذابة تتميز بالقدرة التنافسية والكفاءة وتحذب الاستثمارات وتخلق فرص العمل وتعزز الابتكار والإبداع. طبعا لا يمكن أن نحقق الهدف المطلوب من النمو الا عبر جهود ودور القطاع الخاص، لكن دور الدولة اساسي والانطلاق بالاصلاحات والاستثمارات المطلوبة في القطاع العام له دور رئيسي في تسريع النمو والابتكار وهدفنا ان ندفع باستمرار بلدنا إلى الأمام. إن أهمية التعاون والتفاعل مع القطاع الخاص مهمة تقع على عاتقنا جميعا. واولوية الحكومة يحب ان تكون في دعم بيئة الاعمال في لبنان، وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي وخلق فرص العمل، والاستثمارات الأجنبية المباشرة".

وتابع: "نحن لا نستطيع النهوض من الازمة بمفردنا ونحن بحاجة إلى دعم أصدقائنا من الدول والمؤسسات في التمويل وفي الخبرات التقنية للسير في هذا التحول الذي طال انتظاره لاقتصادنا وللشعب اللبناني. لقد كان بنك الاستثمار الأوروبي شريكا وصديقا للبنان على المدى الطويل منذ أن بدأ نشاطه في البلاد عام 1978 ويعد بنك الاستثمار الأوروبي واحدا من المؤسسات المالية الدولية الرئيسية العاملة في لبنان، حيث قام بتمويل ما يزيد عن 2.3 مليار يورو من القروض لدعم المشاريع الاستثمارية على مر السنين وعبر القطاعين العام والخاص. ونتطلع إلى تعزيز هذه الشراكة الطويلة الأمد في إطار سيدر ومبادرة البنك الدولي للتكيف الاقتصادي".

وختم: "كما نعلم تعهد بنك الاستثمار الأوروبي بمبلغ 800 مليون يورو لتمويل مشاريع القطاع العام في لبنان حتى عام 2020 (منها 100 مليون يورو لمشاريع تعادل الشراكة مع القطاع الخاص). وجنبا إلى جنب مع غيرها من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأوروبي نفسه، تصل مساهمة الأوروبيين إلى ما يقرب من 40 بالمئة من إجمالي المبلغ الإجمالي المتعهد به في سيدر وباسم الشعب اللبناني والحكومة اللبنانية، اود ان اعبر عن الامتنان العميق والدائم لهذا الدعم القيم وعلى مدار السنين. وختاما، اود ان أحيي الجهود الهائلة لبنك الاستثمار الأوروبي والاتحاد الأوروبي لتعزيز الروابط التي تربط جميع بلداننا حول البحر المتوسط ودعم النمو الاقتصادي والتماسك الاجتماعي لشعوب المتوسط".

كلمات
بدوره، تحدث نائب رئيس البنك الأوروبي للاستثمار داريو سكانابييتشو عن استثمار البنك في منطقة البحر المتوسط في إطار التنمية الاقتصادية والبشرية، تلته الوزيرة المصرية سحر نصر عن مساهمات القطاع الخاص المصري في الاستثمار بالبنى التحتية المصرية وشراكته مع القطاع العام.

ثم تحدثت العضو في لجنة الحوار الوطني التونسي وداد بوشماوي عن الطموح إلى تحقيق العدالة والديمقراطية والمساواة في تونس وما تواجهه هذه الدولة والمنطقة من تحديات في ضوء أزمة اقتصادية واجتماعية قاربت "الكارثة".

وعرضت لدور الشباب في التنمية ومواجهة تداعيات الحروب في المنطقة، داعية إلى "توفير فرص عمل لهم وإلى تحسين البنى التحتية وإعادة بناء صورة المنطقة الملوثة بالاعتداءات الارهابية". وشددت على وجوب "تسريع عمليات الإصلاح والتركيز على التربية وبناء الثقة بين المسؤولين والشعب لانها أساس تأمين مستقبل افضل".

بدوره، تحدث وكيل وزير الشؤون الخارجية البولندي مارسن بروداتش عن انخراط بلاده في الجهود الدولية للمساعدة على "معالجة قضية النازحين السوريين وتقديم الدعم لهم وللدول المضيفة"، مشددا على أن "بولندا شريك أساسي في بنك الاستثمار الأوروبي بعد انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي".

طراف
وأخيرا، تحدث رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان السفير رالف طراف عن "الحاجة إلى التغيير والتعليم ودور القطاع الخاص لتحقيق التنمية الاقتصادية كقاطرة للاستثمار"، منبها الى "تدني استثمار القطاع الخاص في منطقة البحرالمتوسط التي تحتاج إلى حشد أكبر للتمويل".

واقترح من أجل "إلحاق المنطقة بقطار التنمية: الارتقاء بالبنى التحتية من كهرباء ونقل وتعليم وصحة، تعزيز سيادة القانون والحوكمة والثقة بالدولة أساسها زيادة الشفافية والمساءلة لحسن سير المؤسسات الرسمية وإرساء بيئة مناسبة للأعمال والمنافسة واعتماد إصلاحات جذرية وإعادة النظر في سياسات تشجيع الاستثمار لجذب الشركات الكبرى وإعادة النظر في المشتريات العامة".

وشدد على أن "الإصلاح والحوكمة يندرج في إطار برنامج سيدر"، مجددا التأكيد أن "أوروبا ولبنان يواجهان تحديات مشتركة ونحن هنا لتشارك الممارسات الفضلى".