لقد أصبح لبنان الرسمي بسبب مواقف هذه العائلة وحساباتها وكأنه محسوب على المحور الايراني، بل وفي بعض التصريحات لوزير الخارجية نراه يزايد حتى على الايراني ومحور الممانعة.
 
 
حتى بالشرائع السماوية، تقسم فيها الذنوب والخطايا إلى نوعين ذنوب صغيرة حتى  وإن صنفت بخانة الذنوب إلا أنها لا تستوجب دخول جهنم فضلا عن الخلود فيها، بل لا تستوجب من مرتكبها إلا التوبة الصادقة مع الاستغفار وبيمشي الحال .. حتى أن من هذه الصغائر ما أطلق عليه القران الكريم تسمية " اللمم " كما ورد بالاية الكريمة : " الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ الآية [النجم:32] فكأنها متسامح عنها.
 
  ومن الذنوب أيضا ما أطلق عليه الشارع صفة " الكبائر " تلك التي يحتاج مرتكبها إلى عناية كبرى لطلب الاستغفار والمقدرة من الخروج من أثارها وتبعاتها المهلكة.
 
 هذا التوصيف بين الصغائر والكبائر، يمكن إسقاطه على الاداء السياسي وإدارة الشأن العام ... فكل ما نسمعه يوميا من فساد ابتداء من المحاصصة مرورا بنهب المال العام والصفقات وكل هذه الموبقات يمكن إدراجها على عظمتها وسوء مرتكبها بالفساد الاصغر بحيث يمكن الخروج منه بسهولة وبساطة عبر قرار سياسي صادق بالاقلاع عن ارتكابه مع تفعيل أجهزة الرقابة والقضاء والمساءلة بيمشي الحال.
 
  خطورة هذا الفساد الاصغر يكمن بتراكمه وانتشاره والاصرار عليه وإلا فإنه يبقى ضمن إطار المتحمل، ويمكن للبلد الاستمرار والبقاء على قيد الحياة ولو بحالة مرضية كالتي نعيشها هذه الايام.
 
 أما "الفساد الاكبر" بحسب رأيي فيكمن بالخيارات الاستراتيجية التي لا مناص حين ارتكابها من الويل والثبور وعظائم الامور والتي تودي بالبلاد والعباد إلى التهكلة إن نحن وقعنا بشركها.
 
  ما نشهده هذه الايام تحديدا هو أخطر من النوع الثاني، فالمنطقة على مفصل خطير والحرب الاميركية الايرانية وإن كانت رحاها تدور حتى الساعة بمطحنتها الاقتصادية والمالية إلا أن معظم المراقبين والمتابعين لا يخفون إمكانية انتقالها السريع إلى ميادين أخرى عسكرية وأمنية .
 
 الخطير بما يجري في لبنان الآن،  أنه وبالرغم من حساسية المرحلة نجدنا وكأننا متروكين بتحديد خياراتنا الاستراتيجية الكبرى التي على ضؤئها قد يتحدد مستقبل البلد، للعائلة الحاكمة من رئيس الجمهورية وصهره وبناته، ويأخذون البلد إلى خيارات مهلكة ومواقف كبرى فقط لحسابات شخصية أو حزبية صغيرة.
 
فقد أصبح "لبنان الرسمي" بسبب مواقف هذه العائلة وحساباتها وكأنه محسوب على المحور الايراني، بل وفي بعض التصريحات لوزير الخارجية نراه يزايد حتى على الايراني ومحور الممانعة، يحصل كل ذلك مع غياب شبه تام لباقي الاطراف السياسية ودورها في هذا السياق،،، فلا صوت لرئيس الحكومة، ولا دور "لضمانة" رئيس المجلس، ووليد بيك الحزين على اوسكاره وكأنه في عزلة، وباقي المكونات السياسية غائبة أو مغيبة أو مغيبة نفسها، أين القوات ؟ أين الكتائب؟أين المجتمع المدني ؟ أين الشخصيات المستقلة ؟ 
 
 لا ادري،،، هل ما يجري هو عن سابق تصور وتصميم ؟! وكأن المطلوب هو أخذ البلاد الى الهاوية وإسقاطه برهانات خطيرة فقط لزج حزب الله وحلفائه في اتون المواجهة الاميركية ومعه لبنان وحكومته وكل مؤسساته؟!!  فإذا كنا غارقين بالحديث عن تفاصيل الفساد الاصغر، فإن ما ينتظرنا من خطر حقيقي ووجودي إنما يكمن بالخيارات السياسية الاستراتيجية وفسادها الاكبر .