تحية لبيروت الأحد صوت المنتشرين فيها ضدّ الفساد و الفاسدين بطريقة سلمية تحاول أوساط المتضررين أن تسيء لهذا الصوت اللبناني الأصيل بأعمال شغب لتقتل ما قتلته من نهوض لبناني من أزمة النفايات الى أزمة العقوبات .
 

قد يكونوا وحدهم من يملكون حسّ المسؤولية وروح الوطنية دون غيرهم من القابضين على جمر الفقر ودون أن تثير فيهم لسعة النار وجعاً ودفعاً نحو الإعتراض على طغمة أوصلت البلاد والعباد الى نهايات البؤس الذي لم تعد تصلح فيه أدوية المسكنات الى اجترحها باعة العقاقير في الحكومات المتعاقبة .

 

من تظاهر في الأمس عكس الصورة الحيّة للبنانيين يرفضون ذُل من أوصلهم الى الدرك الأسفل من النار غير خائفين من غضب أرباب السلطة وغير خاضعين لعصاها الغليظة. لقد قاموا من كل بيت وطني وانتشروا حيث يعلو الصوت في وجوه من جار من الحكاّم والحاكمين على اختلاف ربطات أعناقهم وسواء كانوا متحاصصين أو متخاصمين من طرفي الطبقة السياسية التي تتحكّم بموجب القوة وأدوات القهر في أناس ذلهم فقرهم لاتباع الرغيف بحيث يديرون معه كيفما دار وسواء كان هذا الرغيف من قمح أو من عصبية طائفية ومذهبية تحك جلود المتحسسين من جرب الطائفية التي عطلت فيهم إرادة الخير لصالح نزعة الشر اذ لا يتحركون لبؤسهم بالقدر الذي يموتون فيه دفاعاً عن تحريض طائفي وخطاب مذهبي لقد ملؤوا ساحات 8 و 14 آذار من أجل وضدّ النظام السوري ومن أجل وضدّ غابات السلاح والسيادة وشعارات أخرى كلها سقطت في تجربة جماعة 8 و14 آذار اذ أنهم هرولوا لملاقاة بعضهم البعض عند أول فرصة لتحاصص السلطة وكل منهم باع شعارات الرفض للآخر بقدر من الضرورة التي يوهمون فيها ويعمون فيها أبصار أنصارهم من خراف الطوائف .

 

وحدهم المتظاهرون صادقون في أوجاعهم المتعددة الجروح وهم الصفوة المختارة لشعب شبع من حليب الطائفية التي أرضعته من أثداء حروبها فكان شديداً ضدّ بعضه البعض وعنيفاً الى حدّ الموت والقتل فمات وقتل من أجل أن تعيش آلهته وهذا ما جعل منه مجرد شعب فاقد لوعيه فيما يخص حقه في التعليم وفي الاستشفاء وفي المسكن وفي المأكل وفي المشرب وفي ما توفره الدول لمواطنيها من ضرورات تحميه من ذل الجوع والمرض .

 

إقرأ أيضًا: وفد لفتح نيويورك

 

لقد انتهى الدور الذي كان فيه لبنان حيّاً في شعبه نتيجة ممارسات قيادات الطوائف والطائف التي امتهنت لعبة السلطة والمعارضة في آن واحد ووضعت كل قيادة طائفية الطائفة التي تمثلها في كيس سلطتها بحيث يخرجون الشعب اللبناني من أكياسهم ساعة يشاؤون ويعيدونه الى الأقفاص الجاهزة ساعة يشاؤون وبحيث تقتضي الضرورة الشخصية للجهة الآمرة والحاكمة فتكون الطائفة في خطر ومنقوصة الحقوق اذا لم يأت هذا أو ذاك رئيساً أو وزيراً أو نائباً وتصبح الطائفة في خطر اذا ما شعر رب من الأرباب بخطر شخصي عليه وعلى عائلته وتكون المصيبة الكبرى بالنسبة لرب بيت الطائفة اذا لم يحوش كل الوظائف لصالح من يدينون له بالولاء الشخصي بدءًا من الأقرب فالأقرب وتكون أم المصائب بالنسبة لرب مربوب اذا أشار شخص ما لشخص مقدس بإصبع سؤال فتثير حفيظة أمّة لا إله إلا الله مهددة بالويل والثبور في حين أنهم ينامون عن غنم يطالهم ويموتون عن غُرُم يصيبهم .

 

تحية لبيروت الأحد صوت المنتشرين فيها ضدّ الفساد و الفاسدين بطريقة سلمية تحاول أوساط المتضررين أن تسيء لهذا الصوت اللبناني الأصيل بأعمال شغب لتقتل ما قتلته من نهوض لبناني من أزمة النفايات الى أزمة العقوبات.